تلقي أزمة تغير المناخ بظلالها على المحيطات، وهو ما جعل الأسماك تواجه صعوبة في التنفس تحت المياه، في خطر ينذر بتهديدات للثروة السمكية.
وبخلاف أن احترار الكوكب يؤدي إلى زيادة درجة حرارة المحيطات والمسطحات المائية، باتت البحار تعاني نقصًا في الأكسجين الذي يعتبر من أساسيات البيئة الملائمة للأسماك، بحسب تقرير نشرته “بي بي سي”.
“بطة بومباي”
ووجد الباحثون أن بعض أنواع الأسماك ظهرت بأعداد كبيرة في أماكن غير معتادة على التواجد فيها، مثلما الحال في سمكة بطة بومباي، التي عُثر على مجموعات ضخمة منها قبالة سواحل جنوب شرق الصين.
ويقول الباحث في مصايد الأسماك بجامعة كولومبيا البريطانية، دانييل باولي، إن هذه الأسماك هربت من بيئتها الأصلية بعد أن فشلت في التكيف مع كميات الأكسجين القليلة، على الرغم من أن التكوين الفسيولوجي لها يمكنها في الأصل من التعايش مع هذه التغيرات.
ورسم العلماء توقعات قاتمة بناءً على هذه الملاحظات، لأن هجرة أنواع من الأسماك بسبب نقص الأكسجين الناتج عن ارتفاع درجة حرارة الغلاف الجوي، يمكن أن يتسبب في نقص تنوع النظام البيئي في أماكن معينة.
ولن يتوقف الأمر عند افتقاد التنوع فقط، بل إن درجات الحرارة المرتفعة في المياه ستسمح بنمو المزيد من البكتيريا المنتجة للغازات الدفينة، وستُصاب الأسماك بـ “التقزم”، بينما ستواجه بعض الأنواع الانقراض، بحسب باولي.
المشكلة الأسوأ
يعتبر العلماء أن مشكلة نقص الأكسجين لا تحظى بالاهتمام الكافي عالميًا، مثلما هو الحال بالنسبة لمشكلات الاحترار وتحمض المحيطات.
وفي حين أن هذه المشكلات تتسبب في المزيد من الأضرار للحياة البحرية، إلا أنه عند مقارنة المشكلات الثلاثة، تظهر مشكلة نقص الأكسجين على أنها الأسوأ من بينهم.
يقول عالم فيزيولوجيا البيئة بجامعة رادبود في هولندا، ويلكو فيربيرك، نقص الأكسجين سيجعل المشكلات الأخرى بلا معنى، فالأسماك مثل الحيوانات الأخرى تحتاج إلى التنفس.
وبحسب التقرير الخاص الصادر عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC) لعام 2019 بشأن المحيطات، فإن الفترة بين عامي 1960 و2010، شهدت انخفاضًا في مستويات الأكسجين بنسبة أكثر من 2%.
وفي بعض الأماكن الأخرى، كانت النتائج أسوأ، إذ فقد الجزء العلوي من شمال شرق المحيط الهادئ أكثر من 15 ٪ من الأكسجين، فيما زادت رقعة الأماكن التي عانت من انخفاض في نسب الأكسجين.
لماذا تنخفض نسب الأكسجين؟
تقف مجموعة من العوامل وراء تراجع نسب الأكسجين في المحيطات ومنها طبيعة الماء الدافئ.
وفق قوانين الفيزياء، فالماء الأكثر دفئًا يحتوي على غازات مذابة أقل من الماء البارد، ومع ارتفاع درجات الحرارة تقل نسبة الغازات المذابة والأكسجين.
وتسببت هذه العملية في فقد نصف كمية الأكسجين في الأجزاء العليا من المحيطات، في حوالي 1000 متر.
ولكن في الأعماق، تتأثر مستويات الأكسجين بالتيارات التي تدفع المياه الموجودة على السطح إلى الأسفل، وهو أمر يرتبط أيضًا بتغير المناخ.
كما أن ذوبان الجليد يزيد من كميات المياه العذبة التي تقاوم اختلاط المياه على السطح بتلك الموجودة في القاع، وسيؤدي ارتفاع درجات الحرارة عند القطبين في نشاط أقل للرياح التي تحرك تيارات المحيط.
ويتمثل سبب آخر في البكتيريا التي تعيش في الماء، والتي تتغذى على العوالق النباتية وغيرها من المواد العضوية وغير العضوية التي تسقط في البحر.
هذه البكتيريا تستهلك الأكسجين، ويظهر هذا التأثير بشكل أكبر على طول السواحل نظرًا لوجود الطحالب، التي تُعتبر غذاءًا لهذا النوع من البكتيريا.
أكسجين المحيطات
منذ الستينيات، زادت مساحة المياه منخفضة الأكسجين في المحيط المفتوح بمقدار 4.14 ملايين كيلومتر مربع، حسبما أشارت الشبكة العالمية لأوكسجين المحيطات، وهي مجموعة علمية تم إنشاؤها كجزء من عقد الأمم المتحدة لعلوم المحيطات من أجل التنمية المستدامة 2021-2030.
ووفق دراسة أُجريت عام 2021، فإن 70% من محيطات العالم ستشهد نقصًا في الأكسجين بشكل ملحوظ، بحلول عام 2080.
وفي عام 2018، وقع مئات الباحثين المعنيين بفقدان الأكسجين على إعلان “كيل” للدعوة بشكل عاجل لمزيد من الوعي بالمشكلة، إلى جانب العمل على الحد من التلوث والاحترار.
فيما يسعى الباحثون إلى إنشاء قاعدة بيانات عالمية لأكسجين المحيطات لتوحيد جميع البيانات وتنسيقها.
عمره 1300 عام.. كيف تبدو الإقامة في أقدم فندق بالعالم؟
الفن البيئي.. ماذا يمكننا أن نتعلم من الطبيعة؟
إكسير الحياة.. ما هو “التورين” الذي يقاوم الشيخوخة ويطيل العمر؟
