تضغط الولايات المتحدة من أجل إتمام صفقة من المقرر أن تمنحها صلاحيات الاستفادة من احتياطيات المعادن الأوكرانية في مقابل أسلحة وخدمات أمنية وهو محور الحديث الذي دار نائب الرئيس الأمريكي جي دي فانس على هامش مؤتمر ميونيخ للأمن يوم الجمعة.
وعلى الرغم من ضغط إدارة ترامب في هذا الجانب، إلا أن الرئيس الأوكراني أصدر تشديدًا، اليوم الأحد، بعدم التوقيع على اتفاق مقترح لمنح الولايات المتحدة إمكانية الوصول إلى المعادن الأرضية النادرة في أوكرانيا لأن الوثيقة ركزت بشكل كبير على المصالح الأمريكية.
وبحسب ما نشرت صحيفة “إيه بي سي” نقلًا عن مسؤول كبير مطلع على المحادثات، فإن المقترح الأمريكي لم يتضمن أي ضمانات أمنية محددة بالنسبة لكييف في المقابل، فيما اعتبر مسؤول كبير آخر في البيت الأبيض رفض زيلينسكي بأنه “قصير النظر”. وصرّح زيلينسكي لوكالة “أسوشيتدبرس” أمس السبت قائلًا إنه منع وزراءه من التوقيع على الوثيقة لأنها في وجعة نظره “غير جاهزة لحماية مصالحهم وأمنهم في الوقت الحالي”.
تفاصيل وثيقة المعادن مقابل الأمن
بحسب مسؤولين أوكرانيين كبار، تنص الوثيقة على قدرة واشنطن على استغلال المعادن الأرضية في كييف مقابل الخدمات الأمنية التي قدمتها الولايات المتحدة بالفعل لأوكرانيا خلال العامين الماضيين في ظل إدارة بايدن، أي بمثابة تعويض، وكدفعة للمساعدات المستقبلية. وتمتلك أوكرانيا احتياطيات هائلة من المعادن المهمة التي تستخدم في الصناعات الجوية والدفاعية والنووية. وأشارت إدارة ترامب إلى أنها مهتمة بالوصول إلى هذه المعادن لتقليل الاعتماد على الصين، لكن زيلينسكي قال إن أي استغلال يجب أن يكون مرتبطًا بضمانات أمنية لأوكرانيا من شأنها ردع العدوان الروسي في المستقبل.
وشدد زيلينسكي على ضرورة أن يكون هناك نوعًا من الربط بين قدرة الولايات المتحدة على الاستفادة من احتياطيات أوكرانيا من المعادن الأرضية كاستثمار، وبين الضمانات الأمنية. فيما قال مسؤول أوكراني كبير إن الاتفاقية بشكلها الحالي “استعمارية” ولا يمكن لزيلينسكي الموافقة عليها. ولم يُشر المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض، براين هيوز إلى صفقة ترامب صراحة عندما اتهم زيلينسكي بقصر النظر، ولكنه قال إن العرض الأمريكي فرصة ممتازة لأوكرانيا، وأنه سيوفر المقابل للمساعدات الأمريكية المستقبلية لهم.
ولفت هيوز إلى أن وجود علاقات قوية بين كييف وواشنطن هي أكبر ضمان ضد أي عدوان مستقبلي ضد أوكرانيا وركيزة لتحقيق السلام الدائم، مؤكدًا أن الولايات المتحدة وروسيا وأوكرانيا جميعهم يدركون ذلك. ولم يتطرق المقترح إلى الاحتياطيات الأوكرانية من المعادن الأرضية وأماكن تواجدها أو الطريقة التي سيتم تأمينها بها حال استمرار العدوان الروسي، كما أن الولايات المتحدة ليس لديها إجابات واضحة عن هذا السؤال أو حتى حول النتائج التي من الممكن أن تتوصل إليها محادثات ميونيخ.
احتياطيات المعادن في أوكرانيا
تتمتع أوكرانيا باحتياطيات هائلة من الإلمنيت – وهو عنصر أساسي يستخدم في إنتاج التيتانيوم – في الرمال المعدنية الثقيلة الممتدة لأميال على طول شرق البلاد المحاصر. وتعاني تلك الصناعة كحال الصناعات الأخرى في أوكرانيا من تراجع التطور بسبب الحرب والسياسات الحكومية. وربما يتغير هذا الوضع إذا تمت الموافقة على صفقة الرئيس الأمريكي.
ويشكك رجال الأعمال الأوكرانيون في جدوى تلك الصفقة، قائلين إنها لن تسفر عن نتائج ملموسة إلا بعد سنوات وقد تمتد لعقود، خصوصًا في ظل سرية البيانات الجيولوجية المحدودة، بخلاف عدم التأكد من السياسات الأوكرانية الحالية ومدى استيعابها للمستثمر الأجنبي في ظل سنوات من ردع المستثمرين المحليين.
وتُعتبر الولايات المتحدة مستهلك رئيسي للمعادن الأرضية الخام الهامة مثل الليثيوم والغاليوم، وهما عنصران تمتلكهما أوكرانيا في احتياطياتها المؤكدة. وقد ذكر ترامب على وجه التحديد العناصر الأرضية النادرة ، لكن خبراء الصناعة قالوا لوكالة أسوشيتد برس إن هذه العناصر لم يتم البحث فيها بشكل جيد. من ناحية أخرى تُعتبر الولايات المتحدة من أبرز المستوردين الرئيسيين للألمينيت، وتسعى بإتمام الصفقة لتقليل اعتماده على روسيا والصين في هذا الجانب. بخلاف أن الطلب العالمي على التيتانيوم، المستخدم في صناعات الطيران والدفاع والصناعة، مرتفع للغاية.
ونقلت وكالة أسوشيتدبرس عن مسؤول أوكراني كبير أن رجال الأعمال سيطالبون بضمانات كافية لحماية ملياراتها حلا تجدد الصراع، ولكنه في نفس الوقت أكد أن وجود المصالح الأمريكية وحدها هناك يُعد أكبر ضمان. ولم تكن أوكرانيا قط جذابة للمستثمرين الأجانب بسبب السياسات الحكومية المحظورة، وعدم تقديم حوافز جاذبة للأجانب ولذلك سيكون على الشركات الدولية سوف تحتاج إلى التعاون مع شركاء محليين حتى تزدهر، بحسب أندريه برودسكي، الرئيس التنفيذي لشركة فيلتا، وهي شركة رائدة في مجال تعدين التيتانيوم في أوكرانيا.
وأوضحت كسينيا أورينشاك، مديرة الجمعية الوطنية للصناعات الاستخراجية في أوكرانيا، أن الشركات الأميركية لديها عدة طرق لدخول السوق، لكن هذا يتطلب المرور عبر “دوائر الجحيم” في البيروقراطية الأوكرانية. وربما يكون التعاون مع مالك ترخيص أوكراني قائم هو الأكثر سهولة.
اقرأ أيضًا:
مكالمة ترامب وبوتين تشعل توترًا أمريكيًا أوروبيًا
ما مصير العلاقات الأمريكية الأوروبية بعد مكالمة بوتين وترامب؟
بعد مكالمة ترامب وبوتين.. هل ستنتهي الحرب في أوكرانيا قريبًا؟