منذ الطفرة التي شهدتها تقنيات الذكاء الاصطناعي خلال الآونة الأخيرة، يجادل الكثيرون حول أن الأدوات الجديدة ستقضي على العديد من الوظائف في مجالات متعددة تاركه مصير أصحابها على المحك.
ولكن بالنسبة للتعليم فلم يكن ضمن الصورة حتى وقت قريب، وكانت معظم التكهنات تتحدث عن مجالات الطب والفنون بشكل أكبر.
وفي الوقت الذي يرى البعض أن الذكاء الاصطناعي قد يحل مشكلة الحصول على تعليم جيد والتي تقتصر في الوقت الراهن على فئات محددة ممكن يستيعون تحمل نفقاته المرتفعة، يقول البعض الآخر إنه حتى بوجود أذكى الروبوتات لن يكون الاستغناء عن المعلم أمرًا سهلًا.
التكنولوجيا الحالية
بعيدًا عن الروبوتات القادرة على القيام بدور المعلم، تستخدم المدارس في الوقت الحالي العديد من التطورات التقنية في العملية التعليمية، والتي يأتي على رأسها منصات التعلم عبر الإنترنت.
وتُتيح هذه المنصات للطلاب عدم التقيد بمكان معين للحثول على المواد التعليمية، إلى جانب استخدام الذكاء الاصطناعي في وضع الخطط الدراسية المختلفة، تقييم أداء الطلاب بما يضمن تعديل منهجية وأسلوب التعليم بما بتناسب مع كل طالب.
وهذا الوضع الحالي يختلف تمامًا عما كان عليه التعليم قبل 30 عامًا، حين كانت المكتبات هي المصدر الأساسي للمعلومات، وفي حين أن التعلم عن بُعد ووجود مساحات تعليمية عبر الإنترنت قد يسمح للطلاب بالتعلم من بعضهم البعض، إلا أنها لا تزال عملية بطيئة في ظل غياب المعلم.
المعلم الروبوت
عادة ما يتخيل البعض بمجرد الحديث عن الذكاء الاصطناعي الذي يحل محل البشر، روبوتًا له صفات بشرية من حيث الشكل يقف داخل الفصل ويدرس للطلاب.
وبعيدًا عن أن هذه الفكرة ستكون ممتازة لمعالجة النقص في المعلمين في أنحاء عديدة من العالم، والذين يمكن أن يقدموا تجارب تعليمية أخرى بشكل فردي.
ولكن المقصود بالذكاء الاصطناعي في الوقت الحالي، هي التطبيقات التي تُتيح خدمة تعليمية أكثر تقدمًا معتمدة على أدوات قادرة على معالجة مدخلات ومعطيات مختلفة.
ومع التقدم المخيف الذي تشهده تقنيات الذكاء الاصطناعي، قد لا يكون من الصعب وجود معلم روبوت خلال العقود القليلة المقبلة، قادر على التعاطي مثل المعلمين بلمسة إنسانية واجتماعية.
ولكن حتى الآن، يرى العلماء أن هذا الأمر صعب الحدوث بسبب الخلايا العصبية المرآتية، المسؤولة عن فهم الآخرين والتعاطف ومعهم، وهي ميزة موجود بين البشر ولا بد أن يمتلكها الروبوت حتى نستطيع الحديث عن استبداله بالمعلم.
الواقع المعزز
يمكن للتعليم أن تكون تجربة أكثر سهولة وثراءً من خلال استخدام تقنيات الواقع المعزز والتي تشهد هي الأخرى تطورًا كبيرًا مؤخرًا.
وبدلًا من أن يحصل الطالب على المعلومة بشكل مجرد من خلال الكتب، تمنحه الأجهزة اللوحية للواقع المعزز تصورًا من خلال دعمها بأمثلة من العالم الحقيقي، وهو ما قد يخدم الطلاب الذي يواجهون صعوبات في بعض المواد الدراسية.
ويمكن أن تفكر المدار في استخدام تكنولوجيا أخرى للواقع المعزز مثل سماعات الرأس ثلاثية الأبعاد، إلى جانب الأبعاد الأخرى التي قد يكتسبها التعليم عن بُعد، مثل أن يكون الطالب قادرًا على حضور دورات عبر الواقع الافتراضي عبر الإنترنت والتفاعل مع زملائه ومعلميه دون أن يتحرك من منزله.
مراقبة التفاعل
يختلف كل طالب في طريقة تعلمه عن الآخر، وأحيانًا يكون من الصعب أن يقوم المعلم بتحليل قدرات ومهارات كل طالب على حدة ليكتسف الطريقة الأفضل للتعامل معه.
ولكن من خلال تقنيات الذكاء الاصطناعي، تم ابتكار بعض الأجهزة التي تقيس مهارات الاستماع لدى الأطفال بمجرد ارتداءها على الرأس، وبالتالي سيكون من السهل تحديد الطلاب المتعثرين.
كما يمكن الاستعانة بكاميرات مراقبة ترصد تعابير الوجه والإشارات غير اللفظية للطلاب وردود أفعالهم تجاه بعض المواد الدراسية، والتي يمكن تحليلها لاحقًا من خلال خوارزميات الذكا الاصطناعي لتعطي تقريرًا مفصلًا عن أداء هؤلاء الأطفال.
تأهيل البيئة الحاضنة للذكاء الاصطناعي
مع وجود صعوبة في الحصول على تعليم جيد في أماكن مختلفة من العالم كما تمت الإشارة مسبقًا، يعطي الصعود الكبير في تقنيات الذكاء الاصطناعي الأمل في إحداث ثورة في مهنة التدريس.
ولكن هذا الأمر يتطلب نظامًا بيئيًا مناسبًا لفرض هذه التقنيات من خلال جمع بيانات عن الطلاب، التي يعتمد عليها الذكاء الاصطناعي بالأساس في عمله.
من ناحية أخرى لا بد من توفير التمويل المناسب لربط هذه التكنولوجيا بالمدارس، وهنا يأتي دور أصحاب المصلحة من المستثمرين والمؤسسات المختلفة والحكومات، وربطهم في شراكات قوية.
في هذه الحالة فقط، يمكن وقتها القول إن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يحل محل المعلم بل ويوفر تجربة تعليمية أفضل للطلاب.
5 من أضخم السرقات للأعمال الفنية في التاريخ
بعض الدول تتجه لحظر الهواتف والأجهزة الذكية في المدارس.. لماذا؟
لماذا يرى الخبراء أن هناك صعوبة في تفوّق “Threads” على “Twitter”؟