تمكّن علماء من تطوير فئران تشبه البشر بالكامل في أجهزتها المناعية، ما يفتح الباب أمام تعزيز ابتكار وتطوير الأدوية.
ووفق ما نشره موقع “لايف ساينس” فإن تلك الفئران المؤنسنة تعمل على إنتاج خلايا مناعية على غرار تلك التي ينتجها الجهاز المناعي البشري، حال إصابتها بعدوى.
واكتشف الباحثون أنه عند حقن الفئران بمادة كيميائية تسبب التهابًا واسع النطاق في الجسم، فإنها تقوم بتطوير نسخة من مرض الذئبة المناعي الذاتي تشبه إلى حد كبير تلك التي نراها في البشر.
ووصف العلماء نتائجهم في ورقة بحثية نشرت في 25 يونيو في مجلة Nature Immunology.
وتجربة إنتاج فئران تشبه البشر ليست جديدة تمامًا، ولكن هناك دراسات سابقة أجريت على الفئران المعملية والتي تساعد العلماء على فهم الجهاز المناعي البشري من خلال وجوده في كائن آخر.
وتُعد تلك العملية مفيدة في اختبار سلامة وفعالية الأدوية الجديدة، بخلاف اللقاحات ضد الأمراض المعدية قبل تجربتها على البشر.
ولكن في نفس الوقت فإن الوصول إلى فئران تشبه البشر في استجابتها الدقيقة للعدوى كان صعبًا، وكانت المحاولات السابقة دائمًا يشوبها النقص، بحسب الفريق الطبي الذي أجرى التجارب.
عملية تطوير الفئران
لكي يكون الفأر أكثر إنسانية، قام الباحثون في البداية بتربية فئران معدلة وراثيًا بحيث يكون جهاز المناعة بها ضعيفًا.
وبمجرد وصول الفئران لعمر يوم أو يومين، يتم حقنها بخلايا جذعية بشرية في قلب الحيوان.
وتم استخلاص تلك الخلايا الجذعية من الحبل السري البشري، والتي لديها خصائص تمكنها من التحول إلى أي نوع من الخلايا المناعية.
وبعد ذلك، بدأت قلوب الفئران في ضخ الخلايا الجذعية في الأنسجة الرخوة الإسفنجية داخل عظام الفئران، والمعروفة باسم نخاع العظام، وهو المكان الذي تنتج فيه الخلايا المناعية عادة.
وبسبب نقص المناعة لدى الفئران بالأساس، فإن الخلايا الجذعية البشرية تمكنت من التكاثر بسهولة في نخاع العظم.
وبعد مرور بضعة أسابيع، حقن الباحثون الفئران بنسخة من هرمون الاستروجين الجنسي، والمعروف بدوره في تعزيز النمو الجنسي والإنجاب لدى الإناث.
كما يلعب الهرمون دورًا أيضًا في تشكيل الخلايا الجذعية غير الناضجة إلى خلايا مناعية ناضجة ومتخصصة.
وساهم هرمون الاستروجين في زيادة إنتاج الفئران للخلايا المناعية البشرية بأعداد كبيرة، ومن بينها الخلايا الخلايا التائية، التي تهاجم الجراثيم بشكل مباشر، والخلايا البائية، التي تنتج أجسامًا مضادة للقضاء على الجراثيم تساعد في تحديد مسببات الأمراض للتدمير.
كيف تفاعلت الفئران مع اللقاحات؟
ولاختبار تأثير اللقاحات على الفئران المطورة، تم حقن الحيوانات بلقاح كوفيد -19 الذي تصنعه شركة فايزر- بيونتيك.
وأبدت الفئران استجابة بإنتاج أجسام مضادة بشرية ضد فيروسات كورونا وسارس – كوف – 2.
وبالمثل، عند تعرضها لبروتينات من بكتيريا السالمونيلا التيفية، الميكروب المسبب لحمى التيفوئيد، أنتجت الفئران أجسامًا مضادة ضد العامل الممرض.
ويقول أحد كبار مؤلفي الدراسة وأستاذ الطب في جامعة تكساس، الدكتور باولو كاسالي، إن الفئران المطورة يمكن أن تكون أداة قيمة لإجراء الاختبارات الطبية الحيوية، وخصوصًا اللقاحات.
وأضاف كاسالي أنه طالما تتمتع الفئران بجهاز مناعي بشري بنسبة 100%، فمن الممكن استخدامها لاختبار ردة فعل جسم الإنسان على اللقاحات.
ويقول كاسالي إنه في المراحل المبكرة من البحث، لا يمكن إجراء مثل هذه الاختبارات على البشر لأسباب أخلاقية.
وأضاف أن الفئران يمكن استخدامها أيضًا لتطوير علاجات جديدة تعمل عن طريق تعديل نشاط الجهاز المناعي، مثل مثبطات نقاط التفتيش لعلاج السرطان . وتساعد هذه الأدوية الجهاز المناعي على استهداف الخلايا السرطانية بشكل أفضل لتدميرها.
المصدر: Livescience