استبدال الوقت الذي تقضيه أمام التلفاز بالنشاط البدني قد لا يبدو أمرًا ممتعًا، لكنه مرتبط بفرص أكبر للتمتع بشيخوخة صحية، حيث أثبتت دراسة حديثة أن الجلوس لفترات طويلة دون القيام بأي نشاط بدني يكون له آثار سلبية مستقبلية في مرحلة الشيخوخة.
ويقول الدكتور مولين وانغ، أستاذ الطب وعلم الأوبئة في كلية تي إتش تشان للصحة العامة بجامعة هارفارد وقائد فريق البحث إن الرسالة الرئيسية للدراسة هي أن استبدال وقت التلفاز بالنشاط البدني الخفيف أو المعتدل إلى القوي، والنوم (لمن يعانون من قلة النوم) له فوائد كبيرة للشيخوخة الصحية
وأوضح الدكتور أندرو فريمان، مدير الوقاية من أمراض القلب والعافية في المركز الوطني للصحة في دنفر، إن نتائج الدراسة ليست مفاجئة، مشيرًا إلى أن العديد من الدراسات السابقة أظهرت تأثيرات سلبية للسلوكيات المستقرة على الصحة.
نتائج الدراسة
قام الباحثون بتحليل بيانات من دراسة صحة الممرضات لأكثر من 45000 شخص بعمر 50 عامًا أو أكثر في عام 1992، والذين كانوا خالين من الأمراض المزمنة.
وقد تابعت الدراسة هؤلاء الأشخاص لمدة 20 عامًا لتقديم معلومات حول وقت الجلوس في العمل والمنزل ومشاهدة التلفاز، بالإضافة إلى ساعات الوقوف أو المشي في المنزل والعمل.
وأشارت الدراسة إلى أن الشيخوخة الصحية تعني العيش حتى عمر 70 عامًا على الأقل، والحفاظ على أربعة مجالات صحية على الأقل مثل عدم وجود مرض مزمن كبير وعدم وجود ضعف في الذاكرة والصحة البدنية والعقلية.
وأظهرت النتائج أن كل ساعتين إضافيتين من مشاهدة التلفاز ارتبطت بانخفاض بنسبة 12% في فرص الشيخوخة الصحية، بينما أدت إضافة ساعتين من النشاط البدني الخفيف في العمل إلى زيادة بنسبة 6% في تلك الفرص.
كما تبين أن استبدال ساعة من الجلوس لمشاهدة التلفاز بنشاط بدني خفيف في المنزل أو العمل يرتبط بفرص أكبر للشيخوخة الصحية.
أضرار الجلوس لفترات طويلة
أظهرت دراسة أجريت عام 2017 وجود علاقة بين الوقت الذي يقضيه الشخص جالسًا والوفاة المبكرة لأي سبب، وأكد بحث أجري في عام 2023 أن وقت الجلوس في مرحلة الطفولة يمكن أن يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب في وقت لاحق من الحياة.
وأشار الخبراء إلى أن المشكلة تتفاقم بشكل خاص عند تناول كميات كبيرة من الملح، دون الحصول على حركة كافية لتدوير السوائل في الجسم.
وأوضح الدكتور أندرو فريمان أنه عندما يجلس الناس أمام التلفزيون، فإنهم عادة ما يمارسون أنشطة أخرى غير صحية، مثل تناول الوجبات السريعة، ووجبات العشاء أمام التلفاز، والفشل في التواصل مع الآخرين، بل وقد يؤدي ذلك إلى تقليل جودة النوم.
وذكر فريمان أن الجلوس طويلًا يفوت على الفرد كل فوائد النشاط البدني، وهو وسيلة مهمة للحد من مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية وخفض ضغط الدم.
كيفية التخلص من الجلوس الطويل
قال فريمان إن غالبية من يعملون لمدة 8 أو 10 أو 12 ساعة يوميًا قد يجدون صعوبة في إيجاد وقت لممارسة الرياضة، لذلك يمكنهم دمج لنشاط البدني في الأعمال اليومية، مثل عقد الاجتماعات أثناء الوقوف، وقضاء المشاوير القريبة مشيًا على الأقدام، والحرص على عدم الجلوس لأكثر من 30 دقيقة متواصلة.
وأشار فريمان إلى أنه لا يتعين علي الشخص حظر الجلوس أو مشاهدة التلفزيون بالكامل، بل يمكنه وضع حدود زمنية لنفسه وممارسة السلوكيات الصحية، مثل تناول وجبة خفيفة مغذية بدلًا من رقائق البطاطس.
وأوضح فريمان أن هناك أدوات وتطبيقات مفيدة لهذا الغرض، يعتقد الكثيرون أنها مخصصة للأطفال، ولكن الحقيقة أنها مفيدة جداً للكبار أيضاً، فهي تتيح للفرد تتبع مقدار الوقت الذي يقضيه أمام الشاشة ومقدار النشاط البدني الذي يقوم به.
المصدر: