تقنية

كيف تُعيد الروبوتات الصناعية رسم ملامح الاقتصاد العالمي؟

روبوت

في عام 2022، سجل العالم رقمًا قياسيًا جديدًا بلغ 3.9 مليون روبوت صناعي قيد التشغيل، وعلى مدى السنوات الست الماضية، تضاعفت كثافة الروبوتات في سوق العمل، مما يعكس التطور التكنولوجي المتسارع والاعتماد المتزايد على الآلات في قطاعات متنوعة، من السيارات إلى الإلكترونيات، بل وحتى التصنيع الدقيق.

وإذا كان السباق نحو الأتمتة سباقًا للريادة، فإن آسيا تحمل الشعلة، حيث تظهر ست دول آسيوية ضمن قائمة العشرة الأوائل عالميًا في كثافة الروبوتات الصناعية، وتأتي في المقدمة كوريا الجنوبية التي تحتل المركز الأول عالميًا بكثافة مذهلة تبلغ 1012 روبوتًا لكل 10 آلاف عامل، أي أكثر من ستة أضعاف المتوسط العالمي البالغ 151.

آسيا في المقدمة

التقدم الكوري ليس وليد اللحظة، بل نتاج عقود من الاستثمار في التكنولوجيا والصناعة، تقوده شركات عملاقة مثل سامسونج وهيونداي، حيث إن 30% من هذه الروبوتات تركز على صناعة السيارات، و26% في الإلكترونيات، مما يجعلها القلب النابض لاقتصاد يعتمد على الدقة والكفاءة.

وعلى بعد آلاف الأميال، تقدم سنغافورة نموذجًا آخر، التي برغم صغر حجمها، تحتل المرتبة الثانية عالميًا بكثافة 730 روبوتًا لكل10 آلاف عامل.

في هذا البلد، تعوض التكنولوجيا عن محدودية الموارد البشرية، فالروبوتات هناك ليست مجرد أدوات، بل عامل تمكين اقتصادي يعزز الإنتاجية ويضمن استمرارية الأعمال.

القوة العظمى للروبوتات

في حين أن الصين تأتي خامسة عالميًا بكثافة 392 روبوتًا لكل 10 آلاف عامل، فإنها تتصدر العالم من حيث العدد الإجمالي للروبوتات الصناعية، ويشير هذا إلى نهج مختلف، حيث كمية هائلة تعكس قاعدة صناعية ضخمة، من مصانع السيارات إلى خطوط إنتاج الهواتف الذكية، الروبوتات تعمل بلا كلل لتلبية الطلب المحلي والعالمي المتزايد.

وفي أوروبا، تسير ألمانيا على الخطى نفسها بثبات، فكثافتها البالغة 415 روبوتًا لكل 10 آلاف عامل تجعلها عملاقًا صناعيًا عالميًا، وبينما تحاول السويد وسويسرا الالتحاق بالركب، فإن الولايات المتحدة تبدي نهجًا مختلفًا، حيث تأتي في المركز العاشر عالميًا بكثافة 285 روبوتًا لكل 10 آلاف عامل.

وعلى الرغم من ذلك، تستمر أميركا في تبني الأتمتة تدريجيًا، مدركة أهمية الروبوتات في الصناعات الثقيلة والتكنولوجيا المتقدمة.

المستقبل بين الأتمتة والإنسان

التوسع في الأتمتة ليس مجرد سباق تقني، بل تحوّل عميق يعيد تشكيل الاقتصاد والمجتمع، ومع تصدر السيارات والإلكترونيات قائمة القطاعات الأكثر استخدامًا للروبوتات، تتجه صناعات أخرى مثل التصنيع الدقيق والرعاية الصحية نحو مزيد من الأتمتة.

لكن خلف هذا التقدم، يبقى السؤال مفتوحًا: كيف يمكن للعالم أن يوازن بين تسارع الأتمتة وحماية القوى العاملة التقليدية؟ هل يمكن أن تكون الروبوتات شريكًا للإنسان، أم أنها تهدد بإزاحته من المشهد؟

الجواب ليس في الأرقام، بل في القرارات التي ستتخذها الدول في السنوات المقبلة.