ساهم نظام العمل المطبّق حديثًا في إمارة الشارقة الإماراتية، والذي يتضمن العمل لأربعة أيام فقط، والحصول على 3 أيام راحة في الأسبوع، في ارتفاع عدد من المؤشرات والعوامل الإيجابية المتعلقة ببيئة العمل والإنتاجية للموظفين.
نجاح إماراتي
ووفقًا لوكالة الأنباء الرسمية في الإمارات، فقد اطّلع المجلس التنفيذي للشارقة في اجتماعه الأخير، على نتائج الدراسة، والتي ركزت على أثر التجربة الجديدة في قطاعات الشرطة، والبيئة، والموارد البشرية، والقطاع المالي.
ووجدت الدراسة أن هذا النظام، ساهم بالفعل، في ارتفاع مؤشرات جودة العمل، والكفاءة، والإنتاجية، وسرعة الإنجاز، ومستويات رضا الموظفين والمتعاملين.
ووجدت الدراسة أيضًا أن هذا النظام قد ساهم أيضًا في انخفاض نسبة الحوادث المرورية، والوفيات الناجمة عنها، بالمقارنة مع الربع الأول من عام 2021، بنسبة 40%، كما أدى إلى تحسين الأداء المالي للجهات الحكومية.
ومن إيجابيات الراحة 3 أيام أسبوعيًا، وفقًا للدراسة التي اطلع عليها المجلس التنفيذي للشارقة، انخفاض نسبة انبعاثات أول أكسيد الكربون، وثاني أكسيد الكبريت، وثاني أكسيد النيتروجين.
ومن منطلق النتائج الإيجابية لهذه التجربة نستعرض معكم خلال السطور التالية، ما يحتاج القادة والمدراء إلى معرفته قبل تجربة أسبوع عمل لمدة 4 أيام فقط.
على الرغم من عدم وجود طريقة سهلة لمعالجة المخاوف المتعلقة بكيفية (ومقدار) عملنا، تخبرنا الأبحاث أنه بغض النظر عما نقوم به، فإن التركيز الشامل طويل الأجل على رفاهية القوى العاملة هو أفضل طريق لتحقيق كل من السعادة والازدهار، ربما الجواب هو أربعة أيام عمل في الأسبوع، أو ربما شيء آخر، لكن يجب أن نبدأ بتقييم صادق لكيفية تأثير مقايضات الإنتاجية والوقت على رفاهية العمال.
مراجعة الأعباء
قبل تجربة أسبوع عمل مدته أربعة أيام، يجب أن يكون أصحاب العمل على دراية بعاملين مهمين، أولاً، يجب أن يكون تخفيض ساعات العمل مصحوبًا بمراجعة عبء العمل أو حتى تقليله، ثانيًا، يمكن أن يصبح وقت العمل أكثر كثافة وإجهادًا للعمال، حتى لو كانت هناك فوائد إنتاجية يجب الحصول عليها.
على الرغم من المكاسب التي حققها العمال من خلال جائحة كوفيد في زيادة المرونة في مكان عملهم، فإن أعباء العمل الأكبر تعني أن هناك القليل من الركود في النظام للناس ليقضوا بعض الوقت ويتعافون، فالآثار بدت واضحة، ففي عام 2020، أفاد 62٪ من الأشخاص أنهم عانوا من الإرهاق “كثيرًا” أو “كثيرًا جدًا” في الأشهر الثلاثة الماضية، وفي عام 2021، أفاد 67٪ من العمال أن الإجهاد والإرهاق قد زاد منذ الوباء، ربما ليس من المستغرب إذن أن تكتسب مبادرات مثل أسبوع العمل لمدة أربعة أيام، والعمل عن بُعد والهجين، والإجازة غير المحدودة المدفوعة الأجر، والحق في قطع الاتصال، شعبية في محاولة للتعامل مع عبء العمل الكبير.
لكن هل تقدم هذه الحلول حقًا التغيير للعمال؟ هل يمكنهم مساعدة الموظفين والمديرين على إعادة التوازن إلى المطالب؟ يشير مركز أبحاث UK Digital Futures at Work (Digit) التابع لمركز الأبحاث الممول من ESRC إلى أن الإجابات على هذه الأسئلة المعقدة.
التجربة النيوزلندية
في دراسة حديثة حول انتقال نيوزيلندا إلى أسبوع العمل الذي يستغرق أربعة أيام، وجد الباحثان “هيلين ديلاني” و”كاثرين كيسي” أنه لم يكن العمل مكثفًا بعد التغيير فحسب، بل كانت الضغوط الإدارية أيضًا متعلقة بقياس الأداء والمراقبة والإنتاجية، في حين يتم الترويج للعديد من الدراسات التي تحظى بتقدير جيد في أسبوع العمل لمدة أربعة أيام في وسائل الإعلام على أساس أن الإنتاجية لا ينبغي أن تنخفض (أو في الواقع، يجب أن تزيد) إذا تمت إدارة التغيير بشكل جيد.
تشير الأبحاث الحالية إلى أن مدى رغبة الناس في البقاء على اتصال خارج ساعات العمل غالبًا ما يعتمد على الفروق الفردية والظروف، فالبقاء على اتصال بالعمل خارج ساعات العمل يمكن أن يكون مرهقًا، لكن الطوعية والتفضيل الشخصي والدور الوظيفي يمكن أن يخفف من ذلك.
تدعو الأساليب المعاصرة لإدارة الأداء أيضًا إلى التساؤل عن مدى حق الأفراد في الاختيار عندما يتعلق الأمر بالعمل خارج ساعات العمل، إذ تظهر الأبحاث أن الأشخاص الذين لديهم أعباء عمل مكثفة يميلون إلى اجترار العمل خارج ساعات العمل ولا يمكنهم التوقف حتى يتم حل مشاكل عملهم.
ومن ناحية أخرى، أثبتت الأبحاث أن بعض الأشخاص يريدون أن يكونوا قادرين على تسجيل الوصول في العمل والبقاء على اتصال لأن ذلك يقلقهم أكثر عندما لا يشرفون على ما يجري، مما يمنعهم من الشعور بالسيطرة.
الموازنة بين تقليل ساعات وكثافة العمل
وجد البرنامج التجريبي لأسبوع العمل النيوزيلندي الذي يمتد لأربعة أيام أن الموظفين، لكي يتناسبوا مع “عملهم الحقيقي”، يأخذون فترات راحة أقصر ويقضون وقتًا أقل في التواصل الاجتماعي من أجل استئناف مهامهم.
تدق التجربة النيوزيلندية التي مدتها أربعة أيام عمل في الأسبوع بعض أجراس الإنذار، حيث أن التخفيضات في أيام العمل لم تخلق بالضرورة فوائد للرفاهية لأن العمال يكافحون من أجل تلبية متطلبات أدوارهم الوظيفية.
ربما يكون من الواضح أن الكثير من الدعاية حول نجاح تجربة أسبوع العمل في Microsoft Japan التي استمرت أربعة أيام استندت إلى كيفية زيادة الإنتاجية بشكل كبير خلال فترة الدراسة.
قد يحتاج أصحاب العمل إلى توخي الحذر بشأن تعزيز النواتج على الرفاهية إذا كانوا يريدون أن يُنظر إليهم على أنهم يستثمرون في توازن القوى العاملة بين العمل والحياة.
إيجاد الحلول
في حين أن أفكار الحق في قطع الاتصال أو أسبوع العمل لمدة أربعة أيام تستحق الثناء بوضوح وحسن النية، فهناك خطر في التركيز على مبادرات محددة، إذ ربما يبدو أسبوع العمل لمدة أربعة أيام رائعًا للعديد من الموظفين (وربما حتى مديريهم)! ولكن، كما هو الحال مع أشياء كثيرة، يكمن النجاح في التفاصيل.
ما سر التجويف العملاق الذي ظهر فجأة في شيلي؟