يُعد الغراب من الطيور الذكية ذات القدرة اللافتة على التكيّف، ويُميزها صوتها العالي المعروف بـ”النعيق”، وتنتمي هذه الطيور إلى نفس العائلة التي تضم العقعق والقيق والنطاف، وتنتشر أنواع الغربان في مختلف القارات، باستثناء أمريكا الجنوبية والقطب الجنوبي.
وعلى الرغم من اعتبارها أحيانًا مصدر إزعاج بسبب صوتها، فإن الغربان في الحقيقة مخلوقات ذكية، فضولية، واجتماعية بدرجة مدهشة، ولا يزال العلماء حتى اليوم يكتشفون جوانب مذهلة في سلوكها وطبيعتها.
نعم، تُصنف الغربان من أذكى الطيور وهي بارعة في حل المشكلات، ولها قدرات تواصل مدهشة، كما يمكنها التعرّف على الوجوه البشرية.
وتُظهر الأبحاث أن الغربان تتذكر وجوه الأشخاص الذين لا يعجبونها، بل وتنقل هذه المعلومات إلى بقية الغربان في السرب!
ولديها كذلك سلوك اجتماعي معقّد؛ فقد لاحظ الباحثون أن الغربان تتجمع حول طائر ميت في طقس يشبه “الجنازة”، ويُعتقد أن هذا السلوك يساعدها على فهم سبب الوفاة وتجنّب التهديد ذاته لاحقًا.
أما من ناحية الذكاء الحسابي، فقد أثبتت الغراب له قدرة على العد وفهم مفهوم “الصفر”، بل إنها تفوقت على القرود في اختبارات ذكاء معيّنة — ما يضعها في نفس مستوى ذكاء الأطفال الصغار.
رغم أن الغراب والرافن ينتميان للعائلة نفسها، فإن هناك فروقات واضحة بينهما:
الحجم: الرافن أكبر حجمًا، وأقرب في حجمه إلى الصقور.
السلوك الاجتماعي: الغراب يسير عادةً في أسراب، أما الرافن فيُرى غالبًا في أزواج.
الذيل: ريش ذيل الغراب متساوٍ في الطول، لذا يبدو شكله كالمروحة أثناء الطيران. بينما ريش الرافن في منتصف الذيل أطول، فيظهر الذيل كالسهم في الهواء.
الصوت: صوت الغراب معروف بـ”النعيق”، أما الراڤِن فيصدر صوتًا منخفضًا وخشنًا يشبه النقيق.
الغربان حيوانات قارتة (آكلة لكل شيء)، أي أنها تتناول تقريبًا أي نوع من الطعام. يشمل نظامها الغذائي: ثدييات صغيرة، برمائيات، زواحف، بيض الطيور، بقايا الحيوانات، الحشرات، الحبوب، البذور، المكسرات، الفواكه، الرخويات، الديدان، وحتى طيورًا أخرى.
كما أنها لا تتردد في التنقيب داخل النفايات البشرية بحثًا عن الطعام، وغالبًا ما تخبئ طعامها لتأكله لاحقًا.
مثل الببغاوات، يمكن لبعض الغربان تعلّم تقليد الكلام البشري، لكن طريقة إصدار الأصوات لدى الطيور تختلف تمامًا عن البشر. فالبشر يتحدثون باستخدام الحنجرة (صندوق الصوت)، حيث يمر الهواء من الرئتين عبر الحبال الصوتية لتنتج الأصوات.
أما الغربان، فليست لديها حنجرة، بل تمتلك عضوًا خاصًا يُسمى “السيرينكس”، تستخدمه لإصدار مجموعة متنوعة من الأصوات.