logo alelm
وزير النقل: المركبات ذاتية القيادة أكثر أمانًا بـ 10 أضعاف

تتصدر المركبات ذاتية القيادة واجهة المشهد التقني العالمي، مُعلنةً عن بزوغ فجر جديد في عالم النقل والمواصلات. فبعد نجاح تجاربها الأولية في بيئات محكومة ومغلقة، مثلما حدث في موسم الحج، انطلقت هذه التقنية الواعدة إلى الشوارع العامة في بيئة تشغيلية حقيقية داخل المملكة.

وبحسب وزير النقل والخدمات اللوجستية صالح الجاسر فإن نشر هذه التقنية يمثل نقلة نوعية تؤكد على أن جانب الأمان يمثل حجر الزاوية في هذه المنظومة. كما أن  فعاليتها قد تتجاوز أداء السائق البشري بعشرة أضعاف من حيث السلامة، مما يفتح الباب أمام مستقبل أكثر أمانًا على طرقاتنا. وتقول وزارة النقل فإن إطلاق المرحلة التطبيقية الأولية للمركبات ذاتية القيادة، يأتي في خطوة تمكّن التقنية وتُرسّخ الابتكار ضمن توجهات الاستراتيجية الوطنية للنقل والخدمات اللوجستية، نحو منظومة نقل ذكية ومستدامة تعزز جودة الحياة وتدعم الاقتصاد الوطني.

ولم يكن الحلم بعربة تتحرك دون قائد وليد اللحظة؛ فبينما تعود أولى المخططات لعربة ذاتية الدفع إلى عبقرية ليوناردو دافنشي في القرن السادس عشر، شهدت حقبة الثمانينيات ولادة أول نموذج حديث يعتمد على الرادار والليدار والحواسيب. واليوم، وبفضل تسارع وتيرة تطور الذكاء الاصطناعي، أصبحت الوعود التي أطلقها عمالقة التقنية على مدار العقد الماضي أقرب إلى التحقق، حيث تجهز الطرازات الحديثة من السيارات السائقين تدريجيًا ليتحولوا إلى مجرد ركاب في المستقبل.

ما هي طبيعة المركبات ذاتية القيادة وكيف ترسم ملامح المستقبل؟

يمكن تعريف المركبات ذاتية القيادة بأنها أنظمة نقل متطورة تستعين بمنظومة متكاملة من التقنيات فائقة التطور، مثل المستشعرات والخوارزميات المعقدة، لاستشعار البيئة المحيطة بها والتنقل ضمنها دون الحاجة لتدخل مباشر من الإنسان.

تعتمد هذه المركبات على ثالوث تقني لتحقيق “الرؤية”:

الرادار: يعمل على قياس المسافات بين المركبة والأجسام الأخرى.

الكاميرات: تتولى مهمة التعرف على الإشارات المرورية والمشاة والعلامات الطرقية.

الليدار: وهو نظام كشف الضوء وتحديد المدى والذي يضمن بقاء المركبة في مسارها الصحيح بدقة متناهية.

وتقوم وحدة معالجة مركزية بدمج كل هذه البيانات وتحويلها إلى أوامر دقيقة تتحكم في التوجيه والتسارع والكبح، مما يجعل المركبات ذاتية القيادة قادرة على اتخاذ قرارات لحظية أسرع وأدق من السائق البشري.

مستويات الأتمتة.. رحلة تدريجية نحو الاستقلالية

لا يمكن وضع جميع المركبات ذاتية القيادة في سلة واحدة، فقد صنفتها جمعية مهندسي السيارات (SAE) ضمن ستة مستويات تحدد درجة تدخل الإنسان:

المستويات من 0 إلى 2: تتراوح بين انعدام الأتمتة بالكامل (المستوى 0)، وتقديم أنظمة المساعدة للسائق مثل مثبت السرعة التكيفي أو الحفاظ على المسار (المستوى 1)، وصولًا إلى الأتمتة الجزئية التي تسمح للسيارة بالتحكم في التوجيه والسرعة معًا تحت إشراف كامل من السائق (المستوى 2)، كنظام “الطيار الآلي” في سيارات تسلا.

المستويات من 3 إلى 5: هنا تبدأ مرحلة الاستقلالية الفعلية. ففي المستوى 3 (الأتمتة المشروطة)، يمكن للسيارة تولي القيادة بالكامل في ظروف معينة، مع ضرورة استعداد السائق للتدخل. أما المستوى 4 (الأتمتة العالية)، فتستطيع فيه المركبة العمل بشكل مستقل تمامًا ضمن مناطق جغرافية محددة، مثل خدمات النقل من وايمو. ويبقى المستوى 5 (الأتمتة الكاملة) هو الهدف الأسمى، حيث تكون السيارة قادرة على القيادة في أي مكان وتحت أي ظرف دون أي قيود، وهو مستوى لا يزال قيد التطوير النظري.

الوجه المشرق لتقنية المركبات ذاتية القيادة

تكمن الميزة الكبرى في قدرة المركبات ذاتية القيادة على تقليل الخطأ البشري، الذي يعد المسبب الرئيسي للحوادث. فهي لا تتأثر بالإرهاق أو تشتت الانتباه، وتتمتع بسرعة رد فعل فائقة. كما أنها تعد حلًا مثاليًا لتعزيز استقلالية كبار السن وذوي الإعاقة، فضلًا عن دورها في تحسين كفاءة استهلاك الوقود وتقليل الازدحام المروري عبر تحليل البيانات الآنية للطرق.

وعلى الرغم من المزايا الواعدة، لا يزال الطريق أمام انتشار المركبات ذاتية القيادة محفوفًا بالعقبات. فإلى جانب التكلفة الباهظة، تشكل الأعطال التقنية خطرًا حقيقيًا. والأخطر من ذلك هو ما كشفته دراسات عن وجود “تحيز” في أنظمة التعرف، حيث أظهرت صعوبة في اكتشاف المشاة من ذوي البشرة الداكنة والأطفال مقارنة بغيرهم، مما يثير مخاوف أخلاقية وقانونية جدية.

شارك هذا المنشور:

المقالة السابقة

وفد سعودي في سوريا لتدشين عهد استثماري جديد

المقالة التالية

موعد طرح هاتف آيفون القابل للطي