أحداث جارية سياسة

استقرار لبنان مرهون بالقرار 1701.. والعقبات تحول دون تنفيذه

استقرار لبنان مرهون بالقرار 1701.. والعقبات تحول دون تنفيذه

في حين أن الاحتلال يواصل قصفه العنيف للقرى الحدودية في جنوب لبنان منذ أكثر من شهر، إلا أنه يتفاوض بشكل غير مباشر على اتفاق لوقف إطلاق النار مع قادة حزب الله.

وتتركّز شروط اتفاق السلام المقترح على تنفيذ وقف إطلاق النار الكامل لقرار الأمم المتحدة رقم 1701، والإبقاء على 10 آلاف جندي من القوات المسلحة اللبنانية على “الخط الأزرق” الذي يفصل الاأراضي المحتلة عن لبنان.

ولكن تنفيذ القرار الصادر في عام 2006 والذي تمت صياغته لوقف الأعمال العدائية بين حزب الله والاحتلال، كان دائمًا بمثابة تحديًا كبيرًا ولم يتم تطبيقه بشكل كامل منذ ذلك الوقت

ويستهدف القرار 1701 بشكل أساسي ضمان خلو المنطقة الواقعة جنوب نهر الليطاني في جنوب لبنان من أي أسلحة غير تلك التي تمتلكها الدولة اللبنانية وقوات الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل).

ولذلك، واجهت قوات اليونيفيل العديد من الانتقادات من قِبل المراقبين والسياسيين بسبب عجزها عن تحديد المواقع الموجودة بها أسلحة حزب الله.

وتقول قوات الاحتلال الإسرائيلية إن اليونيفيل لم تقم بواجبها في منع هجمات حزب الله على الأراضي المحتلة.

وعلى الناحية الأخرى، يلقي حزب الله باللوم على قوات اليونيفيل بسبب فشلها في منع 6 هجمات لقوات الاحتلال على مدار قرن من الزمن، وهو ما يجعل وجود قوات الجماعة اللبنانية على الخط الأزرق ضرورية.

ولكن تنفيذ القرار 1701 متوقفًا أيضًا على العديد من الجهات الفاعلة المشاركة ومن بينها القوات المسلحة اللبنانية، الذي يتطلب تنفيذ القرار نشر جزء كبير منها في جنوب لبنان باعتبارها القوة الشرعية الوحيدة الممثلة للحكومة.

ولكن هذه القوات تواجه قيودًا ومشكلات ضخمة يتوقف عليها دورها في تطبيق القرار.

استقرار لبنان مرهون بالقرار 1701.. والعقبات تحول دون تنفيذه
جانب من تأثير ضربات الاحتلال على جنوب لبنان

نظرة على الماضي

في الفترة التي سبقت الحرب الأهلية اللبنانية في عام 1975، كانت الأهمية الاستراتيجية لمنطقة جنوب لبنان ضعيفة بسبب الانتشار الكبير للسكان هناك.

ومع اندلاع الحرب، لم تتمكن القوات اللبنانية من الانتشار في الجنوب بسبب بعض العوامل السياسية والعملياتية والتي كان من بينها انشقاق ضباط القوات المسلحة اللبنانية وانضمامهم إلى الميليشيات الطائفية ونقص الموارد الكافية.

وما زاد من تعقيد الأمور هو تصاعد تواجد المليشيات في سوريا المجاورة، واحتلال إسرائيل لمنطقة “الأمن” في جنوب لبنان.

ولكن بعد حرب عام 2006، أصبحت القوات المسلحة اللبنانية طرفاً رسمياً مهماً في القرار 1701 وعملت اليونيفيل معها عن كثب لتحقيق ثلاثة أهداف رئيسية.

الهدف الأول كان انخراطها في منطقة العمليات، والثاني تحسين قدراتها العملياتية، أما الثالث هو تحسين القدرات الفنية للجيش اللبناني من خلال العصور على تمويل له.

وتنحصر المسؤولية الأساسية لقوات اليونيفيل في مساعدة القوات المسلحة اللبنانية لإنشاء منطقة خالية من المسلحين بين الخط الأزرق والليطاني.

وشمل التعاون بين الجانبين مجهودات للبحث عن الذخائر غير المنفجرة والأسلحة غير المرخصة، وعند عثور قوات اليونيفيل على مكان للأسلحة كانت تتولى مهمة إخطار الجيش اللبناني بمكانه لساتعادة ما فيه.

وساعد هذا التعاون في دعم قوات اليونيفيل لتجنب المواجهات مع السكان المحليين، وعلى الرغم من أن تلك الخطوات كانت تستهدف دعم أهداف القرار 1701 إلا أنها أثبتت في النهاية عدم فعاليتها.

لماذا لم تتمكن اليونيفيل والجيش اللبناني من تطبيق القرار 1701؟

كان هناك عدة أسباب وراء هذا الإخفاق، ومن بينها القيود المفروضة على الجيش اللبناني لدخول الممتلكات الخاصة.

حال اشتباه الجيش في وجود أسلحة في إحدى الممتلكات الخاصة، كان الأمر يتطلب تصريح للدخول ما يمنح المالك الفرصة لإخفاء الأسلحة.

وحال هذا الحاجز القانوني من تنفيذ الرقار 1701 بشكل كامل.

من ناحية أخرى، كانت القوات المسلحة تتعامل بحذر مع الفصائل السياسية المختلفة في بيروت، كما أنها حساسة للحاجة إلى الدعم المحلي في الجنوب.

ويرجع ذلك إلى أن أغلبية سكان المناطق الجنوبية هم من الشيعة الذين يبدون ولاءًا أكبر لحزب الله وميليشيا “أمل” التي تعمل في لبنان كحزب سياسي.

استقرار لبنان مرهون بالقرار 1701.. والعقبات تحول دون تنفيذه
يُبدي سكان جنوب لبنان ولاءًا أكبر لحزب الله نظرًا للمساعدات التي يقدمها

وتقدم تلك المجموعات درجة من الأمن والمساعدة المادية في شكل خدمات اجتماعية.

ويُدرك المدنيون في المنطقة أن القوات المسلحة لا يمكنها استخدام القوة في البحث عن الأسلحة، وهذا لأن الجيش يحتاج إلى الاحتفاظ بعلاقة ولو بسيطة مع حزب الله باعتباره يسيطر على الأغلبية السياسية في بيروت.

وبشكل عام، يحتاج تخليص جنوب لبنان من أسلحة حزب الله غطاءً سياسيًا من بيروت.

وكانت هناك مشكلة أخرى وهي التسليح الضعيف للجيش اللبناني وعدم قدرته على ضم أسلحة جديدة، ويرجع ذلك إلى استراتيجية “التوفق العسكري النوعي” التي يتبعها جيش الاحتلال.

وتنص تلك الاستراتيجية على أن قوات الاحتلال يمكنها شن هجمات على أي دولة مجاورة تمتلك أسلحة حديثة قد تشكل خطرًا عليها، ما منع الجيش اللبناني من قبول المعدات الدفاعية الأساسية، مثل المركبات المدرعة وأنظمة الدفاع الجوي، من أصدقائها الأوروبيين.

إن منع القوات المسلحة اللبنانية من الحصول على المعدات الدفاعية يتناقض مع الهدف المعلن للاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة بتعزيز القوات المسلحة اللبنانية.

كما أن هذا التأخر التسليحي يدعم رواية حزب الله التي تذهب بأن الجيش الوطني غير قادر على تسلم الأمن الوطني للبلاد إلا بعد تسليحه بشكل مناسب ليتمكن من حماية لبنان.

ولذلك يمكن القول بأن المشكلات التي يواجهها الجيش اللبناني تؤثر بشكل مباشر على عدم تنفيذ اتفاق 1701 بشكل كامل.

ولا يمكن للجيش الوطني ولا قوات اليونيفيل أن تجبر حزب الله على الانسحاب، إلا في ظل اتفاق سياسي وقانوني في بيروت.

إن أي دعوات لتطبيق القرار 1701 بشكل كامل سوف تتطلب الدعم غير المشروط من جانب جميع الأطراف المعنية بهذا القرار.

المصدر: The Conversation