هوس الذكاء الاصطناعي يُشعل أزمة جديدة في رقائق الذاكرة

ديسمبر ٣, ٢٠٢٥

شارك المقال

هوس الذكاء الاصطناعي يُشعل أزمة جديدة في رقائق الذاكرة

يشهد العالم نقصًا حادًا في رقائق الذاكرة، ما يضع شركات الذكاء الاصطناعي والإلكترونيات الاستهلاكية في مواجهة صعبة للحصول على الإمدادات المتناقصة. ويصاحب هذا النقص ارتفاع في أسعار المكونات الأساسية التي تمكّن الأجهزة من تخزين البيانات، ما يزيد من الضغوط على القطاع ويهدد سلاسل الإنتاج.

أزمة عالمية في رقائق الذاكرة

ووفقًا لـ"رويترز" بدأت متاجر الإلكترونيات اليابانية تحديد عدد محركات الأقراص الصلبة المسموح لكل متسوق بشرائها، في حين يحذر مصنعو الهواتف الذكية الصينيون من ارتفاع الأسعار. وفي الوقت نفسه، تبذل شركات التكنولوجيا الكبرى، بما في ذلك جوجل وبايت دانس، جهودًا حثيثة لتأمين الإمدادات من مصنعي شرائح الذاكرة مثل ميكرون وسامسونج للإلكترونيات وSK Hynix، وفقًا لثلاثة مصادر مطلعة على المناقشات.

يشمل الضغط جميع أنواع الذاكرة تقريبًا، من شرائح الفلاش المستخدمة في محركات أقراص USB والهواتف الذكية، وصولًا إلى ذاكرة النطاق الترددي العالي (HBM) التي تُغذي شرائح الذكاء الاصطناعي في مراكز البيانات. ووفقًا لشركة أبحاث السوق 'ترند فورس'، تضاعفت أسعار بعض القطاعات أكثر من الضعف منذ فبراير، ما جذب متداولين يراهنون على استمرار هذا الارتفاع.

قد تتجاوز تداعيات أزمة النقص في شرائح الذاكرة قطاع التكنولوجيا وحده، إذ يحذر اقتصاديون ومديرون تنفيذيون من أن استمرار النقص قد يبطئ مكاسب الإنتاجية المرتبطة بالذكاء الاصطناعي ويؤخر استثمارات بمئات المليارات في البنية التحتية الرقمية. كما قد يزيد الوضع من الضغوط التضخمية، في وقت تسعى فيه العديد من الاقتصادات إلى احتواء ارتفاع الأسعار ومواجهة الرسوم الجمركية الأمريكية.

قال سانشيت فير جوجيا، الرئيس التنفيذي لشركة غرايهاوند ريسيرش للاستشارات التكنولوجية، إن نقص الذاكرة لم يعد مجرد مشكلة على مستوى المكونات، بل أصبح خطرًا اقتصاديًا كليًا. وأضاف أن تطوير الذكاء الاصطناعي يصطدم بسلسلة توريد غير قادرة على تلبية متطلباته المادية.

لا يزال مصنعو الرقائق عاجزين عن إنتاج ما يكفي من أشباه الموصلات عالية الجودة لمواكبة سباق الذكاء الاصطناعي، فيما يؤدي تراجعهم عن منتجات الذاكرة التقليدية إلى تقليص إمدادات الهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر الشخصية والإلكترونيات الاستهلاكية. ويسعى بعض المصنعين الآن لتصحيح المسار.

صراع عالمي بين شركات التكنولوجيا

وتكشف هذه التطورات لأول مرة عن تفاصيل الصراع العالمي بين شركات التكنولوجيا وزيادات الأسعار التي أبلغ عنها تجار التجزئة وموردو المكونات في الصين واليابان. انخفضت مخزونات ذاكرة الوصول العشوائي (DRAM) إلى أسبوعين إلى أربعة أسابيع في أكتوبر مقارنة مع 13 إلى 17 أسبوعًا في أواخر 2024، وفقًا لـTrendForce. ويخشى محللون من أن مليارات الدولارات في البنية التحتية للذكاء الاصطناعي قد تضخم فقاعة، ولن تتمكن سوى الشركات الكبرى من تحمل ارتفاع الأسعار.

صرح أحد المسؤلين التنفيذيين، بأن النقص في رقائق الذاكرة سيؤخر مشاريع مراكز البيانات المستقبلية، مع تحذير شركات التصنيع من الإفراط في البناء خوفًا من تراجع الطلب. وأعلنت سامسونج وSK Hynix عن استثمارات في الطاقة الجديدة دون توضيح تقسيم الإنتاج بين HBM والذاكرة التقليدية. وقال تشي تاي وون، رئيس مجلس إدارة SK، إن العجز سيستمر حتى أواخر 2027، محذرًا من أن الشركات قد تواجه صعوبة في مواصلة أعمالها إذا لم تُلبَّ الطلبات.

محاولات للحصول على إمدادات

في أكتوبر، وقعت OpenAI صفقات أولية مع سامسونج وSK Hynix لتوريد رقائق مشروع Stargate، الذي سيحتاج إلى نحو 900 ألف رقاقة شهريًا بحلول 2029، أي ضعف الإنتاج العالمي الحالي من HBM. وقالت سامسونج إنها تراقب السوق دون التعليق على الأسعار، بينما أعلنت SK Hynix تعزيز طاقتها الإنتاجية لتلبية الطلب المتزايد.

بعد إطلاق ChatGPT في نوفمبر 2022، أدى الاندفاع العالمي لبناء مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي إلى زيادة الطلب على HBM المستخدم في معالجات Nvidia. ودفعت المنافسة من الشركات الصينية المصنعة لذاكرة DRAM منخفضة التكلفة سامسونج وSK Hynix إلى التركيز على منتجات ذات هامش ربح أعلى، فيما تسيطر الشركتان الكوريتان على ثلثي سوق DRAM. في مايو 2024، كما أعلنت سامسونج نيتها وقف إنتاج رقائق DDR4 القديمة، بينما أعلنت ميكرون في يونيو التوقف عن شحن DDR4 وLPDDR4 خلال ستة إلى تسعة أشهر.

تزامن تحول الصناعة مع دورة استبدال لمراكز البيانات التقليدية وأجهزة الكمبيوتر الشخصية، إضافة إلى مبيعات أقوى من المتوقع للهواتف الذكية التي تعتمد على الرقائق التقليدية. وقال دان هوتشيسون، الباحث في TechInsights: 'يمكننا القول الآن إن الصناعة فوجئت بالأمر'. وأفادت رويترز أن سامسونج رفعت أسعار شرائح ذاكرة الخوادم بنسبة تصل إلى 60% الشهر الماضي، فيما أقرّ جينسن هوانغ، الرئيس التنفيذي لإنفيديا، بارتفاع الأسعار لكنه أكد توفر إمدادات كافية.

في أكتوبر، طلبت جوجل وأمازون ومايكروسوفت وميتا من ميكرون الحصول على أكبر كمية ممكنة من الرقائق بغض النظر عن السعر، وفقًا لمصدرين مطلعين. وأفاد مصدرون آخرون أن شركات علي بابا وبايت دانس وتينسنت الصينية ضغطت أيضًا على الموردين، حيث أرسل مسؤولون تنفيذيون لزيارة سامسونج وSK Hynix للحصول على تخصيص، في وقت وصف فيه أحد المصادر الوضع قائلاً: 'الجميع يتسولون للحصول على الإمدادات'.

وأعلنت SK Hynix نفاد جميع رقائقها بحلول 2026، بينما أكدت سامسونج تأمين عملاء لإنتاج HBM العام المقبل. وتسعى الشركتان لتوسيع طاقتهما لمواكبة الطلب على الذكاء الاصطناعي، فيما لن تبدأ المصانع الجديدة للرقائق التقليدية العمل قبل 2027 أو 2028.

ارتفعت أسهم ميكرون وسامسونج وSK Hynix هذا العام بفضل الطلب القوي على الرقائق، حيث توقعت ميكرون في سبتمبر أن يتجاوز ربعها الأول توقعات السوق، فيما أعلنت سامسونج في أكتوبر عن أكبر ربح ربع سنوي منذ أكثر من ثلاث سنوات. وتتوقع Counterpoint Research أن ترتفع أسعار الذاكرة المتقدمة والتقليدية بنسبة 30% بحلول الربع الرابع، وربما بنسبة 20% إضافية في أوائل 2026.

فيما تفرض المتاجر، في أكيهابارا، مركز الإلكترونيات بطوكيو، قيودًا على شراء منتجات الذاكرة للحد من التكديس، حيث اقتصرت طلبات العملاء منذ الأول من نوفمبر على ثمانية منتجات فقط من محركات الأقراص والذاكرة. وأفاد موظفون في خمسة متاجر أن النقص أدى إلى ارتفاع حاد في الأسعار ونفاد ثلث المنتجات في بعض المحلات.

ارتفع سعر ذاكرة DDR5 بسعة 32 جيجابايت إلى 47,000 ين مقارنة بـ17,000 ين منتصف أكتوبر، فيما تضاعف سعر مجموعات 128 جيجابايت إلى حوالي 180,000 ين. ودفعت هذه الزيادات العملاء إلى سوق السلع المستعملة، ما أفاد متاجر مثل iCON في أكيهابارا، بحسب مالكها رومان ياماشيتا.

قالت إيفا وو، مديرة المبيعات في بولاريس موبيليتي بشنتشن، إن الأسعار تتغير بسرعة كبيرة لدرجة إصدار موزعين لأسعار تنتهي صلاحيتها يوميًا أو حتى كل ساعة، بدلًا من الأسعار الشهرية المعتادة. وفي بكين، قامت بائعة DDR4 بتخزين 20 ألف وحدة تحسبًا لزيادة الأسعار. وفي كاليفورنيا، أشار بول كورونادو من شركة 'كارامون' لارتفاع مبيعات شرائح الذاكرة المُعاد تدويرها من خوادم متوقفة، حيث ارتفعت الإيرادات الشهرية من 500 ألف إلى نحو 800-900 ألف دولار، مع شراء معظم المنتجات عبر وسطاء في هونغ كونغ لإعادة بيعها للعملاء الصينيين.

اقرأ أيضًا :

روبوتات الذكاء الاصطناعي في الصحة النفسية تنتهك المبادئ الأخلاقية

آبل تتوقع تجاوز سامسونغ في شحن الهواتف الذكية عام 2025

لماذا يزداد شعورنا بالثقة كلما استخدمنا الذكاء الاصطناعي أكثر؟

الأكثر مشاهدة

أحصل على أهم الأخبار مباشرةً في بريدك


logo alelm

© العلم. جميع الحقوق محفوظة

Powered by Trend'Tech