يعيش السودان منذ أكثر من 25 عامًا تداعيات وويلات الحروب المستمرة، فما تلبث واحدة أن تنتهي حتى تولد من رحمها حربًا جديدة ذات أبعاد مختلفة، كان آخرها الحرب التي اندلعت بين قوات الدعم السريع والجيش الوطني في أبريل 2023 والمستمرة حتى الآن.
وعلى مدار السنوات الماضية، تطور شكل الحرب في السودان واتخذ منحنى مختلف، فبعد أن كان الصراع يوصف بأنه تمرد ضد الدولة وينحصر بين الشمال والجنوب، ارتقى لمستوى أعلى لتُصبح حرب بين جيوش نظامية تقودها جماعات مسلحة ذات أهداف محددة.
ويرجح الخبراء أن السبب وراء غرق السودان في حروب لا نهائية هو افتقارها لمشروع وطني يوحد الأمة، إلى جانب العنصرية تجاه الإثنيات والطوائف المختلفة التي لا تعترف ببعضها البعض، وربما يكون ذلك السبب وراء الحرب الحالية. وفي السطور التالية نسلط الضوء على أبرز المحطات خلال آخر 25 عامًا من الحروب السودانية.
سبتمبر 2003
كان اتفاق “نيفاشا” الذي جرى توقيعه في هذا العام هو نهاية الحرب التي شهدتها البلاد منذ عام 1983 بعد أن تمردت الحركة الشعبية لتحرير السودان ضد حكم الرئيس الأسبق جعفر النميري لإعلانه أحكام الشريعة الإسلامية. واستمرت الحرب لسنوات وراح ضحيتها أكثر من 2 مليون مدني. وفشل الطرفان في تحقيق أي أهداف من تلك الحرب، ورضخا في النهاية إلى الضغوط الدولية وتم توقيع الاتفاق الذي مهد للانفصال شمال وجنوب السودان بعد أن منح المواطنين حق تقرير المصير، وحدد فترة انتقالية مدتها 5 سنوات.
وخلال نفس العام اندلع النزاع المسلح في إقليم دارفور بعد أن ثار المتمردون ضد حكم البشير الذي قسم الإقليم إلى ولايات صغيرة بدلًا من توحيدها، واستمر هذا الصراع حتى عام 2016 وأسفر عن مقتل نحو 300 ألف شخص وتم اتهام البشير وأعوانه على أثرها بارتكاب جرائم حرب وأصدرت الجنائية الدولية وثيقة اعتقال بحقهم.
يناير 2011
تم إجراء استفتاء لتخيير شعب جنوب السودان بين الوحدة والانفصال، ولكنه اختار الانفصال ليتم إعلان جمهورية جنوب السودان ويتنازل السودان عن نحو ثلث مساحته وربع عدد سكانه وما يُقدر بـ75 من موارده.
يوليو 2011
شهد هذا العام توقيع اتفاقية سلام بين حكومة السودان وحركة التحرير والعدالة في إقليم دارفور، وذلك في أعقاب 30 شهرًا من المفاوضات التي قادتها الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والجامعة العربية. وتم التوقيع تحت اسم “وثيقة الدوحة للسلام في دارفور” بحصور الرئيس السوداني عمر البشير وعدد من نظرائه.
أبريل 2019
خرجت احتجاجات شعبية ضد حكم الرئيس الأسبق عمر البشير، وأجبر قادة الجيش على عزل البشير من منصبه، ولكن الاحتجاجات لم تنته ما اضطر رئيسا المجلس العسكري الانتقالي الجنرالان عبد الفتاح البرهان ومحمد حمدان دقلو قائد قوات الدعم السريع لفض الاعتصام بالقوة. ونتج عن ذلك مئات من القتلى ما اعتبره الكثيرون جريمة فظيعة بحق المدنيين.
أغسطس 2019
توقيع “وثيقة دستورية” بين العسكريين والتي نصت على شراكة عسكرية مدنية، وتم تشكيل حكومة برئاسة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك وتم تكوين مجلس سيادة انتقالي برئاسة عبد الفتاح البرهان ونائبه حميدتي.
أكتوبر 2021
قام الجيش بانقلاب عسكري أطاح بحكومة حمدوك المدنية، وتم توقيع “الاتفاق الطارئ” مع المدنيين، وبموجبه تم التأكيد على عودة الجيش لثكناته والابتعاد عن أي احتمالية لتمكين الإسلاميين من الحكم. ولكن أنصار النظام السابق أجهضوا هذا الاتفاق وبدأوا في إثارة الوقيعة بين الجيش وحركة التمرد السريع ما أدى لاندلاع الحرب.
أبريل 2023
في ظل هذا التوتر، استيقظ سكان السكان على سماع دوي الرصاص بالقرب من الخرطوم، ليُعلن عن اندلاع الحرب بين الجيش الوطني وقوات الدعم السريع المستمرة حتى اليوم. وتتهم قوات الدعم السريع بأنه هاجم معسكراته، فيما تقول الروايات الأخرى أن بعض الإسلاميين هاجمت قوات الدعم السريع لتخييرها بين الحرب أو الاستسلام.
اقرأ أيضًا: معاناة الشعب السوداني.. عرض مستمر