في الوقت الذي كان انتشار خدمات البث وتطبيقات المشاهدة بشكل لافت حول العالم في السنوات الأخيرة، دافعاً الكثيرين لمشاهدة حلقات متعددة من برنامج تليفزيوني أو مسلسل في جلسة واحدة؛ فإن دراسات حديثة أثبتت أن كثيرون أيضاً يقضون وقتاً أطول من المعتاد في مشاهدة التلفاز.
ويبدو مهماً طرح السؤال الآتي: هل يمكن أن يصبح هذا النشاط إشكالية أو سبباً للإدمان؟
حسب تقرير نشرته صحيفة “الشرق الأوسط” اللندنية، فإنه لا يتم تحديد مشكلة المشاهدة بنهم من خلال عدد الحلقات التي تمت مشاهدتها (رغم أن معظم الباحثين يتفقون على أنها على الأقل اثنتين على التوالي)، أو بعدد محدد من الساعات التي نقضيها أمام شاشة التلفزيون أو الكومبيوتر. كما هو الحال مع السلوكيات الأخرى التي تسبب الإدمان، إذ أن الأهم هو ما إذا كانت المشاهدة بنهم لها تأثير سلبي على جوانب أخرى من حياة الشخص، وذلك حسب قول مارك غريفيث، مدير وحدة أبحاث الألعاب الدولية وأستاذ الإدمان السلوكي في جامعة “نوتينغهام ترينت”.
أعراض إدمان التلفاز
ويرى غريفيث أن جميع السلوكيات التي تسبب الإدمان تتكون من 6 مكونات أساسية، وبخصوص المشاهدة بنهم فيمكن تحديد المكونات الستة كما يلي:
-
– أن تكون المشاهدة بنهم هي أهم شيء في حياة الشخص.
-
– أن ينخرط الشخص في المشاهدة بنهم كطريقة لتغيير مزاجه بشكل موثوق: ليشعر بتحسن على المدى القصير أو للهروب مؤقتاً من شيء سلبي في حياته.
-
– ظهور التأثير السلبي للمشاهدة الكثيفة على الجوانب الرئيسية من حياة الشخص مثل العلاقات والتعليم أو العمل (الصراع).
-
– زيادة عدد الساعات التي يقضيها الشخص في مشاهدة التلفاز كل يوم بشكل ملحوظ بمرور الوقت.
-
– أن يعاني الشخص من أعراض انسحاب نفسية أو فسيولوجية إذا كان غير قادر على المشاهدة بنهم.
-
– إذا تمكن الشخص مؤقتاً من التوقف عن المشاهدة بنهم، فعندما ينخرط في النشاط مرة أخرى، يعود مباشرة إلى الدورة التي كان عليها سابقاً (الانتكاس).
الأسباب التي تدفع إلى إدمان التلفاز
وحسب نتائج دراسة حديثة أجرى خلالها فريق بحثي في بولندا مسحاً على 645 شاباً، فقد أفاد جميعهم أنهم شاهدوا حلقتين على الأقل من عرض واحد في جلسة واحدة.
وباستخدام مجموعة من المقاييس، قرر الباحثون فهم بعض العوامل الكامنة وراء إشكالية المشاهدة بنهم، ليجدوا أن صعوبات التحكم في الانفعالات، وقلة سبق الإصرار (صعوبات في التخطيط وتقييم عواقب سلوك معين)، ومحاولة الهروب ونسيان المشاكل، والمراقبة لتجنب الشعور بالوحدة كانت من بين أكثر العوامل المرتبطة بشكل كبير بمشاهدة التلفاز بشراهة.
وكان الباحثون قد أفادوا في دراسة سابقة أن إشكالية مشاهدة المسلسلات بنهم لها ارتباط كبير بمتلازمة القلق والاكتئاب، فكلما زادت أعراض القلق والاكتئاب، زادت مشاهدة الشخص للتلفاز.
وبينما أشارت دراسات أخرى إلى نتائج مماثلة، فقد وجدت دراسة أجريت على البالغين التايوانيين، أن المشاهدة الكثيفة ترتبط بمشاكل الاكتئاب والقلق بشأن التفاعل الاجتماعي والشعور بالوحدة.
وهو ما ذهبت إليه أيضاً دراسة أمريكية، توصلت إلى أن هذا السلوك مرتبط بالاكتئاب وقلق التعلق، علماً بأن معظم الدراسات ذات الصلة أظهرت أيضاً أن الهروب من الواقع هو الدافع الرئيسي للمشاهدة بنهم.
وأظهرت الأبحاث أن المشاهدة بنهم التي تنطوي على مشاكل يبدو أنها مرتبطة بانخفاض الضمير الواعي (الذي يتسم بالاندفاع والإهمال وعدم التنظيم) والعصابية العالية (التي تتميز بالتوتر وعرضة للمشاعر السلبية). وهو ما نراه في السلوكيات الإدمانية بشكل عام.
[two-column]
معظم الدراسات ذات الصلة أظهرت أيضاً أن الهروب من الواقع هو الدافع الرئيسي للمشاهدة بنهم
[/two-column]
التخلص من إدمان التلفاز
وحسب غريفيث فأنه إذا كنت ترغب في تقليل عدد الحلقات التي تشاهدها في جلسة واحدة، فإن القاعدة الذهبية هي التوقف عن المشاهدة في منتصف الطريق خلال الحلقة، إذن أنه من الصعب حقاً التوقف عن المشاهدة في نهاية الحلقة لأنه غالباً ما ينتهي العرض بطريقة تجعلك تتوق لمشاهدة الحلقة التالية.
ويقترح أيضاً وضع حدود يومية واقعية، قائلاً: “بالنسبة لي، إنها ساعتان ونصف الساعة إذا كان لدي عمل في اليوم التالي، أو قد تصل إلى خمس ساعات إذا لم يكن لدي عمل. ولا تبدأ في المشاهدة إلا كمكافأة لنفسك بعد أن تفعل كل ما تحتاج إليه فيما يتعلق بالعمل والالتزامات الاجتماعية”.
اقرأ أيضًا
كيف ستقلل شركة ألعاب إدمان الألعاب؟