سياسة

السويد وفنلندا تودعان عقودًا من الحياد.. هكذا كانت رحلة الانضمام إلى الناتو

يبدو أن عدد الدول الأعضاء في الناتو سيرتفع إلى 32، في ظل استعداد السويد للانضمام إلى التحالف العسكري، بعد تخلي تركيا عن اعتراضاتها السابقة حول انضمام الدولة الإسكندنافية للحلف.

ولسنوات التزمت السويد وفنلندا – التي انضمت في أبريل الماضي إلى الحلف – بمبدأ الحياد العسكري، ولكن هذا الموقف تغير في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير 2022، في حرب توصف بأنها الأكبر منذ الحرب العالمية الثانية.

أسباب الانضمام

يقف الإحساس بعدم الأمان والاستقرار في المنطقة الذي أصاب عدة دول مع بدء العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، وراء سعي الدولتين للانضمام إلى التحالف.

بالنسبة لـ فنلندا، فقرار الانضمام لم يتطلب وقتًا طويلًا، وكانت “صفقة منتهية” بحسب وصف رئيس الوزراء الفنلندي السابق، ألكسندر ستوب.

وربما أعادت حرب أوكرانيا إلى الأذهان ذكريات مؤلمة للغزو الذي تعرضت له من قبل السوفييت في عام 1939، وأدى إلى خسارتهم 10% من أراضيهم بعد مقاومة طويلة، وبثت الخوف في نفوسهم من تكرار هذه التجربة الأليمة مرة أخرى.

أما بالنسبة للسويد، فكانت لديها مخاوف مماثلة وخصوصًا بعد أن أجرت طائرة قاذفة روسية مخاكاة للهجوم على ستوكهولم في عام 2013، ما استدعى مساعدة الناتو.

وكذلك في عام 2014 عندما تم اكتشاف غواصة روسية في المياه الضحلة لأرخبيل ستوكهولم.

القوات العسكرية

تدرب فنلندا كل عام حوالي 21 ألف مجند، كما أنها تمتلك 9 آلاف جندي في قواتها الاحتياطية، بإجمالي قوة خلال الحرب تُقدر بـ 280 ألف جندي، مدربة على مستوى عال.

وهذا الرقم كبير عند مقارنته بعدد السكان في فنلندا والذي يصل عددهم إلى 5.5 ملايين نسمة.

في السويد تقل القوات عن هذا العدد بشكل كبير، إذ تمتلك 57 ألف مجند فقط، ولكن من المتوقع أن يرتفع عدد المجندين في عام 2025 إلى 8 آلاف، في مقابل 6 آلاف في الوقت الحالي، وذلك بسبب إعادة التجنيد مرة أخرى منذ عام 2018 بعد أن توقف في 2010.

كانت السويد منذ تسعينيات القرن الماضي، خفضت من حجم قواتها، ووجهت جهودها إلى مهام حفظ السلام في جميع أنحاء العالم، ولكن منذ الغزو الروسي لشبه جزيرة القرم في 2014 بدأت تشعر بالقلق.

كيف سينعكس الانضمام للناتو على البلدين؟

نظرًا لأن فنلندا والسويد شريكان للناتو منذ عام 1994، ونفذا بالتعاون معه مهمات منذ نهاية الحرب البادرة، فإنهما لن يشهدا تغييرات ضخمة بانضمامها للحلف.

ولكن هذا الانضمام سيمنح البلدان ضمانات من الدول النووية الأعضاء في الحلف، وذلك بموجب المادة 5 من قانون حلف شمالي الأطلسي، والذي يعتبر أي هجوم على أي دولة فيه بمثابة هجوم على كل الأعضاء.

وشرعت البلدان منذ سقوط الاتحاد السوفيتي في خطوات أهلتها إلى الانضمام للحلف، كان من بينها شراء هلسنكي 64 طائرة مقاتلة أمريكية، ووصولها إلى هدف الإنفاق الدفاعي المتفق عليه في الناتو وهو 2% من إجمالي الناتج المحلي.

بالمثل كان للسويد خطوات مشابهة، منها وضع خطة للوصول إلى هدف الإنفاق الدفاعي بحلول عام 2026، إلى جانب جمع شمل جيشها وقواتها.

كيف ترى روسيا الانضمام؟

بالنسبة للرئيس الروسي بوتين فإنه يرى أن زيادة الدول الأعضاء في الناتو يشكل تهديدًا مباشرًا على موسكو، وهو ما دفعه بالأساس إلى شن الحرب على أوكرانيا.

ولكن بالنظر من زاوية أخرى، فإن الحرب ساهمت بشكل كبير في توسيع نفوذ الحلف في منطقة بحر البلطيق خصوصًا بعد انضمام فنلندا والسويد.

وأعلنت موسكو إنها حذرت البلدان مرارًا من هذه الخطوة، وفي أعقاب تراجع تركيا عن موقفها المتشدد من انضمام السويد، لوحت روسيا بسلاحها النووي بعد قولها بإنها  نقلت أسلحة نووية تكتيكية إلى بيلاروسيا.

هل يحقق الانضمام إلى الناتو الأمان للبلدين؟

يشمل هذا الأمر شقين، من ناحية ستستفيد البلدان من الدعم العسكري للناتو حال تعرضهما لأي هجوم بموجب المادة 5 من قانون الحلف.

ولكن من ناحية أخرى ربما تدفع هذه الخطوة الدول الأعضاء للدخول في سباق تسليح نووي مع روسيا، كما أن السويد قد تفقد الجهود التي قامت بها كوسيط دولي في الفترة بين ستينيات وثمانينيات القرن الماضي في نزع السلاح النووي العالمية.

وهناك اختلاف بين السويد وفنلندا فيما يخص اعتناق مبدأ الحياد، فهو بالنسبة للأولى مسألة هوية وأيديولوجية، أما بالنسبة للثانية فهي مسألة وجودية فُرضت عليها من قبل الاتحاد السوفيتي في عام 1948، كشرط للسلام عندما تم توقيه اتفاقية الصداقة.

لماذا عارضت تركيا في البداية؟

كانت تركيا ترى أن كلا من السويد وفنلندا تدعمان بعض الحركات الإرهابية، التي وقفت وراء محاولة الانقلاب في تركيا خلال عام 2016، وعلى رأسها حركة غولن وحزب العمال الكردستاني.

واحتضنت السويد – التي كان لها النصيب الأكبر من الرفض التركي والمجري للانضمام إلى الحلف – عناصر كثيرة من الأكراد الذين تعرضوا للاضطهاد في تركيا لعقود، ومنحتهم حرية العمل السياسي هناك.

وعارض أردوغان انضمام السويد التي تدعم وتأوي الإرهابيين، وكان شرطه الأساسي للتخلي عن معارضته انضمامها للحلف، هو وقف دعمها لهذه العناصر.

وبالفعل أجرت السويد تعدلات على قوانين الإرهاب لديها في يونيو الماضي، كما تم سجن رجل كردي بتهمة تمويل الإرهاب.

“الناتو” يجتمع في “فيلنيوس” هذا الأسبوع.. ما الذي سيتم مناقشته في القمة؟

من هو “ينس ستولتنبرغ” الأمين العام لحلف “الناتو”؟

لماذا يهتم حلف الناتو بانضمام السويد وفنلندا للحلف؟