على مدار عام 2025 تصدّر الذكاء الاصطناعي مشهد سوق العمل، مع اتساع موجة تسريح الموظفين في عدد من الشركات الكبرى التي أعادت توجيه استثماراتها نحو التقنيات الذكية.
الذكاء الاصطناعي يتصدر سوق العمل
وفي أكتوبر، أعلنت شركة أمازون عن الاستغناء عن 14 ألف موظف، موضحة أن القرار يأتي ضمن خططها لتعزيز الاستثمار في مشاريع تعتمد على الذكاء الاصطناعي.
كما كشف الرئيس التنفيذي لشركة سيلزفورس، مارك بينيوف، في سبتمبر، عن تسريح 4 آلاف موظف من وظائف دعم العملاء، مؤكدا أن أنظمة الذكاء الاصطناعي أصبحت قادرة على تنفيذ ما يصل إلى 50% من مهام الشركة، وهو ما يعزز توجه المؤسسات لاعتماد الأتمتة وتقليل القوى العاملة البشرية.
ووفقًا لتقرير شبكة “CNBC”، يعد عام 2025 الأسوأ من حيث تسريحات العمال المعلنة منذ عام 2009، وسط اتجاه العديد من الشركات الأمريكية والأوروبية، بما في ذلك أكسنتشر ولوفتهانزا وكلارنا، إلى تعزيز كفاءتها ومرونتها من خلال الاعتماد على تقنيات الذكاء الاصطناعي.
وأظهر تقرير صادر عن شركة تشالنجر، جراي، وكريسماس المتخصصة في إعادة توظيف العمال، أن الولايات المتحدة شهدت أعلى مستوى لتسريح العمال منذ عام 2003 في أكتوبر الماضي، حيث بلغ إجمالي الوظائف المفقودة 153,074 وظيفة، بزيادة 183% مقارنة بشهر سبتمبر، و175% مقارنة بنفس الشهر من العام الماضي.
السبب الحقيقي وراء تسريح الموظفين
ويواجه المهنيون الذين فقدوا وظائفهم بسبب الذكاء الاصطناعي، في ظل البيئة الاقتصادية المتوترة، تحديًا في تحديد مسارهم المهني القادم، سواء بالانتقال إلى صناعة جديدة أو تعزيز مهاراتهم لمواكبة المتطلبات الحديثة.
وأشار فابيان ستيفاني، الأستاذ المساعد في الذكاء الاصطناعي والعمل بمعهد أكسفورد للإنترنت، إلى أهمية “البقاء متشككين والتحقق”، محذرًا من أن بعض الشركات قد تستخدم الذكاء الاصطناعي كذريعة لتسريح العمال.
يتساءل الخبراء عما إذا كانت تسريحات العمال مرتبطة فعليًا بالذكاء الاصطناعي، إذ تشير بعض الشركات إلى أن السبب هو الأتمتة واستخدام الذكاء الاصطناعي، بينما قد تكون هناك عوامل أخرى تلعب دورًا، مثل التوظيف غير العادل في الماضي أو الانكماش الاقتصادي.
وأوضح ستيفاني، لبرنامج “ميك إت” على قناة سي إن بي سي، أن النصائح المتعلقة بالخطوة التالية التي ينبغي أن يتخذها الموظفون تعتمد بشكل كبير على معرفة ما إذا كان السبب فعليًا مرتبطًا بالأتمتة أم بعوامل أخرى.
وأوضح ستيفاني، أنه إذا لم تكن عمليات التسريح مرتبطة بالأتمتة، فإن الحل البسيط يكمن في البحث عن وظيفة مماثلة في شركة أخرى، مشيرًا إلى أن الطلب على بعض الوظائف مثل مطوري البرمجيات لا يزال مرتفعًا.
وأضاف أنه إذا أصبح الدور الوظيفي تدريجيًا عتيقًا بسبب الذكاء الاصطناعي، فقد يكون الوقت مناسبًا لبدء تحسين المهارات وتطويرها لمواكبة التغيرات في سوق العمل.
الحل الأمثل لمواكبة التطور
قال دانييل تشاو، كبير الاقتصاديين في Glassdoor، لشبكة CNBC Make It إن تحسين المهارات يمكن أن يكون وسيلة فعالة للانتقال إلى مسار وظيفي أفضل، مشيرًا إلى أنه سواء كانت التسريحات ناجمة عن الذكاء الاصطناعي أو أسباب أخرى، فمن المهم أن ينظر الموظفون إلى مجموعة المهارات التي يمتلكونها بالفعل، ويستثمرونها لصالح تميزهم في سوق العمل.
أوضح ستيفاني أن المهارات لا تأتي معزولة، مشيرة إلى أهمية النظر إلى مجموعة المهارات الكاملة التي يمتلكها أي محترف. على سبيل المثال، مطور البرامج قد يمتلك مهارات تقنية مثل البرمجة وتصحيح الأخطاء، إضافة إلى مهارات إدارة وتواصل. وأضاف أنه من المفيد تعلم مهارات قريبة من مجالك الحالي، مثل الإحصاء، بينما قد يكون تعلم فنون أو لغة أجنبية بعيدًا عن هذه المجموعة.
وأكدت ستيفاني، أن الاطلاع على “خريطة المهارات” الخاصة بك يساعد في اتخاذ قرارات واقعية بشأن مسارك المهني المستقبلي، ويفتح فرصًا جديدة دون الحاجة إلى استثمار كبير في وقت ومال، مثل الحصول على درجة علمية إضافية.
التعرف على الذكاء الاصطناعي
أصبحت معرفة الذكاء الاصطناعي مهارة أساسية، إذ يفضل أصحاب العمل توظيف الموظفين الذين يتفوقون في هذا المجال. وأظهر تقرير “المهارات الصاعدة” الصادر عن LinkedIn في وقت سابق من هذا العام أن معرفة الذكاء الاصطناعي جاءت في المركز الأول بين المهارات الأكثر إضافة إلى الملفات الشخصية، كما تصدرت قائمة المهارات التي يبحث عنها أصحاب العمل عند التوظيف.
قال دانييل، إنه كما أصبحت القدرة على الكتابة أو استخدام الكمبيوتر من المتطلبات الأساسية للعديد من الوظائف، من المرجح أن تصبح معرفة الذكاء الاصطناعي متطلبًا أساسيًا في المستقبل. وأضاف أن الموظفين الذين يستطيعون تجربة الذكاء الاصطناعي وتطبيقه عمليًا سيكونون أكثر قيمة للشركات.
واتفق ستيفاني مع هذا الرأي، مشيرًا إلى أن إظهار مهارات الذكاء الاصطناعي يدل على أن الموظف يواكب التكنولوجيا وفي المقدمة، وهو أمر يراه أصحاب العمل مفيدًا، مضيفًا أن هذه المهارات قد تشمل؛ كتابة المطالبات، استخدام برامج الدردشة الآلية، تصحيح أخطاء التعليمات البرمجية، أو معرفة كيفية التعامل مع المساعدات الذكية.
وأضاف ستيفاني، أن تطوير مهارات الذكاء الاصطناعي يجب أن يكمل خبراتك الحالية، مشيرًا إلى أن التعلم يجب أن يكون قريبًا من مجال عملك. على سبيل المثال، في العمليات التجارية، يكمن التطبيق العملي في تعلم كيفية التواصل مع الذكاء الاصطناعي للحصول على أفضل النتائج، بدلًا من تعلم البرمجة من الصفر.
أوضح ستيفاني، أن هناك مهارات ناعمة لا يستطيع الذكاء الاصطناعي القيام بها، مثل إدارة الفرق بفعالية، مشيرًا إلى أن تطوير هذه المهارات التكميلية، إلى جانب المهارات التقنية، يساعد المهنيين على التفوق، مثل إدارة مطوري البرمجيات وليس مجرد البرمجة نفسها.
اقرأ أيضًا:
الأنانية تتزايد في نماذج الذكاء الاصطناعي المتقدمة













