أغرب استخدامات "الدرونز"

ديسمبر ٢٩, ٢٠٢٥

شارك المقال

أغرب استخدامات "الدرونز"

لم تعد الدرونز مجرد أدوات حرب أو كاميرات تحلق في السماء، بل تحولت في السنوات الأخيرة إلى أدوات مبتكرة لمواجهة تحديات غير متوقعة، تشمل حماية الأمن الغذائي، ومراقبة الأعاصير، وتقديم المساعدات الإنسانية. وتحولت السماء من مجرد مساحة للمراقبة أو التصوير، إلى ساحة لتجارب علمية وتقنية تحاول دمج الذكاء الاصطناعي والطبيعة لابتكار حلول جديدة لمشكلات معقدة تواجه البشرية.

درونز التلقيح.. النحل الآلي

في ظل تراجع أعداد النحل الطبيعي وتأثيره على الأمن الغذائي، ظهرت فكرة "درونز التلقيح" كابتكار غريب للتقنية الحديثة خارج مهام القتل أو التصوير. إذ طور باحثون يابانيون طائرات صغيرة مزودة بشعيرات اصطناعية مغطاة بهلام لزج لالتقاط حبوب اللقاح ونقلها بين الأزهار، محاكاةً لوظيفة النحل الطبيعي الذي يتراجع بسبب فقدان المواطن والمبيدات وأمراض المستعمرات.

وأثبتت هذه التجربة العملية قدرة الطائرات على تلقيح الأزهار بنجاح نسبي في التجارب المختبرية، مع خطط لاستخدام GPS والذكاء الاصطناعي لتوجيه أسراب الطائرات تلقائيًا، ما يتيح تلقيحًا آليًا واسع النطاق يساهم في الحفاظ على الإنتاج الزراعي والتنوع البيولوجي. ويعكس هذا الاستخدام توسع دور الطائرات بدون طيار ليشمل إنقاذ سلاسل غذائية كاملة، ويطرح تساؤلات حول كيفية موازنة التقدم التقني مع الحفاظ على الأنظمة البيئية الطبيعية التي تعتمد عليها الزراعة منذ آلاف السنين.

صيد الدرونز.. حلول لأمن الأجواء

مع الانتشار المتسارع للطائرات المسيّرة وتزايد حوادث اختراق الأجواء المحظورة، خصوصًا فوق المطارات والمنشآت الحساسة، تواجه الجهات الأمنية تحديًا متناميًا للحد من مخاطر هذه التقنيات دون التسبب بأضرار جانبية. هذا الواقع أفرز حلولًا غير تقليدية عُرفت باسم "صيد الدرونز"، تقوم على اعتراض الطائرات غير المرغوب فيها وتعطيلها بأمان بدلاً من إسقاطها أو تدميرها.

ومن أبرز هذه الحلول أنظمة مكافحة الطائرات بدون طيار (Counter-UAS)، التي تعتمد على مسيرات أو منصات أرضية تطلق شباكًا ميكانيكية لشل حركة الدرونز المخالفة واحتجازها عبر تعطيل مراوحها، ما يتيح استعادتها أو تحليلها لاحقًا، ويجعلها مناسبة للبيئات الحساسة.

إلى جانب الحلول التقنية، خاضت هولندا تجربة لافتة عندما درّبت الشرطة نسورًا حقيقية لاعتراض الطائرات المسيّرة في الجو. فقد أظهرت الاختبارات، التي بدأت عام 2015، قدرة الطيور على التعامل مع الدرونز كفريسة والانقضاض عليها دون إصابات. وكان مخططًا استخدام النسور خلال الفعاليات الحساسة وبالقرب من المطارات، ضمن ما عُرف بـ"الفرقة الطائرة".

لكن التجربة توقفت لاحقًا بسبب كلفة التشغيل وصعوبات التدريب، إضافة إلى مخاوف تتعلق بسلامة الطيور وفعاليتها على المدى الطويل. وتكشف هذه المحاولات، سواء التقنية أو البيولوجية، حجم التحدي الذي تفرضه الطائرات المسيّرة، وكيف يدفع الواقع الأمني إلى ابتكار حلول تجمع بين التقنية والطبيعة لتأمين الأجواء بطرق أكثر ذكاءً وأمانًا.

درونز تتحول إلى وجبة

تدخل الطائرات بدون طيار مجالًا غير مسبوق في المساعدات الإنسانية عبر درونز قابلة للأكل مثل مشروع "Pouncer" الذي ابتكره المصمم البريطاني نايجل غيفورد، بهدف إيصال الغذاء والدواء إلى المناطق المنكوبة دون إهدار الموارد أو فقدان المعدات. وتقوم الفكرة على تحويل الطائرة نفسها إلى جزء من المساعدة بدلًا من الاعتماد على طرود وصناديق تقليدية غالبًا ما تضيع أو تصبح بلا فائدة بعد التسليم.

وبحسب التصميم، تُصنع أجنحة وهيكل الطائرة من مواد غذائية مضغوطة صالحة للأكل، بينما تحمل في داخلها إمدادات أساسية من الطعام والمياه والأدوية. ويمكن استخدام هيكلها الخفيف بعد الهبوط كوقود للطهي أو لأغراض بسيطة أخرى، ما يقلل النفايات ويزيد كفاءة الإغاثة.

ويرى غيفورد أن هذه التقنية قد تشكل حلًا عمليًا لتجاوز التحديات اللوجستية في مناطق النزاعات والكوارث الطبيعية، حيث يصعب الوصول بالوسائل التقليدية. ورغم أن المشروع لا يزال في مراحله الأولى ويواجه عقبات تقنية وقانونية، فإن فكرة الطائرة التي تتحول إلى وجبة إنسانية تفتح آفاقًا جديدة لربط الابتكار التقني مباشرة باحتياجات البقاء الأساسية.

طائرات رصد الأعاصير

تختبر الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي الأمريكية (NOAA) طائرات صغيرة بدون طيار لجمع بيانات دقيقة من داخل الأعاصير، بهدف تحسين توقعات العواصف وتقليل المخاطر على حياة البشر. وفي يناير الماضي، أُطلقت طائرة بحثية غير مأهولة من طائرة تابعة للوكالة فوق ماريلاند لاختبار قدرتها على جمع معلومات حول الضغط والرطوبة وسرعة الرياح في المناطق العنيفة من العاصفة، خاصة الطبقة الحدودية عند التقاء الغلاف الجوي بالمحيط، والتي تمثل تحديًا كبيرًا للطائرات المأهولة.

وقال جوزيف سيون، كبير خبراء الأرصاد في NOAA: "ستساعدنا هذه التقنية على فهم أفضل للطبقة الحدودية، وتحسين نماذج التنبؤ، وتمكين مسؤولي إدارة الطوارئ من اتخاذ قرارات أكثر دقة بشأن الإجلاء قبل وصول الأعاصير إلى اليابسة". ولطالما أدار طيارو NOAA طائرات WP-3D Orion المأهولة إلى قلب العواصف الاستوائية، لكنهم تجنبوا المناطق الأكثر خطورة. واعتمدوا على مجسات إسقاط مربوطة بمظلات لجمع بيانات أثناء سقوطها إلى المحيط، بينما تمنح الطائرات المسيّرة الآن تدفقاً مستمراً للبيانات يشبه تصويراً سينمائياً للتغيرات داخل العاصفة.

وتعاونت NOAA مع شركة Area-I لتطوير طائرة Altius-600، وهي طائرة مسيرة صغيرة يمكنها الطيران حتى أربع ساعات لمسافة تصل إلى 265 ميلًا من نقطة الإطلاق، مع القدرة على جمع بيانات دقيقة من داخل العاصفة. تعتبر هذه الطائرة جزءًا من ثلاثة أنظمة مسيرة تختبرها NOAA لدعم استراتيجية استخدام الطائرات بدون طيار في الأرصاد، بدعم من برنامج أبحاث الابتكار للشركات الصغيرة.

اقرأ أيضًا:
الدرونز.. سيناريوهات مظلمة لعصر المسيّرات
تطور المسيرات.. من البالونات حاملة المتفجرات إلى الأسراب الذكية
القاموس الجوي.. فك شيفرة لغة "الدرونز"

الأكثر مشاهدة

أحصل على أهم الأخبار مباشرةً في بريدك


logo alelm

© العلم. جميع الحقوق محفوظة

Powered by Trend'Tech