استمرارً للصراع الأرمني الأذربيجاني المندلع منذ ما يزيد على 3 عقود، نفذت القوات الأذربيجانية هجمات بأسلحة عالية الدقة على إقليم كاراباخ؛ رداً على استفزازات أرمينيا بحسب ما أعلنت وزارة الدفاع.
وطالبت أرمينيا مجلس الأمن الدولي وروسيا بوقف تحركات أذربيجان العسكرية في كاراباخ، منددة بما وصفته بـ “العدوان واسع النطاق”.
كما اتهمت الخارجية الأرمينية جارتها بممارسة “سياسة التطهير العرقي”.
وأسفر الصراع خلال العقود الماضية عن حربين على نطاق واسع، في أوائل التسعينيات وفي عام 2020، ما أدى إلى نزوح جماعي، وسبب حالة من عدم الاستقرار تؤثر على المنطقة بأكملها.
تاريخ الصراع بين أذربيجان وأرمينيا
تعود جذور الصراع الأرمني الأذربيجاني إلى النزاع حول السيادة على ناغورني كاراباخ، وهي منطقة جبلية تبلغ مساحتها حوالي 4400 كيلومتر مربع.
تسكن المنطقة أغلبية عرقية أرمينية محلية، ولكنها شكلت جزءًا من أذربيجان السوفيتية، وفي عام 1987، بدأ السكان الأرمن في ناغورني كاراباخ حملة للانفصال عن أذربيجان والاتحاد مع أرمينيا.
وظل النزاع دون حل حتى انهيار الاتحاد السوفييتي في عام 1991، وانتهت الحرب التي استمرت عامين في أوائل التسعينيات بانتصار عسكري أرمني حاسم.
وبعد وقف إطلاق النار في مايو 1994، كان أكثر من 25 ألف شخص قد فقدوا أرواحهم، وتم تهجير أكثر من مليون شخص قسراً من منازلهم.
انفصلت جميع أراضي ناغورني كاراباخ تقريبًا عن السيطرة الأذربيجانية، وتم إنشاء كيان جديد، جمهورية ناغورنو كاراباخ بحكم الأمر الواقع، والتي لم تعترف بها أي دولة رسميًا، بما في ذلك أرمينيا، حتى يومنا هذا.
كما احتلت القوات الأرمينية سبع مناطق متاخمة لمنطقة ناغورنو كاراباخ السابقة المتمتعة بالحكم الذاتي، والتي نزح سكانها الأذربيجانيون داخليًا.
محاولات لإنهاء الصراع
منذ عام 1992، توسط مؤتمر الأمن والتعاون في أوروبا (لاحقًا منظمة الأمن والتعاون في أوروبا) في المفاوضات تحت رعاية “مجموعة مينسك”، التي قادتها فرنسا وروسيا والولايات المتحدة منذ عام 1997.
ولكن منذ أواخر العقد الأول من القرن الـ 21، تم تهميش المفاوضات بشكل متزايد بسبب ارتفاع النفقات العسكرية وتدهور الظروف الأمنية على طول “خط التماس” الذي يبلغ طوله حوالي 200 كيلومتر.
اشتعال الصراع مجددًا
منذ عام 2014، تصاعدت انتهاكات وقف إطلاق النار، وبلغت ذروتها في “حرب الأيام الأربعة” في أبريل 2016، والتي أسفرت عن مقتل المئات.
وللمرة الأولى منذ عام 1994، تغيرت السيطرة على الأراضي عندما استعادت أذربيجان السيطرة على بعض المناطق الصغيرة.
وفي عام 2018، وصلت حكومة أرمنية جديدة إلى السلطة بقيادة نيكول باشينيان، وتلا ذلك اتصالات دبلوماسية متزايدة مع الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف، مما أدى إلى التزامات مبدئية من جانب القادة بـ ” إعداد السكان للسلام”.
ومع ذلك، لم يتم اتخاذ إجراءات بشأنها، واستؤنفت أعمال العنف على نطاق واسع في عام 2020، وفي يوليو، اندلعت اشتباكات على طول الحدود الأرمينية الأذربيجانية المعترف بها دوليًا، ثم اندلعت حرب واسعة النطاق على طول خط التماس المحيط بناغورني كاراباخ في سبتمبر إلى نوفمبر.
استعادت أذربيجان السيطرة على معظم الأراضي التي فقدتها أمام القوات الأرمينية في أوائل التسعينيات، بما في ذلك ما يقرب من ثلث الأراضي المتنازع عليها أصلاً في ناغورني كاراباخ نفسها، وقد فقد ما لا يقل عن 5300 وربما ما يصل إلى 7000 مقاتل، بالإضافة إلى 174 مدنيًا، حياتهم في 44 يومًا فقط.
حرب كاراباخ الثانية
وضعت الحرب أوزارها في 10 نوفمبر 2020 بإعلان وقف إطلاق النار بوساطة روسية، والذي يقضي بنشر بعثة حفظ سلام روسية قوامها 2000 جندي لمدة خمس سنوات في تلك الأجزاء من ناغورني كاراباخ التي لم تستردها أذربيجان والممر الضيق الذي يربط أرمينيا عبر الحدود.
كما نص الإعلان على إعادة جميع الأراضي التي احتلتها القوات الأرمينية في التسعينيات، وبناء ممر عبور جديد يربط أذربيجان بجيب ناخيتشيفان، وما بعده إلى تركيا، عبر جنوب أرمينيا.
وفي حين أنهى إعلان وقف إطلاق النار حلقة مدمرة من العنف الأرمني الأذربيجاني، ومهد الطريق لإعادة ترتيب منطقة جنوب القوقاز، يبدو أن التوصل إلى اتفاق سلام بين أرمينيا وأذربيجان عن طريق التفاوض يظل بعيد المنال.
هل غزو الصين لـ تايوان محتملًا؟ وما علاقة غرب أفريقيا؟
مركز الملك سلمان للإغاثة.. يد المملكة الممدودة بالمساعدات إلى العالم