صحة

ماهي فوائد وأضرار الكورتيزون؟

أثارت الاستخدامات الواسعة لعقار الكورتيزون جدلًا طبيًا متصاعدًا، بعدما ثبتت فعاليته في تخفيف الالتهابات الحادة والآلام المزمنة، في مقابل تزايد المخاوف من آثاره الجانبية التي قد تصل إلى مضاعفات صحية خطيرة. وبينما يتردد كثيرون في تناوله خشية المضاعفات، يشير متخصصون إلى أن هذه المخاطر ترتبط أساسًا بإساءة الاستخدام، وليس بالدواء ذاته.

ويعد الكورتيزون، وفقًا لما ذكره موقع «Mayo Clinic»، أحد العقاقير المنتمية إلى فئة الستيرويدات القشرية، التي تعمل على تثبيط الاستجابات المناعية والالتهابية في الجسم، ما يجعله علاجًا أساسيًا في حالات:

  • التهابات المفاصل الروماتيزمية
  • الذئبة الحمراء
  • التهاب القولون التقرحي
  • الصدفية
  • التهابات الأوتار

ويلجأ إليه الأطباء، خاصة عبر الحقن الموضعية، عند فشل المسكنات التقليدية في السيطرة على الألم، أو حين تصبح الجراحة خيارًا لا مفر منه.

ما مخاطر الاستخدام المفرط للكورتيزون؟

لكن تلك الفوائد العلاجية الملموسة لم تمنع أطباء كثرًا من التحذير من الإفراط في استخدام الكورتيزون، إذ أفاد تقرير لموقع «Healthline» بأن الجرعات العالية، أو الاستمرار عليه لفترات طويلة، يؤديان إلى الإصابة بأمراض، منها:

  • ارتفاع ضغط الدم
  • السكري
  • هشاشة العظام
  • ضعف المناعة
  • تراكم الدهون في مناطق البطن والكتفين
  • مشكلات جلدية مثل جفاف البشرة وظهور الطفح والبثور.

وفي هذا السياق، أوضح الدكتور أحمد عبد العليم، أخصائي الأمراض الباطنية بمستشفى قصر العيني، أن «مشكلة الكورتيزون تكمن في اعتقاد بعض المرضى أنه مسكن سريع يمكن تناوله دون رقابة طبية، وهو ما يتسبب في أضرار بالغة، لاسيما لدى مرضى الضغط والسكر». وأضاف أن «توقف المريض عن تناوله فجأة، بعد اعتياد الجسم عليه، قد يؤدي إلى أزمة صحية حادة، بسبب حدوث خلل في إفراز الغدة الكظرية».

وتزداد أهمية التحذيرات مع تصاعد اللجوء إلى حقن الكورتيزون الموضعية لعلاج آلام المفاصل والظهر، حيث كشفت دراسة نشرتها مجلة «Journal of Bone and Joint Surgery» أن تلك الحقن، رغم فعاليتها في تخفيف الألم، قد تتسبب في تلف الأنسجة المحيطة، مع احتمالات ضعيفة لحدوث التهابات في موضع الحقن.

ورغم ذلك، يشدد الدكتور سامح المصري، استشاري العظام، على أن «الخطر الحقيقي ليس في الحقن ذاتها، وإنما في عدم الالتزام بتعليمات ما بعد الحقن، كالتوقف عن الإجهاد البدني، وترك المفصل يرتاح لعدة أيام». ولفت إلى أن «الاستخدام المفرط، بما يتجاوز 3 إلى 4 مرات سنويًا، يزيد احتمالات هشاشة العظام، خاصة لدى كبار السن».

كيف نسيطر على الأثار الجانبية لتناول الكورتيزون؟

وعلى مستوى السيطرة على الآثار الجانبية، أوصى تقرير لمنظمة «National Osteoporosis Foundation» بضرورة تناول مكملات الكالسيوم وفيتامين «د» خلال فترات العلاج الطويلة بالكورتيزون، مع إجراء فحوص دورية لقياس كثافة العظام، ومراقبة ضغط الدم ومستوى السكر.

وفيما يتعلق بمرضى السكري، ذكر الدكتور محمد شوقي، أستاذ الغدد الصماء، أن «الكورتيزون يرفع مستوى الجلوكوز في الدم، وقد يضطر الطبيب لتعديل جرعات الإنسولين أو أدوية السكر خلال فترة العلاج». ولفت إلى أن «التأثير يكون مؤقتًا، لكنه قد يشكل خطرًا إذا أهمل المريض متابعة مستوياته».

أما فيما يخص تأثيره على البصر، فحذرت الجمعية الأمريكية لطب العيون من أن الاستخدام المطول قد يسبب ارتفاع ضغط العين (الجلوكوما)، أو يؤدي إلى إعتام عدسة العين (الساد)، مشددة على أهمية الفحص الدوري للنظر، خاصة لدى كبار السن.

ورغم تلك التحذيرات، يرى الدكتور محمود الفقي، استشاري الروماتيزم، أن «الكورتيزون يظل أحد الأركان الأساسية في علاج كثير من الأمراض المناعية والالتهابية، لكن الإفراط في تناوله بلا داعٍ هو المشكلة». وأشار إلى أن «التخوفات المبالغ فيها تدفع بعض المرضى لرفضه رغم احتياجهم له، ما يؤدي لتفاقم حالاتهم».

كيف نحقق التوازن بين الاستفادة بفوائد الكورتيزون وتجنب أضراره؟

وفي محاولة لتحقيق التوازن بين الفوائد والمخاطر، أوضح تقرير نشره موقع «WebMD» أن الكورتيزون يمكن استخدامه بأمان إذا التزم المرضى بعدة خطوات، أولها تناول أقل جرعة ممكنة لأقصر مدة، وثانيها المتابعة المستمرة مع الطبيب.
كما أوصى بالتوقف التدريجي عن الدواء، بدلًا من الانقطاع المفاجئ، لتجنب متلازمة الانسحاب، التي تتمثل في إرهاق شديد، آلام بالجسم، وهبوط بضغط الدم.

وفيما يخص النساء الحوامل، أشارت دراسة لمجلة «American Journal of Obstetrics and Gynecology» إلى أن الكورتيزون قد يوصف أحيانًا لتقليل خطر الولادة المبكرة، لكنه يزيد احتمالات سكري الحمل أو ارتفاع الضغط، لذا ينبغي أن يكون استخدامه تحت رقابة صارمة.

وبالعودة إلى الجانب العلاجي، أبرزت أبحاث نشرتها «Mayo Clinic» أن حقن الكورتيزون توفر حلًا سريعًا وفعّالًا لتخفيف آلام المفاصل، وتمكّن المرضى من استعادة نشاطهم اليومي، لكنها ليست حلًا طويل الأمد، بل إجراء مكمّل يساعدهم على متابعة جلسات العلاج الطبيعي، وتحسين وظائف المفاصل.

وبحسب تقرير نشره موقع «Cleveland Clinic»، فإن فعالية الحقن تبدأ خلال 3 إلى 7 أيام، وتستمر غالبًا لشهرين، وقد تطول لدى بعض المرضى. بينما لا يُسمح بأكثر من 3 حقن في نفس المفصل سنويًا، تفاديًا لتآكل الغضاريف.

ويظل الحل الأمثل، وفقًا لتوصيات الجمعية الأمريكية لالتهابات المفاصل، هو «اعتبار الكورتيزون خيارًا علاجيًا مؤقتًا، بينما تبقى العلاجات الطبيعية والتمارين وتقوية العضلات هي الأساس في التعامل مع التهابات المفاصل المزمنة».

وعلى الرغم من بعض المبالغات المنتشرة بين العامة حول خطورة هذا الدواء، فإن الحقائق العلمية تؤكد أن الاستخدام الحكيم له، تحت إشراف طبي، يحقق نتائج إيجابية، دون أن يعرض صحة المريض لمخاطر غير مبررة.

اقرأ أيضًا:

  1. «أدوية أوزيمبيك».. فوائد صحية ومخاطر محتملة كبيرة
  2. محظور على هذه الفئة.. فوائد ومخاطر تناول العسل
  3. أهم مشروب للإنسان.. تعرّف على فوائد الماء للجسم