سياسة

ماذا نعرف عن محمد شاهين قيادي حماس الذي اغتاله الاحتلال في لبنان؟

نفذت طائرة إسرائيلية مسيّرة هجومًا دقيقًا استهدف سيارة على الطريق البحري لمدينة صيدا جنوبي لبنان، مما أدى إلى مقتل محمد شاهين، القيادي في الجناح العسكري لحركة «حماس»، في عملية أثارت توترًا إضافيًا عشية الموعد النهائي الجديد لانسحاب جيش الاحتلال من جنوب لبنان.

الهجوم، الذي وقع ظهر اليوم الاثنين، استهدف شاهين بينما كان يستقل سيارته عند المدخل الشمالي لمدينة صيدا قرب مبنى نقابة المهندسين، وأسفر عن احتراق المركبة بالكامل قبل أن تنتشل فرق الدفاع المدني جثمانه. وأفاد مصدر أمني لبناني لوكالة «رويترز» بأن المستهدف هو «مسؤول وحدة عسكرية في حماس»، بينما أعلن الجيش الإسرائيلي في بيان لاحق مسؤوليته عن العملية، قائلًا إنه «قتل مسؤولًا كبيرًا في الحركة»

لكن، من هو محمد شاهين؟ ولماذا جعلته إسرائيل هدفًا لهذا الاغتيال؟

بحسب هيئة البث الإسرائيلية، كان شاهين مسؤولًا بارزًا في «كتائب عز الدين القسام»، الذراع العسكرية لحماس في لبنان، كما وصفته «القناة 12» العبرية بأنه شخصية «مهمة». وأضافت إذاعة الجيش الإسرائيلي أن اسمه «غير معروف للجمهور الإسرائيلي»، لكنه كان أحد المقربين من القيادي البارز صالح العاروري، الذي اغتيل مطلع يناير الماضي في الضاحية الجنوبية لبيروت، ويُعتقد أنه كان على صلة وثيقة بـ«حزب الله».

أما رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية السابق في الجيش الإسرائيلي، تامير هايمان، فأشار إلى أن شاهين كان مسؤولًا عن «توجيه عمليات» الحركة في الضفة الغربية انطلاقًا من لبنان، وهي معلومات عززتها وسائل إعلام عبرية ربطت الاغتيال بتصاعد عمليات المقاومة في الضفة، أكثر من كونه مرتبطًا بغزة أو جنوب لبنان.

وكشفت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي كان يخضع لجلسة محاكمة في قضايا فساد، خرج من المحكمة بشكل مفاجئ للمصادقة على العملية، مما يعكس أهمية المستهدف بالنسبة لجهاز الأمن الإسرائيلي.

لماذا اكتسب هذا الاغتيال دلالة خاصة؟

جاءت عملية صيدا قبل يوم واحد فقط من الموعد النهائي المحدد لانسحاب قوات الاحتلال من جنوب لبنان، بموجب اتفاق وقف إطلاق النار مع «حزب الله» الذي دخل حيز التنفيذ في نوفمبر الماضي.

وكان الاتفاق يقضي بانسحاب الجيش الإسرائيلي من كامل الأراضي اللبنانية التي توغل فيها، مقابل انسحاب مقاتلي الحزب من جنوب نهر الليطاني، وتمديد انتشار الجيش اللبناني وقوات «اليونيفيل». غير أن المهلة الأصلية، التي انتهت في 26 يناير، مُددت حتى 18 فبراير، وسط شكوك لبنانية بشأن التزام الاحتلال بتعهداته.

وصرّح الرئيس اللبناني العماد جوزاف عون، قبل ساعات من حادثة صيدا بأن هناك «تخوفًا» من عدم اكتمال الانسحاب الإسرائيلي، محذرًا من أن «الرد سيكون بموقف وطني موحد». وجاء الاغتيال ليزيد هذه المخاوف، ويطرح تساؤلات حول نية تل أبيب تفجير الوضع الأمني مجددًا، خصوصًا مع تأكيد مسؤولين لبنانيين أن أي إخلال بالاتفاق سيقابل بـ«مقاومة مشروعة».

كيف نفذت إسرائيل الهجوم؟

وفقًا لمراسل «الوكالة الوطنية للإعلام» اللبنانية، استخدمت إسرائيل طائرة مسيّرة مسلحة، استهدفت السيارة أثناء سيرها باتجاه بيروت، مما أدى إلى اندلاع النيران فيها، قبل أن تخمدها فرق الإطفاء وتسحب الجثة إلى مستشفى صيدا الحكومي. وأظهرت صور نشرتها الوكالة بقايا الهيكل المحترق للمركبة، في مشهد أعاد للأذهان اغتيالات مماثلة نفذتها إسرائيل بحق قادة فلسطينيين ولبنانيين خلال السنوات الماضية.

وأشارت وسائل إعلام عبرية إلى أن هذه العملية تأتي ضمن سلسلة اغتيالات «نوعية»، استهدفت أخيرًا شخصيات بارزة في المقاومة اللبنانية والفلسطينية. ففي 10 فبراير الجاري، قتلت طائرة إسرائيلية المسلح عباس أحمد حمود، أحد عناصر وحدة الطائرات المسيّرة التابعة لحزب الله، في قرية جرجوع جنوب لبنان. وهو ما يؤكد اعتماد الجيش الإسرائيلي استراتيجية «الضربات الاستباقية» لمنع تطوير قدرات المقاومة، خصوصًا في مجال الطائرات المسيّرة التي أصبحت تهدد العمق الإسرائيلي.

ما خلفية صعود شاهين داخل «حماس»؟

لا يُعرف الكثير عن محمد شاهين، إذ لم يكن اسمه متداولًا إعلاميًا قبل اغتياله، غير أن تقارير عبرية ولبنانية قالت إنه لعب دورًا مهمًا في إعادة بناء البنية العسكرية لـ«كتائب القسام» في لبنان، عقب حرب 2006.

وعُرف بقربه من «حزب الله»، وارتبط بعلاقات وثيقة مع صالح العاروري، الذي يُعد العقل المدبر لتوسيع نشاط الحركة خارج قطاع غزة، خصوصًا في الضفة الغربية والجنوب اللبناني.

ونقلت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، عن مصادر أمنية، أن شاهين كان ينسق عمليات تهريب الأسلحة بين لبنان والضفة، كما أشرف على تشكيل خلايا عسكرية تابعة لحماس في شمال الضفة، مستفيدًا من الدعم اللوجستي الذي يوفره «حزب الله».

إلى أين تتجه الأوضاع بعد اغتيال شاهين؟

يرى مراقبون أن توقيت اغتيال شاهين يشكل رسالة مزدوجة من تل أبيب: الأولى لحركة «حماس»، بأن اليد الإسرائيلية ستطال قياداتها أينما وجدوا، والثانية لـ«حزب الله» عشية استحقاق الانسحاب، مفادها أن إسرائيل لن تتخلى عن خياراتها العسكرية حتى في ظل الاتفاقات.

وفيما التزمت «حماس» الصمت رسميًا، اكتفت «كتائب القسام» بنعي «أحد قادتها» دون تفاصيل. بينما وصف مسؤولون في الحزب الهجوم بـ«الخرق الخطير»، مشددين على أن المقاومة لن تسمح بتثبيت «معادلات جديدة».

وبينما تتجه الأنظار إلى 18 فبراير، يبقى الجنوب اللبناني، وفق محللين، «ساحة مفتوحة» لتصفية الحسابات، مع تصاعد مؤشرات على أن الهدنة الهشة قد لا تصمد طويلًا.