لم يعد من الخفي على أي شخص أن الكوكب يُصبح أكثر سخونة بمرور الوقت، وهذا الكم من موجات الحر التي تجتاح العالم تُنذر بالخطر. وفق تقرير مصور بثته “بي بي سي”، فإن أكثر من 67 ألف شخص يدخل إلى المستشفى كل عام في الولايات المتحدة بسبب الحرارة الشديدة. كما أن أكثر من 700 ألف هكتار من الغابات فُقدت في أوروبا بسبب الحرائق منذ عام 2022.
المخاطر الصحية المرتبطة بموجات الحر
يقول البروفيسور كريس يوجيو، أستاذ الدراسات البيئية، إن المخاطر الصحية لموجات الحر تشمل الإنهاك الحراري، ومن بين مظاهرها الأكثر شدة هي ضربات الشمس والتقلصات، والتعرق الشديد، والغثيان، وعدم القدرة على التنفس. وأضاف: “كما أن الحرارة تؤثر على عمل الكُلى، وكذلك صحتنا العقلية وقدرتنا على اتخاذ قرارات سليمة”.
وتابع: “نحن نقول أن الجميع معرضون إلى مخاطر الحرارة الشديدة، لكننا قلقون أكثر بشأن العاملين تحت أشعة الشمس وكبار السن، والأطفال الصغار والحوامل”. وحددت خدمة الطقس الوطنية درجات الحرارة الشديدة باعتبارها السبب الأول للوفيات المرتبطة بالطقس في الولايات المتحدة، وهو ما دفعها لأن تُطلق عليها “القاتل الصامت”. ولا توجد معلومات وفيرة حول ماهية درجة الحرارة الآمنة، وكيف من المفترض أن يتعامل الناس مع الأحوال الجوية الأكثر سخونة.
هل يتأثر جميع الأشخاص بنفس القدر؟
ويقول الخبراء إن هذا القاتل الصامت لا يؤثر على الجميع بنفس الطريقة، وهو ما يتضح من خلال النظر إلى المدن الأكثر سخونة في الولايات المتحدة مثل “كونيتيكيت” وجيرانها، والتي يُطلق عليها الخبراء “الجزر الحرارية الحضرية”.
وهناك، تواجه المجتمعات الضعيفة من الأقليات العرقية ذات الدخل المنخفض، صعوبة أكبر في التعامل مع موجات الحر الشديدة أكثر من أولئك الذين يعيشون في الأحياء الأكثر ثراءً.
ووفق التقرير، فإن الحرارة الشديدة هي قضية عدل بيئي، ومن المعروف أن الأشخاص الذين يتعرضون بشكل غير متناسب للحرارة الشديدة، هم أيضًا أكثر عُرضة للمشكلات البيئية الأخرى، سواء كان الهواء الملوث أو عدم تمكنهم من الحصول على طعام صحي وبأسعار مناسبة.
وقال يوجيو: “أكثر ما يقلقنا هي الأحياء التي تضم معظم المهاجرين إلى المدن، سواء كانوا أشخاص ملونين أو مهاجرين، إذ تكون مساكنهم دون المستوى وأقل قدرة على التعامل مع درجات الحرارة المرتفعة”.
كيف يمكن التصدي للمخاطر؟
وتمكّن خرائط الحرارة صناع القرار من معرفة الأحياء المعرضة لمخاطر الحرارة الشديدة بشكل أكبر، وهذا يمكن أن يدفعهم إلى تنفيذ حلول تبريد بتكلفة بسيطة، مثل مراكز التبريد والمباني ذات الكفاءة الأعلى، إلى جانب المبادرات الخضراء مثل مبادرة المدارس الخضراء في هيوستن، أو مبادارات التخضير الحضري مثل حملة “مليون شجرة” في مدينة نيويورك.
وأظهرت الدراسات ارتباطًا واضحًا بين تغير المناخ وموجات الحر، وتُشير توقعات منظمة الصحة العالمية إلى أن ستتم إضافة 38 ألف حالة وفاة سنوية بحلول عام 2050.
ومنذ عام 2020، تسببت حرائق الغابات في أضرار بقيمة 33.8 مليار دولار في الولايات المتحدة وحدها.
وقد لا تحل الخرائط الحرارية هذه الأزمة الصحية، ولكنها قد تكون خطوة مهمة بالنسبة للعلم، من خلال الاستماع إلى الأشخاص الكثر ضعفًا وتضررًا من موجات الحر.
ما هي الأمراض الناجمة عن الحرارة؟ وكيف يتعامل معها أطباء قسم الطوارئ؟