السعودية تقنية

بعد تحذير «تركي آل الشيخ».. كيف يمكن للحسابات المزيفة إشاعة الفتن؟

في إطار التحديات السياسية الراهنة في منطقة الشرق الأوسط، تتعرض العلاقات بين الدول العربية الكبرى لهجمات إلكترونية تهدف إلى زعزعة الثقة بين شعوبها، وهو ما أشار إلى خطورته رئيس الهيئة العامة للترفيه، المستشار «تركي آل الشيخ»، الذي حذر من محاولات أطراف خارجية للتأثير على العلاقات بين السعودية من جهة، وكل من الإمارات ومصر من جهة أخرى.

وفي تصريحاته عبر منصة «إكس»، قال آل الشيخ إن هناك حسابات مزيفة تعمل على «اصطياد في الماء العكر» بين السعوديين من جهة وإخوانهم في الإمارات ومصر من جهة أخرى. وأضاف أن هذه الحسابات، التي تظهر معرّفات تُشير إلى جنسيات سعودية أو إماراتية أو مصرية، تُدار من خارج المنطقة.

وأوضح رئيس الهيئة العامة للترفيه أن المملكة تتعامل بجدية تامة مع أساليب التلاعب التي تهدف إلى التأثير على العلاقات بين الدول العربية، مشيرًا إلى أن السعودية تبذل جهودًا مستمرة للتصدي لهذه الحسابات المزيفة من خلال تعزيز التعاون مع الدول الشقيقة.

 


من جانبه، وصف المستشار الدبلوماسي للرئيس الإماراتي، أنور قرقاش، تحذير آل الشيخ بـ «المهم وفي توقيته»، مؤكدًا أن التغيرات الاستراتيجية في المنطقة تستدعي يقظة وحذرًا من الأطراف التي تسعى لإشعال الفتن بين الدول العربية.

وأشار قرقاش إلى أن العلاقات التاريخية بين الإمارات والسعودية تشكل ركيزة أساسية للأمن والاستقرار في المنطقة، وأن هذه العلاقات ستكون بعيدة عن أي محاولات خارجية تهدف إلى التأثير عليها. وأضاف أن أي محاولات لتفكيك هذه العلاقات لن تنجح، مؤكدًا أن التعاون بين الدول العربية سيظل قويًا في مواجهة هذه التحديات.

وفي ضوء هذه التحذيرات، تبرز الحاجة إلى فهم ماهية الحسابات المزيفة، وكيفية عملها، وتأثيرها المحتمل على العلاقات بين الدول العربية.

 

ما هي الحسابات المزيفة؟ وكيف تعمل؟

منذ أن شهد العالم تحولًا كبيرًا في تكنولوجيا المعلومات، أصبحت الشبكات الاجتماعية جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية، ومن ثم بدأت تحديات جديدة تظهر في مجال الحروب الإلكترونية. الحسابات المزيفة، التي باتت تشكل تهديدًا حقيقيًا للعلاقات بين الدول، تستخدم منصات مثل «إكس» و«فيسبوك» و«إنستغرام» لزرع الشكوك والفتن بين الدول، خاصة تلك التي تمر بتوترات سياسية مثل العلاقات بين السعودية، مصر، والإمارات.

وتستغل هذه الحسابات قدرة وسائل التواصل الاجتماعي على نشر الأخبار بسرعة واسعة، مما يجعلها أدوات فعالة لتشويه الحقائق وتحريف الرأي العام.

حيث يمكن لهذه الحسابات، عبر تكرار الرسائل المضللة، التأثير في تشكيل انطباع خاطئ عن المواقف السياسية بين الدول، وتستغل الأطراف الخارجية هذه التقنية الرقمية لإحداث التوترات، وهو ما يعكس انعدام الأمن الرقمي في العلاقات السياسية بين الدول.

كيف يتم تشغيل الحسابات المزيفة؟

تعمل الحسابات المزيفة، المعروفة أيضًا باسم «البوتات الاجتماعية»، عادة بواسطة برامج آلية «bots» تهدف إلى محاكاة سلوك المستخدمين البشر على الإنترنت.

ويُستخدم هذا النظام لإحداث تأثيرات معينة على الرأي العام، مثل نشر تعليقات وأخبار مغلوطة أو دعم آراء متطرفة تشجع على نشر الكراهية أو إثارة الخلافات السياسية بين الشعوب.

تشير الدراسات إلى أن هذه الحسابات تعمل غالبًا ضمن شبكات منظمة تعرف بـ«botnets»، حيث يُديرها أفراد أو جهات تعمل من خارج الدول المستهدفة.

وتعمل هذه الشبكات على نشر الأكاذيب وتشويه الحقائق السياسية، مما يسهم في تغيير الاتجاهات العامة للرأي العام، سواء على الصعيد المحلي أو الإقليمي والدولي. من خلال نشر محتوى ترويجي أو سياسي تشويهي، تسهم هذه الحسابات في تحريك الرأي العام نحو مسارات معينة، حتى وإن كانت هذه المسارات بعيدة عن الحقيقة.

كيف تُدار هذه الحسابات؟

تُدار الحسابات المزيفة بواسطة شبكة من الروبوتات الإلكترونية التي تعمل وفقًا لخوارزميات محددة لتعزيز آراء أو أجندات معينة، وتكمن خطورتها في قدرتها على تنسيق الرسائل من خلال حسابات متعددة، ما يزيد من تأثيرها ويصعب كشفها أو مقاومة تأثيرها.

ورغم أن بعض البوتات قد تُستخدم لأغراض إيجابية، مثل الردود السريعة عبر الإنترنت، فإن البوتات المضللة غالبًا ما تروج للأفكار المتطرفة، مما يعزز الانقسامات ويسهم في نشر العداء بين المجتمعات. وهذا يخلق بيئة خصبة لإشعال الفتن بين الدول والشعوب.

كيف يمكن مواجهة هذه الظاهرة؟

لمواجهة هذه الظاهرة، يتطلب الأمر أدوات وتقنيات متقدمة للكشف عن الحسابات المزيفة وتقليل تأثيرها. من بين هذه الأدوات، تبرز تقنيات الذكاء الاصطناعي التي تُستخدم لتحليل سلوكيات الحسابات على منصات التواصل الاجتماعي، ومقارنتها مع المعايير البشرية. ذلك يساهم بشكل كبير في كشف الحسابات غير الحقيقية.

أيضًا، تعمل بعض الشركات والمنظمات على تحسين الآليات التي تمكن المستخدمين من التعرف على الحسابات المزيفة، وتدقيق المعلومات التي يتلقونها. هذه التقنيات تساهم في تعزيز الوعي العام وتساعد على بناء مجتمع رقمي أكثر أمانًا.