يعد مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف أحد أبرز المشاريع الإسلامية في المملكة العربية السعودية، حيث يُعتبر جهازًا متكاملًا يُعنى بطباعة القرآن الكريم وترجمته إلى مختلف اللغات، بالإضافة إلى أن المجمع يعنى بكافة العلوم المتعلقة بالمصحف. ومنذ وضع حجر الأساس للمجمع في العام 1982م، شهدت هذه المؤسسة تطورًا مستمرًا يجعلها واحدة من أكثر المنشآت فاعلية في خدمة القرآن الكريم.
في عام 1403هـ (1982م)، وُضع حجر الأساس لمجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف في المدينة المنورة، ليكون جهازًا متخصصًا في طباعة القرآن الكريم وترجمته للغات عدة، فضلاً عن توظيف نحو ألف موظف من الموظفين المتخصصين، ما بين فنيين، وعلماء، وأساتذة، وإداريين، للعمل على هذه المهمة السامية. كان هدف المجمع تقديم نسخة صحيحة ومتقنة من القرآن الكريم لجميع المسلمين حول العالم.
في عام 1405هـ (1984م)، قام خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود بافتتاح المجمع في المدينة المنورة، على مساحة تقدر بـ250 ألف متر مربع. وتضمنت مرافق المجمع مختلف الأقسام مثل الوحدات الإدارية، والمطبعة، المستودعات، وصيانة الأجهزة، والعيادة الطبية، وقسم النقل والتسويق، بالإضافة إلى مكتبة شاملة. كانت وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد هي الجهة المشرفة على هذا المشروع.
شهد المجمع منذ بداية تأسيسه العديد من الجوائز والإنجازات التي تؤكد على أهميته. ففي عام 1416 (1995 الميلادية)، حصل المجمع على جائزة المدينة المنورة في مجال التصميم العمراني، كأول جائزة من نوعها. كما حصل في عام 1428 (2007 الميلادية) على جائزة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمية للترجمة.
مع مرور الوقت، شهد مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف العديد من التطورات التقنية والعمرانية التي كانت تهدف إلى زيادة كفاءة عمل المجمع. في عام 1440هـ (2019 الميلادية)، تم إضافة مستودعات ضخمة لمخزون المجمع، مما مكنه من تخزين ملايين النسخ من المصحف الشريف. بالإضافة إلى ذلك، تم تحديث بنية المجمع التحتية بشكل كامل، مع تحسين محطات تنقية المياه، وتطوير أجهزة الطباعة باستخدام تقنيات حديثة لزيادة الإنتاجية، ورفع كفاءة العمل.
كما تم تطوير نظام مراقبة متكامل يضمن حماية الإصدارات من التلف والكشف عن أي حريق بشكل سريع، فضلاً عن تحسين الخدمات في الورش والأقسام الأخرى. شهد المجمع أيضًا إصلاحات كبيرة في ساحاته وأماكن التخزين، ما جعل منه مؤسسة أكثر فاعلية في خدمة القرآن الكريم.
في إطار مواكبة التطور التقني في مجال الطباعة والنشر، قام المجمع في عام 1442هـ (2021م) بإنشاء نسخ رقمية من القرآن الكريم تحتوي على مختلف الروايات، إضافة إلى تطوير منصة رقمية للقرآن الكريم وعلومه. هذا التطور يُعد خطوة هامة نحو تسهيل الوصول إلى القرآن الكريم على مستوى عالمي، وإتاحة الفرصة للمستخدمين للاستفادة من هذه النسخ الرقمية.