تظهر الأبحاث أن كثيرًا من الشباب البالغين باتوا يعانون من مشاكل في القلب مقارنة بالعقود الماضية، الأمر الذي يعود إلى نمط الحياة السيئة أي سوء التغذية وعدم ممارسة الرياضة، كما تشير بعض الأبحاث إلى أن عدوى COVID تعد سببًا هي الأخرى، مع بعض المسببات الأخرى، فما هي الأسباب التي يمكن أن ينتج عنها المشكلات القلبية للشباب في مقتبل حياتهم؟ وهل يمكن تجنبها؟
نسبة تتزايد
تتزايد نسبة النوبات القلبية بين الشباب من عمر 20 إلى 50 عامًا في جميع أنحاء العالم، وهو ما يعتبره العديد من الأطباء حالة طوارئ صحية عامة. يقول الطبيب ساس رون بلانكشتاين، كبير أطباء القلب في مستشفى بريجهام وأستاذ الطب في كلية الطب بجامعة هارفارد في بوسطن “الشباب ليسوا محصنين ضد السكتة القلبية أو النوبات القلبية، ومع ذلك يعتقد الكثيرون أن هذا لا يزال مرضًا لكبار السن”، مضيفًا أن “الشيء المهم حقًا أن يعرفه الشباب هو أن أمراض القلب والأوعية الدموية، في الغالب، يمكن الوقاية منها إذا اتخذت الخطوات الصحيحة.”
النوبات القلبية لدى الشباب
تحدث السكتة القلبية، عندما يعاني القلب من اختلال في كهرباء القلب ويتوقف فجأة عن العمل هذا يختلف عن النوبة القلبية، التي تحدث عندما يتوقف تدفق الدم إلى القلب جزئيًا أو كليًا، ومع ذلك تتميز السكتة القلبية أنه يمكن معرفة أسبابها لأنها قد تكون ناتجة عن عدة حالات مثل اعتلال عضلة القلب (عضلة القلب السميكة)، وفشل القلب، وعدم انتظام ضربات القلب، أما النوبات القلبية فيصعب على الأطباء دراسة وتحديد ما إذا كان الأمر أكثر شيوعًا عند الشباب.
لكن الأبحاث تظهر أن النوبات القلبية، والتي تسمى أيضًا باحتشاء عضلة القلب، آخذة في الازدياد لدى الشباب.
وتشمل الأعراض الشائعة ألم الصدر أو عدم الراحة، وألم ينتشر في الفك أو الرقبة أو الظهر أو الذراعين، وضيق في التنفس، والشعور بالضعف أو الإغماء. وقد وجدت دراسة نُشرت في عام 2019 في المجلة الأمريكية للطب، أن الأشخاص الذين يبلغون من العمر 40 عامًا أو أقل والذين أصيبوا بنوبة قلبية معرضون تمامًا مثل كبار السن للوفاة من نوبة قلبية أخرى أو سكتة دماغية أو سبب آخر.
في الواقع، كانت الزيادات في أمراض القلب بين البالغين الأصغر سنًا في عامي 2020 و 2021 مسؤولة عن أكثر من 4 في المائة من الانخفاضات الأخيرة في متوسط العمر المتوقع في الولايات المتحدة.
من هو الأكثر عرضة للخطر؟
على الرغم من أن النوبات القلبية تصيب الرجال بشكل عام أكثر من النساء، إلا أن دراسات حديثة قالت إن عددًا أكبر من النساء الأصغر سناً يعانين من النوبات القلبية مقارنة بالرجال الأصغر سنًا – وأن نتائجهم أسوأ.
وقد وجد تحقيق عام 2018 نُشر في مجلة Circulation أن النسبة الإجمالية لدخول المستشفى نتيجة لأزمات القلبية بين الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 35 و 54 عامًا زادت من 27 بالمائة في عام 1995 إلى 32 بالمائة في عام 2010، أما لدى النساء فقد زادت من نسبة (21 في المائة إلى 31 في المائة) مقارنة بالشباب الذين زادت نسبة إصابتهم بشكل ضئيل من (30 في المائة إلى 33 في المائة)، إذ وجدت الدراسات أن الأطباء أكثر عرضة لتجاهل الأعراض وعدم تشخيص بعض عوامل الخطر لدى النساء، ويقل احتمال وصفهم للأدوية للمساعدة في إدارة مخاطرهم.
ما هي أكبر عوامل الخطر؟
تُظهر غالبية الأبحاث أن المزيد من الأشخاص حول العالم، تزداد لديهم عوامل خطر للإصابة بأمراض القلب في الأعمار الأصغر، وأن معظم الشباب ، الذين يبدو أنهم يتمتعون بصحة جيدة والذين يعانون من نوبة قلبية ، يعانون دائمًا من نوبة قلبية واحدة على الأقل، وتعد أكبر عوامل الخطر للإصابة هي ارتفاع ضغط الدم والسكري وارتفاع الكوليسترول والسمنة، والتي يمكن أن تسد وتضر الشرايين والأوعية الدموية التي تنقل الدم الغني بالأكسجين إلى القلب.
وفي حين أن بعض هذه الحالات قد تكون وراثية، إلا أنها غالبًا ما تحدث بسبب سنوات من العادات غير الصحية مثل سوء التغذية ونمط الحياة المستقرة التي تبدأ عادةً في وقت مبكر من الطفولة، كما يقول يوجين يانغ ، طبيب القلب الوقائي ورئيس الكلية الأمريكية لأمراض القلب.
كوفيد والتأثير على القلب
من ناحية أخرى ، يبدو أن COVID له تأثير مباشر على صحة القلب والأوعية الدموية، إذ وجدت دراسة أجريت عام 2022 ونشرت في مجلة Journal of Medical Virology أن الوفيات الناجمة عن النوبات القلبية زادت بنسبة 14 في المائة خلال العام الأول من الوباء، خاصة بين البالغين الذين تتراوح أعمارهم بين 25 و 44.
قال يانغ إنه من المعروف أن COVID ينشط الاستجابات الالتهابية في الجسم ويجعل الدم أكثر كثافة ولزوجة ، مما يجعل الأشخاص المصابين أكثر عرضة لجلطات الدم التي يمكن أن تسد الشرايين وتؤدي إلى نوبة قلبية، ومع ذلك، لا يزال من غير الواضح سبب ظهور تلك المشكلة بشكل خاص لدى البالغين الأصغر سنًا، كذلك ارتبطت عوامل أخرى مثل التبغ والكوكايين والماريجوانا وتعاطي الكحول بزيادة مخاطر الإصابة بالنوبات القلبية لدى البالغين الأصغر سنًا أيضًا.
الشباب ليسوا على دراية بمخاطرهم
رغم ذلك لا يشعر معظم الشباب بالقلق، إذ أظهر استطلاع أجراه مركز ويكسنر الطبي التابع لجامعة ولاية أوهايو في يناير أن 47 بالمائة من الأشخاص دون سن 45 لا يعتقدون أنهم معرضون لخطر الإصابة بأمراض القلب، لذا يقول الخبراء إن جعل البالغين الأصغر سنًا يهتمون بصحة القلب يمثل تحديًا فريدًا، خاصة لأنهم منشغلون في بناء العائلات والنجاح في وظائفهم، بجانب أن “حاسبة المخاطر” الأكثر استخدامًا التي طورتها جمعية القلب الأمريكية، تقيِّم فقط المخاطر لهؤلاء الذين تتراوح أعمارهم بين 40 و 75 عامًا.
كيفية تقليل مخاطر الإصابة بالنوبات القلبية
الوقاية المبكرة هي المفتاح، فكلما طالت مدة تجاهلك لعوامل الخطر، زادت فرص إصابتك بأمراض القلب وتجربة نتائج أسوأ بعد ذلك إن تجاهلت العلاج. يقول مارييل جيسوب كبير المسؤولين العلميين والطبيين في جمعية القلب الأمريكية “ألق نظرة فاحصة على عوامل الخطر لديك، ثم ضع خطة حول كيفية التعامل مع واحد أو أكثر من هذه العوامل”.
ومن جانبها توصي جمعية القلب الأمريكية باتباع ” أساسيات الحياة الثماني” وهي التدابير الرئيسية التي إذا تم ممارستها ، يمكن أن تحسن صحة القلب والأوعية الدموية وتحافظ عليها؛ وتشمل: اتباع نظام غذائي صحي ، وممارسة النشاط البدني بانتظام ، وعدم تدخين التبغ ، والنوم الكافي ، بالإضافة إلى التحكم في وزنك ، والكوليسترول ، وسكر الدم ، وضغط الدم.