يتحرك العالم بأسره خلال الفترة الأخيرة لتخفيض الانبعاثات الضارة المسببة للاحتباس الحراري، بهدف الحد من التغيرات المناخية التي تهدد الحياة على الكوكب.
وتتبع العديد من الدول طرقًا متنوعة بهدف الوصول إلى صافي الانبعاثات الصفري من الغازات الدفينة بحلول عام 2050، بموجب اتفاق باريس، ومن بين هذه الطرق هي هندسة المناخ.
ماذا تعني هندسة المناخ؟
تُعرف هندسة المناخ أو ما يُطلق عليها أيضًا “الهندسة الجيولوجية”، بأنها التدخل في النظام المناخي للأرض بشكل مقصود بهدف السيطرة على التغيرات المناخية.
وفي حين أن هذا المصطلح يشمل تقنيات بسيطة مثل إعادة التشجير بمساحات كبيرة لامتصاص الكربون، وطلاء البنايات باللون الأبيض لعكس أشعة الشمس، إلا أنه يتضمن تقنيات أخرى أكثر تعقيدًا.
وتشمل تلك التقنيات أساليب لإزالة ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي، وتعريض الأرض للتبريد السريع من خلال عكس طاقة الشمس إلى الفضاء.
وهذه التقنيات لا زالت في مراحل مبكرة من التجربة، وتتطلب تمويلات مادية ضخمة بما يجعلها صعبة التطبيق من قبل جميع الدول في الوقت الحالي.
تحذير الخبراء
على الرغم من أن تقنيات هندسة المناخ قد تبدو محمودة التأثير، إلا أنها مثيرة للجدل بشكل كبير وهو ما دفع العلماء للدعوة بوقف الجهود المبذولة في اختبارات هندسة المناخ الجيولوجية.
وقال العلماء إن تقنيات مثل عكس الطاقة الشمسية إلى الفضاء، قد يكون لها عواقب سيئة غير مقصودة، بخلاف أنها إجراءات لا تخضع لأي اتفاق عالمي بشأنها ولا توجد قواعد منظمة لها، بحسب صحيفة الغارديان البريطانية.
كانت لجنة تجاوز المناخ دعت الحكومات، وفق تقرير نُشر اليوم الخميس، إلى بذل المساعي في سبيل خفض الانبعاثات والتخلص من الوقود الأحفوري، واستخدام تقنيات إزالة الكربون.
كما دعت الحكومات إلى منح الأكاديميين التسهيلات اللازمة لإجراء المزيد من الاختبارات على تقنيات هندسة المناخ، بما فيها عكس الطاقة الشمسية.
وبشكل عام، لم يقلل العلماء من أهمية هندسة المناخ الجيولوجية، ولكن المخاوف تدور حول أنها لا تنطوي على نتائج مؤكدة حتى الآن، ولا توجد خبرات متراكمة يمكن أن تستفيد منها الحكومات في تطبيقها، وهو ما يمكن أن يلحق الضرر بالمناخ العالمي.
نتائج غير مؤكدة
وبحسب الرئيس السابق لمنظمة التجارة العالمية، باسكال لامي: “الخطر يكمن في العواقب العابرة للحدود، لأنه حتى الآن لا يستطيع العلماء تأكيد ما إذا كانت تقنيات عكس أشعة الشمس آمنة أم لا”.
ودعا لامي الحكومات لاتخذا قرارات أحادية بوقف الاختبارات والتجارب، مشددًا على ضرورة أن تتم الأبحاث الأكاديمية بشكل عالمي مشترك وشفاف.
ويركّز أعضاء لجنة تجاوز المناخ التي تضم مجموعة من العلماء ورجال السياسة والدبلوماسيين السابقين، على إدارة الإشعاع الشمسي بشكل خاص، باعتبارها الأكثر إثارة للجدل.
وتقول اللجنة إن تقنيات مثل وضع مرايا في الفضاء لعكس أشعة الشمس أو تشجير السحب في الغلاف الجوي من الممكن أن يكون لها آثار سيئة تتخطى حدود الدول.
كما أن هناك خطرًا متمثلًا في التوقف عن استخدام هذه الهندسة إذا استمر تدفق الانبعاثات الضارة، وهو ما يمكن أن يخلق صدمة مناخية واضطرابًا في البيئة.
بدوره، اعتبر عالم المناخ في مختبر الدفع النفاث التابع لناسا، بيتر كالموس، أن الهندسة المناخية قد تكون سببًا لاستمرار أصحاب المصالح من بيع النفط والغاز في القيام بأعمالهم، متخذين إمكانية التحكم في الكربون التي توفرها تقنيات الهندسة الجيولوجية كذريعة لبقاء أعمالهم بنفس الحجم.
وقال: “التوسع المستمر في استخدام الوقود الأحفوري قد يكتب نهاية هذا الكوكب”.
من ناحيته، قال أستاذ علوم نظام الأرض في جامعة كوليدج لندن، مارك ماسلين، إن تجارب إدارة الإشعاع الشمسي خطيرة، وقد تتسبب في تغيير مناخي لا يمكن التنبؤ به.
وأوضح: “توزيع الطاقة الشمسية في الأرض يتم بشكل طبيعي، والتلاعب في تغيير مناخ منطقة بعينها قد يؤثر على حركة نقل الطاقة عن طريق الغلاف الجوي من المناطق الاستوائية إلى القطبين بطريقة غير متوقعة”.
وشدد ماسلين على ضرورة أن يكون هناك قرارات دولية تُلزم الجهات القائمة على هذه الأبحاث بالتوقف فورًا، لضمان عدم حدوث أي عواقب وخيمة على المناخ العالمي.
ماذا لو ذاب الجليد في القطبين بسبب الاحتباس الحراري؟