اغتال جيش الاحتلال، مساء الأحد، مراسل قناة الجزيرة، أنس الشريف، عبر قصف جوي إسرائيلي استهدف بشكل مباشر خيمة للصحفيين كانت منصوبة في محيط مجمع الشفاء الطبي غربي مدينة غزة.
وأعلن مدير المجمع مقتل الشريف إلى جانب زميله في القناة محمد قريقع، والمصورين إبراهيم ظاهر ومؤمن عليوة، وسائق الطاقم محمد نوفل، بينما أصيب مراسل قناة الكوفية محمد صبح الذي أُعلن عن وفاته صباح الاثنين متأثرا بجراحه.
قالت وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية “وفا” إن القصف كان “استهدافًا مباشرًا” لخيمة الصحفيين، الذين كانوا يتخذون من محيط المستشفى مقرًا لهم لتغطية التطورات الميدانية في ظل انقطاع الاتصالات والدمار الواسع في مناطق أخرى من القطاع، وقد أثار الاستهداف موجة إدانات واسعة من مؤسسات صحفية وحقوقية.
ويرى محللون أن استهداف الصحفيين شمال قطاع غزة في هذا التوقيت مؤشر خطر على أن الاحتلال عازم على تنفيذ مجازر أكبر لتنفيذ خطة احتلال كامل القطاع، ولا يريد ان تخرج صورة الفظائع التي ينوي ارتكابها للعالم.
من جهتها، أصدرت شبكة الجزيرة بيانًا حمّلت فيه الجيش والحكومة الإسرائيلية المسؤولية الكاملة، واصفةً ما جرى بأنه “هجوم متعمد على حرية الصحافة” وجزء من “كارثة إنسانية” يعيشها القطاع.
وقال مدير تحرير القناة، محمد معوض، إن أنس الشريف كان “الصوت الوحيد” الذي ينقل ما يجري في غزة للعالم، مشيرًا أن إسرائيل لم تسمح للصحافة الدولية بالدخول، ما جعل الاعتماد كليًا على المراسلين المحليين الذين يعملون في ظروف بالغة الخطورة.
وأضاف أن استهدافهم في خيمتهم يعكس “رغبة واضحة في إسكات أي تغطية إعلامية من داخل غزة”، وهو نهج وصفه بأنه “لم يشهد له مثيلاً في التاريخ الحديث”.
في المقابل، أكد الجيش الإسرائيلي في بيان له أنه استهدف أنس الشريف في الغارة الجوية، موجهًا له اتهامات بأنه كان “قائدًا لخلية إرهابية في حركة حماس، ومسؤولاً عن إطلاق صواريخ”، وهي اتهامات سبق لجيش الاحتلال أن وجهها للشريف قبل أشهر، وكان الأخير قد رد عليها في حينه معتبرًا إياها “حملات تشويه وتحريض لا تتوقف” تهدف إلى تبرير أي استهداف محتمل له ولزملائه.
وُلد أنس الشريف في مخيم جباليا للاجئين شمال قطاع غزة عام 1996، وتلقى تعليمه في مدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (الأونروا) قبل أن يتخرج من قسم الإذاعة والتلفزيون بجامعة الأقصى عام 2018.
بدأ مسيرته المهنية متطوعًا في شبكة إعلامية محلية، ثم انضم إلى قناة الجزيرة ليبرز كواحد من أكثر الصحفيين الميدانيين شجاعة في توثيق الأحداث من الخطوط الأمامية.
وتكشف مسيرة أنس الشريف عن حجم المخاطر التي عاشها؛ ففي 23 سبتمبر 2018، أصيب بشظية رصاصة في البطن أثناء تغطيته مسيرات العودة شرق جباليا، كما عاش فاجعة شخصية كبرى في عام 2023 حينما استُشهد والده في قصف إسرائيلي استهدف منزلهم.
ورغم التهديدات المباشرة التي تلقاها بسبب عمله، أصر على البقاء في الميدان، وقبل ساعات قليلة من مقتله، نشر رسالته الأخيرة عبر منصة “إكس”، محذرًا من “إبادة جماعية” ودعا العالم للتحرك “قبل أن تُختصر غزة إلى حطام وتصمت أصوات أهلها”.