شهدت عطلة نهاية الأسبوع الماضي، أعنف مواجهة بين باكستان وأفغانستان، حيث اندلعت معارك عنيفة بين الجيش الأولى وقوات حركة طالبان الأفغانية خلال عطلة نهاية الأسبوع.
وأكد كلٌّ من المسؤولين الباكستانيين ونظام طالبان في أفغانستان أنهم ألحقوا خسائر فادحة بالطرف الآخر.
وأعلنت طالبان، أنها قتلت 58 جنديًا باكستانيًا خلال عمليات ليلية على الحدود، بينما قدّم الجيش الباكستاني أرقامًا أقل بكثير، مشيرًا إلى مقتل 23 من جنوده فقط، فيما زعمت طالبان أنها استولت على 25 موقعًا تابعًا للجيش الباكستاني.
من جانبها، قالت القوات الباكستانية إنها قتلت أكثر من 200 مقاتل أفغاني، في حين ذكرت طالبان أن عدد قتلاها لم يتجاوز تسعة جنود.
ولم يتسنَّ التحقق من صحة مزاعم الجانبين بشكل مستقل، إذ لا يزال الوصول إلى المنطقة الحدودية محدودًا للغاية.
قال عمر صمد، السفير الأفغاني السابق لدى كندا والباحث البارز غير المقيم في المجلس الأطلسي، إن العداء المتزايد بين الجانبين “قد يتطور إلى عنف واسع النطاق وعمليات عسكرية تفوق ما نشهده حاليًا”، مما قد يُلحق أضرارًا لا يمكن إصلاحها بالعلاقات بين البلدين.
وأوضح صمد أن “التوتر بين المؤسسة العسكرية الباكستانية والحكومة الأفغانية الفعلية يتصاعد منذ عامين، نتيجة أخطاء وسوء فهم وسوء إدارة من كلا الطرفين”، بحسب ما صرّح به لشبكة “دويتش فيله” الألمانية.
من جانبه، يرى مايكل كوجلمن أن أحد تبعات الأزمة قد يكون زيادة الهجمات الانتقامية من جانب حركة طالبان الباكستانية، “التي تمتلك حضورًا قويًا داخل باكستان رغم أن قاعدتها الرئيسية تقع في أفغانستان“.
وأشار كوجلمن إلى أن طالبان الأفغانية لا تضاهي الجيش الباكستاني من حيث القوة العسكرية، رغم قدرتها على تنفيذ عمليات على نقاط حدودية.
وأضاف: “لذلك تظل هجمات طالبان الباكستانية الانتقامية – وربما بدعم أو تشجيع من طالبان الأفغانية – مصدر قلق كبير لمستقبل باكستان”.
وتبنّى امتياز غُل، الخبير الأمني والمدير التنفيذي لمركز الدراسات والبحوث الأمنية في إسلام آباد، وجهة نظر مشابهة، إذ قال: “ستواجه باكستان الآن تهديدًا متزايدًا بتصاعد نشاط حركة طالبان الباكستانية أكثر من أي وقت مضى بعد الاشتباكات الأخيرة مع أفغانستان”، مضيفًا أن “الوضع يتطلب تعزيز قدرات مكافحة الإرهاب والاستخبارات للتصدي لهذه التهديدات والقضاء على الإرهاب”.
على الرغم من العلاقات المتوترة بين الحكومتين، حاول البلدان خلال العام الماضي اتخاذ خطوات لتحسين العلاقات الثنائية.
ففي مايو الماضي، أعلنت الحكومة الباكستانية عزمها على رفع مستوى تمثيلها الدبلوماسي لدى طالبان الأفغانية وتعيين سفير في كابول، رغم أنها لم تعترف رسميًا بعد بحكومة طالبان.
ويرتبط البلدان الجاران بعلاقات تاريخية وثقافية وشعبية عميقة، إذ استقبلت باكستان على مدى العقود الأربعة الماضية ملايين الأفغان الذين فرّوا من ويلات الحرب في بلادهم.
إلا أنه ومع تصاعد التوتر مع طالبان الأفغانية، أطلقت الحكومة الباكستانية عام 2023 حملة واسعة لإعادة نحو 4 ملايين لاجئ أفغاني يعيشون داخل أراضيها.
ومنذ ذلك الحين، رحّلت باكستان أكثر من 800 ألف أفغاني، ما شكّل مصدرًا جديدًا للتوتر بين إسلام آباد وكابول.
“لا وقت للخداع”
قال عمر صمد إن على الطرفين عقد محادثات بنّاءة لحل خلافاتهما بدل الانخراط في أساليب عدائية.
وأضاف صمد: “على الرغم من التبجح والغرور، تتمتع كلتا الدولتين بنقاط ضعف وقوة لا مثيل لها وغالبًا ما تكون متناقضة. الأفغان لديهم القليل ليخسروه أمام تفوق عسكري ساحق، بينما باكستان ضعيفة من الداخل.”
وتابع: “حان الوقت الآن للحكمة السياسية والحذر والحوار الصادق. لا يوجد وقت للخداع أو التلاعب بالكلمات أو التبجح”.