logo alelm
إنفوجرافيك| عالم صناعة السيارات الصينية على حافة الانهيار

على أطراف مدينة تشنغدو الصينية التي يقطنها أكثر من 21 مليون نسمة، تُباع آلاف السيارات الجديدة بخصومات غير مسبوقة تصل إلى أكثر من 60%، في مشهد يكشف عن أزمة خفية وراء بريق صناعة السيارات في الصين. فبعد سنوات من الدعم والسياسات الحكومية التي دفعت عجلة الإنتاج لتحقيق الريادة العالمية، بات السوق اليوم يعاني فائضًا ضخمًا يجعل المنافسة شرسة والربحية شبه مستحيلة لمعظم الشركات.

فائض إنتاج يهدد استقرار السوق

ووفقًا لتحقيق أجرته رويترز، تبدأ أسعار السيارات الكهربائية الصينية بأقل من 10 آلاف دولار، مقابل أكثر من 35 ألفًا في الولايات المتحدة، إلا أن فائض الإنتاج جعل معظم التجار في الصين عاجزين عن تحقيق أرباح، لتزداد التخفيضات وتتنوع الأساليب لتصريف المخزون؛ من إعادة تسجيل السيارات كـ”مباعة”، إلى بيعها عبر تجار مثل Zcar  أو حتى إعادة تصديرها كـ”مستعملة”، فيما ينتهي بعضها مهجورًا في مقابر السيارات.

تعكس هذه الممارسات فائضًا ضخمًا في سوق السيارات الصيني، ما ينذر بهزة مشابهة لأزمات العقارات والطاقة الشمسية. ويعود السبب لسياسات حكومية تركز على تعزيز المبيعات والنمو والتوظيف، بدعم من الحكومات المحلية، على حساب الربحية والمنافسة المستدامة.

قال الخبير الاقتصادي روبرت ميتشل إن اعتبار بكين صناعة السيارات “قطاعًا استراتيجيًا” يدفع حكام المقاطعات للتسابق على استضافة المصانع، ما يؤدي إلى تضاعف الاستثمارات بشكل يفوق حاجة السوق.

يكشف تقرير لرويترز، استند إلى مراجعة آلاف القوائم والوثائق ومقابلات مع فاعلين في القطاع، أن فائض العرض يُضعف سوق السيارات الصيني رغم تفوق العلامات المحلية في طرح الطرز الجديدة، إذ تقود السياسات الحكومية إلى صفقات خاسرة عبر سلسلة المبيعات.

تشكل صناعة السيارات نحو عُشر الاقتصاد الصيني، ما يجعل أزمتها مؤثرة على نطاق واسع. ورغم نفي بكين سابقًا وجود فائض إنتاج، تعهدت مؤخرًا بالحد من حروب الأسعار في قطاعات كالسيارات الكهربائية والطاقة الشمسية.

وبحسب معهد Gasgoo، تمتلك شركات السيارات الصينية قدرة إنتاجية تعادل ضعف إنتاجها العام الماضي (27.5 مليون سيارة)، وسط تراجع حاد في الطلب على سيارات البنزين وتوسع هائل في مصانع السيارات الكهربائية. وتتوقع AlixPartners أن تبقى فقط 15 من أصل 129 علامة كهربائية وهجينة في الصين قادرة على الصمود ماليًا بحلول 2030.

حرب أسعار شرسة

تدخل حرب الأسعار في سوق السيارات الصيني عامها الثالث، ويرى محللون أن الحل يكمن في خروج شركات عديدة من السوق، غير أن المسؤولين يخشون من تبعات ذلك على العمالة وإنفاق المستهلكين.

ووفقًا لهيئة صناعة السيارات الصينية، تراجعت حصة العلامات الأجنبية في سوق السيارات الصيني إلى 31% هذا العام مقابل 62% في 2020، بينما تخشى أوروبا من غزو السيارات الصينية الرخيصة لأسواقها، في حين تكاد الولايات المتحدة تحظرها تمامًا لدواعي الأمن القومي والمنافسة.سباقٌ لجذب مصانع السيارات الكهربائية

منذ التسعينيات وضعت بكين نصب عينيها قيادة التحول نحو السيارات الكهربائية، مدعومة ببرنامج حكومي بدأ عام 2009 بمليارات الدولارات. وفي 2017 أطلقت خطة طموحة لإنتاج 35 مليون سيارة سنويًا بحلول 2025، ما حفز السلطات المحلية على جذب المصانع، وبحلول العام الماضي، اقتربت الصين من الهدف بصناعة أكثر من 31 مليون مركبة، وفقًا لـهيئة صناعة السيارات الصينية.

أعادت المنافسة تشكيل قواعد السوق، إذ تقدم الحكومات المحلية حوافز مقابل أهداف إنتاج وإيرادات، ما يجعل الربحية ثانوية. وقد نجحت بعض الرهانات، مثل استقطاب مقاطعة تشانغفنغ لشركة BYD عبر أراضٍ رخيصة، ما أدى إلى طفرة اقتصادية رفعت نموها فوق المعدل الوطني لسنوات متتالية.

في 2022 اشترت شركة شاومي أراضي في ييتشوانغ ببكين لبناء مصنع سيارات كهربائية، وبحلول 2024 امتلكت مساحة تعادل 206 ملاعب كرة قدم بسعر أقل 22% من متوسط السوق. وفرضت بكين على المصنع تحقيق إيرادات سنوية لا تقل عن 47 مليار يوان (6.6 مليار دولار) عند التشغيل الكامل.

أعلنت قوانغتشو عن خطة لدعم ما يصل إلى ثلاثة مصنعين لمركبات الطاقة الجديدة بإنتاج سنوي يبلغ 500 ألف سيارة لكل منهم، مع تقديم حوافز تصل إلى 500 مليون يوان سنويًا للشركات التي تبني خطوط إنتاج وتحقق إنتاج 100 ألف سيارة خلال ثلاث سنوات، فيما لم تعلق السلطات على الخطة.

توقّع هي شياو بينغ، الرئيس التنفيذي والمؤسس المشارك لشركة السيارات الكهربائية الصينية الناشئة “إكس بينج”، في عام 2023 أن ثماني شركات فقط ستبقى قائمة بحلول عام 2030 مع حاجة كل منها لبيع 3 ملايين سيارة سنويًا.

ومن ناحية أخرى  وضعت بعض  الشركات الكبار مثل جيلي و BYD  أهدافًا بملايين السيارات، لكن الأرباح بدأت تتراجع. في حين أن معظم الشركات الأخرى تبيع كميات صغيرة، ومع ذلك توسّع إنتاجها استجابة لضغوط حكومية، خصوصًا الشركات المملوكة للدولة التي طُلب منها زيادة الحصة السوقية بدل التركيز على الربح.

مزادات ومقابر للسيارات غير المباعة

أقرت لانغ شيويهونغ، نائبة الأمين العام لاتحاد صناعة السيارات الصينية، بأن بعض التجار يبيعون بخسارة تصل إلى 20%، ووصفت الوضع بـ”غير المسبوق”. كما كشفت تقارير رويترز أن شركات مثل “نيتا” و”زيكر” ضخمت مبيعاتها عبر تسجيل سيارات لم تُبع فعليًا، حيث لجأت إلى تأمين المركبات مسبقًا لحجزها رسميًا وتحقيق الأهداف الشهرية.

بعض السيارات الجديدة غير المباعة تجد طريقها إلى مقابر السيارات، ما يستهلك مساحات كبيرة ويتسبب في مخاطر بيئية، فيما تُكدّس أخرى في مزادات طويلة الأمد تديرها منصات مثل علي بابا، غالبًا دون أن تجد مشترين.

ورصدت مراجعة لرويترز أكثر من 5100 إعلان مزاد هذا العام لسيارات BYD جديدة مؤمّنة ومسجّلة، مقارنة بـ61 فقط في 2024. كما عرضت المحاكم دفعات من سيارات غير مباعة لتجار متعثرين، بينها 94 سيارة من دونغفنغ هوندا ظهرت صورها مغطاة بالغبار والبلاستيك داخل مستودعات.

تُركت السيارات لتتراكم عليها الأتربة حتى عام 2023، حين عرضتها المحكمة في مزاد. وأكد التقييم أنها شبه جديدة من الداخل ونادرًا ما استُخدمت، رغم تكديسها في أماكن عشوائية بجوار متاجر وبجانب غسيل القرويين. لاحقًا، ظهرت هذه السيارات على منصات التواصل الاجتماعي، حيث باعها مذيعو البث المباشر بأسعار متدنية لا تتجاوز 9 آلاف دولار، أي ربع قيمتها الأصلية.

اقرأ أيضًا:

إنفوجرافيك| أسعار السيارات الكهربائية في الصين أرخص من ألمانيا وأمريكا.. ما السر؟

إنفوجرافيك| تصنيف أقوى السيارات في العالم 2025

إنفوجرافيك| إنتاج السيارات العالمي في 2024.. من يتصدر القائمة؟

شارك هذا المنشور:

المقالة السابقة

إنفوجرافيك| اغتيال حسن نصر الله.. تفاصيل جديدة تتكشّف

المقالة التالية

تفاصيل صفقة “تيك توك” الضخمة بأمريكا تتكشّف