قبل ما يزيد عن قرن من الزمن، خاض الملك عبد العزيز – رحمه الله – حربًا ضروسًا على مدار 32 عامًا، كان الهدف الأساسي منها توحيد أجزاء المملكة التي أسسها الإمام محمد بن سعود قبل ثلاثة قرون.
وفي 5 من شهر شوال عام 1319هـ /15 يناير 1902م، نجح الملك عبد العزيز في استرداد الرياض عاصمة أجداده، ليُرسي ركائز الدولة السعودية الثالثة، بعد مؤسس الدولة الثانية الإمام تركي بن عبد الله بن محمد بن سعود في عام 1824م.
وفي 21 جمادى الأولى 1351هـ، الموافق 23 سبتمبر 1932م، تم إعلان قيام المملكة العربية السعودية، لتكون مثار فخر وذكرى يُحيها أبناؤها حتى اليوم.
ملحمة بطولية
مع بداية القرن العشرين، غرقت المملكة في الفوضى والصراعات، وكان الملك عبد العزيز في مقتبل الشباب، وكان يقيم مع عائلته في دولة الكويت.
وفي يوم 5 شوال عام 1319هـ /15 يناير 1902، انضم الشاب صاحب الـ 26 عامًا إلى حملة خرجت فيها عائلته باتجاه الرياض، مستهدفة إنهاء الانقسامات وتوحيد المملكة تحت راية واحدة.
كان الانتصار حليف الحملة، وانتزع الشاب العشريني مدينة الرياض لتكون بداية لعصر جديد بقيادته، بعد أن تنازل له والده الإمام عبدالرحمن بن فيصل عن الحكم والإمامة في اجتماع حافل بالمسجد الكبير بالرياض بعد صلاة الجمعة.
في السنوات التالية وتحديدًا في الفترة بين عامي في الفترة 1320/1321هـ، بدأ الملك الشاب في توحيد المناطق الواقعة جنوب الرياض.
وكانت البداية في بلدة الدلم القريبة من الخرج، وما أن أحكم سيطرته عليها حتى خضعت له باقي المدن الخرج والحريق والحوطة والأفلاج وبلدان وادي الدواسر مرورًا بالوشم وشقراء ثادق ثم سدير والمجمعة ليضمها جميعًا إلى دولته الجديدة.
تنظيم الدولة وازدهارها
وفي 17 جمادى الأولى 1351هـ، تم إصدار مرسوم ملكي يُعلن توحيد أجزاء المملكة كافة تحت اسم “المملكة العربية السعودية” بقيادة الملك عبد العزيز آل سعود.
وتم اختيار شعار المملكة الشهير وهو السيفان المتقاطعان الموجودان على علم السعودية الأخضر والذي يتوسطهما نخلة، إلى جانب الشهادتين.
وبدأ الملك عبد العزيز في تنظيم الدولة من خلال تأسيس حكومة الحجاز واستحداث منصب النائب العام وإنشاء مجموعة من الوزارات، وكانت المملكة من بين الدول التي أسست الجامعة العربية.
وبحلول عام عام 1357هـ/1938، بدأت بوادر الذهب الأسود في الخروج إلى النور بعد أن تم استخراج كميات كبيرة في المنطقة الشرقية، وهو ما أدى إلى توفير دعم نقدي ساهم بشكل كبير في تطوير المملكة وتقدمها.
وأعقب ذلك إنشاء العديد من المشروعات من بينها الطرق البرية ومد خطوط السكك الحديدية وتأسيس الخطوط الجوية العربية السعودية عام 1945م، وافتتاح الإذاعة السعودية عام 1368هـ/1949م، والاهتمام بالخدمات الصحية من مستشفيات وخلافه، ووضع نظام للجوازات.
إطلاق رؤية 2030
شهدت المملكة حقبة جديدة بدخول عصر الرؤية، عندما رسمت السعودية خططًا جديدة لمستقبلها بإطلاق الأمير محمد بن سلمان سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية رؤية المملكة 2030 في 25 أبريل عام 2016، بدعم من خادم الحرمين الشريفين.
وقال الملك سلمان وقتها: “لقد وضعت نصب عيني، منذ أن تشرفت بتولي مقاليد الحكم، السعي نحو التنمية الشاملة من منطلق ثوابتنا الشرعية، وتوظيف إمكانات بلادنا وطاقاتها، والاستفادة من موقعنا وما تتميز به من ثروات وميزات، لتحقيق مستقبل أفضل للوطن وأبنائه مع التمسك بعقيدتنا الصافية والمحافظة على أصالة مجتمعنا وثوابته”.
بدوره أشار ولي العهد إلى طموح المملكة هو “بناء وطن أكثر ازدهارًا يجد فيه كل مواطن ما يتمناه، بالتعليم والتأهيل بالفرص التي تُتاح للجميع، والخدمات المتطورة في التوظيف والرعاية الصحية والسكن والترفيه وغيره”.
أهداف رؤية 2030
وركّزت الرؤية على تنفيذ إصلاحات غير مسبوقة في القطاع العام والنواحي الاقتصادية والاجتماعية، وخلق فرص استثمارية جديدة وتعزيز المشاركة العالمية للمملكة، بما يدعم وصول المملكة لأهدافها بحلول عام 2030.
ومن بين أهم مرتكزات الرؤية هو بناء مجتمع حيوي بهدف توفير الرفاهية والازدهار للمواطنين وبطهم بوطنهم، بالإضافة إلى بناء اقتصاد مزدهر يعزز من فرص النجاح التي تدعمها بيئة عمل ترعى الشركات الصغيرة والمتوسطة، وتستثمر في التعليم لإعداد موظفي المستقبل.
أرقام من إنجازات الرؤية
بالنسبة للمجتمع، بلغت نسبة تملك السعوديين للمساكن 60% في عام 2020، بعد أن كانت 47% قبل الرؤية، وأصبح استحقاق المساكن فوريًا بعد أن كان المواطن ينتظر الدعم لمدة 15 عامًا.
وارتفعت نسبة تسهيل الخدمات الصحية للمواطن منذ وصوله إلى المستشفى إلى 87%، بعد أن كانت 36% في السابق، وتقدمت المملكة على مؤشر السعادة العالمي إلى المرتبة 21 بعد أن كانت 37 قبل إطلاق الرؤية.
وبلغ عدد الأماكن الترفيهية في المملكة 277 مكانًا ارتفاعًا من 154 مكانًا، وتم اختصار مدة الحصول على تأِيرة لأداء الحج أو العمرة إلى 5 دقائق (إلكترونيًا) بعد أن كانت 14 يومًا.
وتراجعت نسبة الوفيات في حوادث الطرق من 28.8 وفاة لكل100 ألف نسمة قبل الرؤية، لتصبح 13.5 وفاة لكل 100 ألف نسمة في عام 2020.
وتتطلع المملكة إلى المزيد من التقدم بدعم من قيادتها الرشيدة المتمثلة في خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهدها الأمين، الأمير محمد بن سلمان، لدعم مكانتها المتميزة بين كبريات دول العالم.
اليوم الوطني السعودي ويوم التأسيس.. الرمزية التاريخية لكل منهما
الملك عبد العزيز.. إرث عظيم ومسيرة شامخة قادتها الحكمة
ولي العهد.. تصريحات مصيرية إقليميًا ودوليًا في لقاء فوكس نيوز