كشفت دراسة حديثة أن تناول القهوة بانتظام قد يتسبب في تغيّر الأمعاء، من خلال تغيير البيئة التي تعيش فيها الكائنات الحية الدقيقة المعروفة باسم “ميكربيوم” الأمعاء.
وتوصلت الأبحاث إلى أن الأشخاص الذين يتناولون القهوة باستمرار يمتلكون مستويات أعلى من سلالة معينة من البكتيريا وهي Lawsonibacter asaccharolyticus عند مقارنتهم بآخرين لا يشربون القهوة.
وتقول أخصائية التغذية السريرية ومؤسسة عيادة Gut Healthy Dietitian، وهي عيادة خاصة افتراضية، كيسلي راسل موراي، لموقع Health: إن تلك الدراسة تثبت العلاقة بين الطعام الذي نتناوله والميكروبات الموجودة في أمعائنا.
وفي حين أن المعلومات العلمية المتوافرة بشأن هذه البكتيريا ليست كبيرة، إلا أن مؤلف الدراسة الدكتور نيكولا سيجاتا، أستاذ ورئيس مختبر الميتاجينوميات المهنية في جامعة ترينتو، يقول إن المعلومات الأولية تثبت أن شرب القهوة يساهم في دعم صحة القلب والدماغ وجوانب صحية أخرى.
وبشكل عام، تلعب بكتيريا الأمعاء دورًا في التأثير على صحتنا العامة، وتطور الأمراض المزمنة لدينا.
تناول القهوة وصحة الأمعاء
وتستند الدراسة الجديدة، التي أجرتها شركة التغذية ZOE ونشرت في مجلة Nature Microbiology، إلى نتائج بحثية سابقة أظهرت أن القهوة لها أقوى ارتباط بين الغذاء والميكروبيوم من بين أكثر من 150 طعامًا ومشروبًا.
وبالمقارنة بينها وبين أنواع أخرى من المشروبات والأطعمة، أثبتت القهوة أن لها التأثير الأكبر على تكوين ميكروبيوم الأمعاء.
ودفعت تلك النتيجة الباحثون لتصميم دراسة تدرس العلاقة بين القهوة وميكروبيوم الأمعاء بالمزيد من التدقيق.
وأجرى فريق الدراسة تجارب على عين قوامها 23115 مشاركًا من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة شاركوا في برنامج أبحاث ZOE PREDICT، وكانوا متنوعين من حيث الحالة الصحية.
وفي البداية قام الباحثون بتحليل البكتيريا المعوية لجميع المشاركين من خلال الميتاجينوميكس، وهي تقنية يمكنها استخلاص رؤى حول تكوين ميكروبيوم الأمعاء بناءً على تسلسل المحتوى الجيني لعينات البراز.
وفي المرحلة التالية قام المشاركون بملء استبيان حول عادات تناول القهوة لديهم، ثم تم تقسيمهم بحسب مقدار القهوة الذي يتناوله كل شخص ضمن مجموعات.
وضمت المجموعة الأولى باسم “أبدًا” الأشخاص الذين يشربون أقل من ثلاثة أكواب شهريًا، أما المجموعة الثانية “الأعلى” ضمت أولئك الذين يشربون أكثر من ثلاثة أكواب يوميًا اعتبروا، أما المجموعة الثالثة “المعتدلة” الأشخاص الذين كانوا بين المجموعة الأولى والثانية.
نتائج الدراسة
بعد تحليل البكتيريا المعوية للمشاركين في كل مجموعة، عزل الفريق بكتيريا L. asaccharolyticus باعتبارها الميكروب الأكثر ارتباطًا بتناول القهوة.
وكشفت الأبحاث أن مستويات البكتيريا في المجموعة العالية تراوحت من 4.5 إلى 8 مرات مقارنة بالمجموعات التي لا تتناول القهوة على الإطلاق.
فيما كانت مستويات البكتيريا من 3.4 إلى 6.4 مرة في المجموعة المعتدلة مقارنة بالمجموعة التي لا تشرب القهوة على الإطلاق.
وكان الفارق بين المجموعتين “العالية” و”المعتدلة” 1.4 ضعف فقط ولم يكن ذا دلالة إحصائية في معظم المجموعات.
ولم تتعلق تلك النتائج بالسن أو الحالة الصحية للمشاركين أو طبيعة النظام الغذائي أو نوع القهوة المعتاد لكل شخص.
وحاول الباحثون إثبات صحة النتائج من خلال عزل البكتيريا داخل أنبوب ورصد تحولاتها من خلال إضافة القهوة، ووجدوا أنها تزيد بالفعل في الأنواع التي تحتوي على الكافيين وتلك التي لا تحتوي.
تحسين صحة الأمعاء
يقول راسل موراي إنه لا يجوز الاعتماد على القهوة فقط كعامل مهم في تحسين صحة الميكروبيوم المعوي، ولكن هناك عوامل أخرى من أهمها النظام الغذائي الصحي.
ونصح موراي بتناول نظام غذائي يضم مجموعة مختلفة من النباتات الغنية بالألياف الحيوية التي تعتمد عليها بكتريا الأمعاء الصحية في تغذية نفسها، ومن أبرزها الثوم والموز والشوفان والموز والبصل والقمح والخرشوف والكتان والبقوليات.
كما يجب الحصول على قدر كاف من النوم النوم والابتعاد عن التوتر وممارسة الرياضة وتجنب تناول الكحول والتدخين.
وإذا كنت تنوي البدء في شرب القهوة، فعلين التعامل معها بشكل تدريجي وتجنب الإسراف في الكمية اليومية التي تحصل عليها، لحين اختبار قابلية الجسم لاستقبالها.