في ظاهرة استثنائية، يعتمد بعض الأشخاص على استخدام اليد اليسرى بشكل أساسي، بدلًا من اليد اليمنى في جميع الأعمال اليومية ومن بينها الكتابة.
ويحتفل العالم في 13 أغسطس من كل عام، باليوم العالمي للعُسر، وهو الأشخاص الذين يفضلون استخدام اليد اليسرى، لتسليط الضوء على أسباب هذه الظاهرة ودلالاتها.
ولكن لماذا قد يكون الشخص أعسر؟
رصد بعض العلماء مجموعة من المتغيرات الجينية النادرة المعروفة باسم TUBB4B، وفرص أن يكون الشخص أعسر، قائلين إن تلك المتغيرات موجودة في أقل من 1% من الأشخاص.
وكشفت الدراسة التي أُجريت على أكثر من 350 ألف جين بشري، ونُشرت في أبريل الماضي في مجلة Nature Communications أن تلك الجينات تميل لأن تتواجد بشكل أكبر لدى الأشخاص الذين يستخدمون اليد اليسرى بنحو 2.7 مرة.
وبحسب البيانات فإن 90% من الناس يستخدمون اليد اليمنى، مقابل 10% من الأشخاص يستخدمون اليد اليسرى.
وبشكل عام، يحدث الاختلاف في استخدام اليد اليمنى أو اليسرى نتيجة لعدم تناسق المخ فيما يتعلق بالتحكم في اليد، وفق الدراسة.
وبالنسبة للأشخاص الذين يستخدمون اليد اليسرى، يكون الجانب الأيمن هو المسيطر على المخ، بينما الأشخاص الذين يستخدمون اليد اليمنى لديهم الجانب الأيسر المسيطر.
ويقول أحد مؤلفي الدراسة وخبير علم الوراثة في معهد ماكس بلانك لعلم النفس اللغوي في هولندا، كلايد فرانكس، إن هذا الاختلاف يبدأ منذ تواجد الجنين في رحم الأم.
وأشار فرانكس إلى أن الآلية التي تعمل على تطوير نصف الكرة المخية بشكل مختلفة ليست معروفة حتى الآن.
ولكن التوصل إلى بعض الجينات التي قد تكون مؤثرة في تحديد اليد التي يعتمد عليها الشخص، قد تساهم في الكشف عن المزيد من الأدلة حول هذا الأمر، بحسب فرانكس.
وكانت الدراسات السابقة ساهمت في التوصل إلى تحديد بعض الجينات المرتبطة بالعُسر، ومن بينها بروتينات تُسمى التوبيولينات التي توفر البنية للخلايا.
وتشكل التوبيولينات خيوطاً أنبوبية تعرف باسم الأنابيب الدقيقة، والتي تعمل مثل هياكل الخلايا.
والاختلاف بين الدراسات السابقة والحديثة، هو أن الأولى كانت تركز على المتغيرات الشائعة للجينات، أما الدراسة الحديثة فتركز على المتغيرات النادرة.
ودرس العلماء في الدراسة الحديثة أيضًا المتغيرات التي تشفر البروتينات، على عكس الأبحاث السابقة التي ركزت على المتغيرات غير المشاركة في التشفير.
منهجية الدراسة
اعتمد الفريق البحثي على تحليل بيانات لـ38,043 و313,271 أيمن من البنك الحيوي البريطاني والذي يمتلك قاعدة بيانات ضخمة.
ويقول عالم الأعصاب في كلية الطب في هامبورج في ألمانيا، سيباستيان أوكلينبورغ، والذي لم يساهم في النتائج، إن الدراسة تدعم النتائج السابقة المتعلقة بعدم التماثل بين نصفي الدماغ.
كما تقدم النتائج الجديدة دليلًا إضافيًا على أن الأنابيب الدقيقة مرتبطة بما إذا كان الشخص يفضل استخدام يده اليمنى أو اليسرى، كما كتب مؤلفو الدراسة.
ويُرجع الباحثون ذلك إلى أن الأنابيب تؤثر في حركة الأهداب وهي عضيات أشبه بالشعر بارزة عن الخلايا، وتتحكم في توجيه السوائل المحيطة، وهذا ما ينعكس على تطوير عدم التناسق في الدماغ.
وعلى الرغم من أن المتغيرات الجينية النادرة تؤثر على عدد قليل من البشر، إلا أنها تساهم في فهم آليات النمو غير المتناسق في الدماغ البشري بشكل عام، بحد قول فرانكس.
ومع ذلك، فإن استخدام اليد اليسرى قد يكون نتيجة للصدفة في كثير من الأحيان، والذي يحدث نتيجة فترة نمو الجنين، دون أي تأثيرات جينية أو بيئية محددة.
المصدر: smithsonianmag