تحل اليوم الثلاثاء 5 يوليو ذكرى استقلال بلد المليون شهيد، إنها الجزائر البلد الذي كافح كثيرًا لينال الاستقلال والحرية، المقاومة الجزائرية ملحمة سطرت بطولات رجال ونساء رفضوا الظلم وقاوموا الاستعمار، وحفروا أسمائهم بالعرق والدم لينال أحفادهم الفخر والحرية.
في السطور التالية سنستعرض لكم بإيجاز بعض الفصول من بطولات شعب الجزائر.
المقاومة الجزائرية لها العديد من الصولات والجولات ففي 8 مايو عام 1945، خرجت تظاهرة حاشدة للمطالبة بالاستقلال، وجاءت على هامش الاحتفالات بانتصار الحلفاء على النازية، وهو ما واجهته قوات الاستعمار الفرنسي بقوة غاشمة حيث قمعت المتظاهرين في منطقة سطيف، التي تبعد 300 كيلومتر شرق الجزائر العاصمة، وهو ما أدى لسقوط آلاف الشهداء.
فتيل الغضب
البداية في سطيف عندما تجمع من 8 إلى 10 آلاف متظاهر للاحتفال بالنصر، تلبية لدعوة الاتحاد الشعبي وحزب الشعب الجزائري المحظور لرئيسه مصالي الحاج، حيث شهدت هذه التظاهرة ولأول مرة ظهور العلم الجزائري باللونين الأخضر والأبيض تتوسطه هلال ونجمة حمراوان، مع هتافات مطالبة بالاستقلال
عمدة المدينة غضب مما يحدث فأمر بضرورة إنزال اللافتات وفض التظاهرة، وهو ما رفضه الكشاف المسلم الشاب “بوزيد سعال”، صاحب الـ 26 عامًا الذي أصبح فيما بعد أيقونة للمقاومة، وأصر على رفع علم الجزائر، وهو الأمر الذي أشعل الأمور وأدى لمواجهات دامية بين الشرطة والمتظاهرين.
في المساء لم تهدأ الأمور، بل ازدادت حدة غضب الجزائريين تجاه المستوطنين الفرنسيين، لتتوسع التظاهرات لتشمل عدة مدن أخرى، مثل “قالمة” و”خراطة” و”بونة” (عنابة حاليا)، وتواصلت على مدار يومين.
التظاهرات المطالبة بالاستقلال توسعت، وهو ما أغضب الحكومة الموقتة للجنرال ديغول، مما دفعه لإصدار أوامره بقمع تلك التظاهرة بلا رحمة بقيادة الجنرال “دوفال”، وبالفعل تم إعلان الأحكام العرفية وحظر التجول، لمنع أي حركة على مسافة 150 كلم من سطيف وحتى الساحل، بجانب حملة اعتقالات موسعة شملت قيادات الحركة الوطنية، كما قامت القوات الفرنسية، بتنفيذ عمليات إعدام جائرة لأعضاء من الكشافة ومدنيين لمجرد الاشتباه فيهم.
قتل جائر
البطش الفرنسي طال قرى بأكملها حيث قامت قوات الاحتلال بعمليات قصف جوي أودت بحياة الآلاف لمجرد الاشتباه في إيواء هذه القرى والمدن لدعاة الاستقلال، كما لم تفرق فرنسا بين الرجال والنساء والأطفال والشيوخ في القتل والتنكيل.
الحملة الانتقامية بقيادة “دوفال”، نفذت 20 قصفًا جويًا، ودمرت حوالي 44 قرية، وذلك خلال 15 يومًا، إذ أجمع المؤرخون على أن صور المجازر الرهيبة التي عاشتها المنطقة خلال أحداث 8 مايو 1945 لا يمكن أن تنسى لأن الجريمة لا يمكن أن تموت بالتقادم.
وفي ذلك الوقت كتب الجنرال “دوفال” إلى حكومته قائلًا: ” لقد ضمنت لكم السلام لمدة عشر سنوات، والأمر متروك لكم لاستخدامه في المصالحة بين المجموعتين”.
وبالنسبة للبعض، فإن الحلقة الأولى من حرب الجزائر، التي اندلعت عام 1954 وانتهت باتفاقيات إيفيان واستقلال الجزائر عام 1962، قد بدأت فعلا في 1945.
وفي عام 2005، اعترف السفير الفرنسي بالجزائر رسمياً بأن هذه المجازر كانت “مأساة لا تغتفر، أما في عام 2015، شارك وزير الدولة الفرنسي للمحاربين القدامى جان مارك توديشيني في إحياء ذكرى المجازر في الجزائر، ووضع إكليلا من الزهور عند النصب التذكاري لبوزيد سعال أول قتيل في الثامن من مايو 1945.
عبد القادر الجزائري.. حكاية مقاوم الفرنسيين ومؤسس دولة الجزائر الحديثة