استيقظ اللبنانيون اليوم الأحد في توقيتين زمنيين مختلفين، فالبلد الذي يعاني انهيار العملة، وانقطاع الكهرباء، وفقدان الدواء من الصيدليات، وتبخّر المدخرات، وتراكم قضايا الفساد، وغلاء المعيشة، يتعامل بعضهم حاليًا بالتوقيت الصيفي والبعض الآخر بالتوقيت الشتوي.
منشأ الأزمة
بدأت الأزمة مع انتشار مقطع فيديو لرئيس مجلس النواب نبيه بري، وهو يطلب من رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، تأخير العمل بالتوقيت الصيفي العالمي، مراعاة للصائمين خلال شهر رمضان.
يبدأ العمل بالتوقيت الصيفي هذا العام يوم الأحد 26 مارس، ولكن مجلس الوزراء اللبناني قرر تمديد العمل بالتوقيت الشتوي حتى 20 أبريل.
تسبب القرار بإرباك كبير، حيث ساعات الهواتف وأجهزة الكومبيوتر تتغير تلقائيًا إلى التوقيت الصيفي، ما قد يضطر الكثيرين إلى إعادة ضبطها يدويًا.
كما أن جداول الرحلات الجوية في الفترة المذكورة، صادرة أساسًا بحسب مواعيد التوقيت الصيفي، ما دفع شركة “طيران الشرق الأوسط”، وهي شركة الطيران اللبنانية الوطنية، إلى الإعلان عن عدم التزامها بالقرار.
كذلك طلبت شركتا “ألفا” و”إم تي سي” للاتصالات من المشتركين ضبط إعدادات الساعة في هواتفهم الخليوية يدويًا لتجنب تغير الوقت كما هو مبرمج بحسب التوقيت الصيفي.
Two time zones @ Beirut airport.
Lebanon has officially become the matrix of dystopia.pic.twitter.com/Wr7wXJavRN
— Lina Zhaim ~ لينا (@LinaZhaim) March 26, 2023
تعليقات غاضبة: لن يؤثر على الصائمين
أعلنت مؤسسات عدة عدم التزامها بقرار تأجيل العمل بالتوقيت الصيفي، مثل قناة “إم تي في” والمؤسسة اللبنانية للإرسال انترناسيونال “LBC”، التي تزعم أن الالتزام بالساعة العالمية سيؤثر على أعمالها.
قال بعض المعلقين على مواقع التواصل الاجتماعي إن القرار لن يخدم الصائمين بشيء، لأنهم سيصومون نفس عدد الساعات من الفجر إلى الغروب، بغض النظر عن التوقيت.
وقال آخرون إن مبدأ التوقيت الصيفي بأكمله ليس له أي فائدة تذكر في الحالة اللبنانية فلا تأثير له على حركة الإنتاج ولا على الاقتصاد مع ركود الاقتصاد بسبب الأزمة المالية.
اتهامات بإثارة فتنة طائفية
فسّر البعض قرار مجلس الوزراء اللبناني على أنه “موجه ضد المسيحيين”. أعلنت البطريركية المارونيّة عدم تنفيذها القرار، والتزامها بالتوقيت الصيفي العالمي، بحسب وكالة فرانس برس.
وانتقد مكتبها الإعلامي في بيان اتخاذ القرار “من دون التشاور مع سائر المكوّنات اللبنانيّة، ومن دون أي اعتبار للمعايير الدولية، وللبلبلة والأضرار في الداخل والخارج”.
واعترض كل من التيار الوطني الحر وحزب القوات اللبنانية، أبرز الأحزاب المسيحية، على القرار.
وصف النائب عن التيار الوطني الحر، سيزار أبي خليل، في تغريدة القرار بأنه “فضيحة”، وقال إنه قد “يتسبب بإسقاط حكومات”، معتبرًا أنه لم يكن يحق لرئيسي مجلس النواب والوزراء الانفراد بالقرار.
لم يسبق أن شهد الرأي العام في لبنان سجالًا مماثلًا على موضوع التوقيت الصيفي، خصوصًا أن العادات الاجتماعية السائدة، والخطاب العام، يراعي جميع الطوائف، من حيث العطل الرسمية والأعياد التي تتقارب تواريخها من بعضها البعض هذه السنة، فمع حلول صوم رمضان لدى المسلمين هناك الصوم الكبير لدى المسيحيين.
كوكبنا يصرخ ويستغيث ساعة الأرض تقترب