صحة

ماذا لو فقد الإنسان قدرته على الشعور بالألم؟

يعرف الألم بأنه طريقة الجسم في إخبارنا بأن نكون حذرين، ولكن هناك من يمضون حياتهم دون الشعور به إطلاقًا، فهل يمكن لاضطرابهم هذا أن يفتح طرقًا جديدة للتعامل بأمان مع الألم المزمن؟

الناس يحبّون معرفة معنى الألم والشعور به

شخّص الدكتور إنغو كورث، من معهد علم الوراثة البشرية في آخن بألمانيا، ستيفان بيتز، وهو طالب جامعي يبلغ من العمر 21 عامًا، باضطراب وراثي يجعله يعاني حساسية خلقية للألم، تعرف اختصارًا بـ “CIP”.

ويعني هذا أنه يمكنه وضع يده في الماء المغلي أو الخضوع لعملية جراحية بدون تخدير، ومع ذلك لا يشعر بأي إزعاج على الإطلاق، على الرغم من أن تصوّراته الحسيّة طبيعية، فهو يتعرق عندما تكون الغرفة حارة للغاية، ويرجف من البرد القارص.

يجد بيتز أن حالته نقمة وليست نعمة، فيقول: “يفترض الناس أن الشعور بعدم الألم هو هذا الشيء المذهل، ويكاد يجعلك إنسانًا خارقًا، ولكن الأمر عكس ذلك تمامًا، فنحن نود أن نعرف معنى الألم وما هو الشعور بالألم”.

لماذا عدم الشعور بالألم أمر نادر؟

أحد الأسباب التي تجعل العلماء يعتقدون أن “CIP” نادر جدًا هو أن عددًا قليلاً جدًا من الأفراد المصابين بهذا الاضطراب يصلون إلى مرحلة البلوغ.

يشرح كورث: “نخشى الألم، ولكن من منظور النمو من كونك طفلًا إلى شاب بالغ، فإن الألم مهم للغاية في عملية تعلم كيفية تعديل نشاطك البدني دون الإضرار بجسمك، وفي تحديد مقدار المخاطرة التي تتعرض لها”.

ويروي كورث قصة صبي باكستاني صغير لفت انتباه العلماء من خلال سمعته في مجتمعه كعازف شوارع يسير على الجمرات الساخنة ويضع السكاكين بين ذراعيه دون أن تظهر عليه أي علامات ألم، توفي لاحقًا في أوائل سن المراهقة، بعد أن قفز من سطح منزل.

الشعور بالألم ضروري

يقول جيف وودز، الذي يجري أبحاثًا عن الألم في معهد كامبريدج: “لقد قتل الكثير من الذكور أنفسهم في أواخر العشرينات من عمرهم من خلال القيام بأشياء خطيرة، ولم يقيدهم الألم، أو لديهم مفاصل تالفة لدرجة أنهم مقيدون على كرسي متحرك وينتهي بهم الأمر بالانتحار لأنهم لا يتمتعون بنوعية الحياة الجيدة”.

ذهب بيتز إلى المستشفى مرات أكثر مما يتذكره، إذ يعاني من عرج طفيف في ساقه اليسرى، بسبب عدوى تعرف باسم التهاب العظم، بعد كسر عظم قصبة الساق نتيجة التزحلق على لوح التزلج.

يقول بيتز: “تعلم أن عليك التظاهر بأنك تعاني من الألم لمنع نفسك من أن تكون متهورًا، وهذا ليس بالأمر السهل عندما لا تعرف ما هو، وأنا أحاول الآن أن أكون يقظًا وإلا فسيستسلم جسدي يومًا ما”.

هل يمكن استخدام اضطراب عدم الشعور بالألم كعلاج؟

في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، سمعت شركة كندية صغيرة للتكنولوجيا الحيوية تسمى “Xenon Pharmaceuticals” عن عائلة من نيوفاوندلاند حيث تأثر العديد من أفراد الأسرة بـ “CIP”.

قال سيمون بيمستون، الرئيس والمدير التنفيذي للشركة: “غالبًا ما كان الأولاد في الأسرة قد كسرت أرجلهم حتى أن أحدهم وقف على مسمار دون أي شعور واضح بالألم”.

بدأت الشركة في البحث عن حالات مماثلة في العالم لمحاولة دراسة تسلسل الحمض النووي الخاص بهم.

وجدت الدراسة أن المرض ينتج عن طفرة شائعة في جين يسمى “SCNP9A”، والذي ينظم مسارًا في الجسم يسمى ” Nav1.7 sodium channel”،حيث تحطم الطفرة هذه القناة، ومعها القدرة على الشعور بالألم.

قال روبن شيرينجتون، نائب الرئيس الأول لتطوير الأعمال في الشركة: “الأدوية التي تثبط قناة Nav1.7 يمكن أن تكون طريقة جديدة لعلاج المتلازمات المزمنة مثل الألم الالتهابي، وآلام الأعصاب، وآلام أسفل الظهر، وهشاشة العظام”.

أضاف: “ولأن جميع الوظائف الحسية تظل طبيعية في مرضى CIP بصرف النظر عن قلة الألم، فإنه يوفر احتمال الحد الأدنى من الآثار الجانبية”.

ماذا لو توقفت عن تناول السكر؟.. هذا ما يحدث لجسمك

دراسة جديدة: الكهرباء قد تساعد على شفاء أسرع للجروح

لماذا يكون الصداع مؤلمًا؟