يرى جيفري هينتون، المعروف بـ”عرّاب الذكاء الاصطناعي”، أن صعود الأسلحة المستقلة والروبوتات القاتلة لن يجعل الحروب أكثر أمانًا كما يعتقد البعض، بل سيجعل إشعالها أسهل من أي وقت مضى.
وأوضح هينتون في مقابلة تلفزيونية أن ما يمنع الدول القوية من شنّ الحروب غالبًا هو الكلفة البشرية والسياسية المترتبة على فقدان الجنود، أما في حال استُبدل المقاتلون بآلات، فلن تكون هناك أكياس جثث تعود إلى الوطن، بل روبوتات محطّمة فقط.
“الحروب بلا خسائر بشرية”.. إغراء خطير للحكومات
يعتقد هينتون أن هذا التحول قد يشجع الحكومات على خوض الصراعات بسهولة أكبر، مؤكدًا أن خفض التضحيات البشرية سيقلل من المعارضة الداخلية لأي حرب.
وأضاف أن شركات الدفاع ستستفيد من هذه المرحلة الجديدة، إذ ستكون تكلفة استبدال الأسلحة الذاتية التشغيل مرتفعة، مما سيُثري ما يُعرف بـ”المجمع الصناعي العسكري”.
الذكاء الاصطناعي يعيد تشكيل ساحات القتال
وأشار “عرّاب الذكاء الاصطناعي” إلى أن آثار الذكاء الاصطناعي في الحروب بدأت بالفعل بالظهور، مستشهدًا بالحرب في أوكرانيا، حيث أصبحت الطائرات المسيّرة زهيدة الثمن قادرة على تدمير معدات عسكرية بملايين الدولارات.
وقال هينتون: “الطائرات المقاتلة التي يقودها البشر أصبحت فكرة قديمة، فالذكاء الاصطناعي يمكنه تحمل تسارعات أعلى بكثير دون القلق على الأرواح البشرية”.
من أوكرانيا إلى العالم.. سباق جديد نحو الأنظمة المستقلة
تتسابق الدول اليوم لتطوير أنظمة قتالية تعتمد على الذكاء الاصطناعي، مع ازدياد أهمية الطائرات والمركبات غير المأهولة.
وفي هذا السياق، تعمل أوكرانيا على تحسين طائراتها المسيرة عبر تقنيات الذكاء الاصطناعي، فيما تتابع دول الغرب هذه التجارب عن كثب للاستفادة من نتائجها.
وقال وزير الدفاع السويدي بول جونسون إن تجربة أوكرانيا أثبتت أهمية الاستثمار في القدرات المستقلة، مشيرًا إلى أن سرعة التطورات التكنولوجية في الحرب الحالية غير مسبوقة.
حرب الروبوتات.. الميدان الروسي يدخل السباق
من جانبها، تسعى روسيا إلى توسيع استخدام الأنظمة غير المأهولة على الأرض.
وكشف وزير الدفاع الروسي أندريه بيلوسوف أن بلاده طوّرت “عدة مئات من الأنظمة الروبوتية الأرضية” عبر تعاون بين الشركات العسكرية والمنظمات التطوعية، مع خطط لتوسيع الإنتاج خلال العام الجاري.
وتتضمن التجارب الروسية تصميمات مبتكرة، منها “حافلات للطائرات المسيرة” وأنظمة قتالية تُدار بالألياف الضوئية، في مشهد يؤكد تصاعد “حرب الروبوتات” بين القوى الكبرى.
بين التقنية والأخلاق.. تحذير هينتون الأخير
حذّر هينتون من أن تقدم الذكاء الاصطناعي في المجال العسكري قد يغيّر موازين الأخلاق والسياسة في الحروب المستقبلية، مشددًا على ضرورة وضع ضوابط صارمة لاستخدام الأسلحة المستقلة.
واختتم حديثه قائلًا إن “الذكاء الاصطناعي قد يقلل عدد القتلى في ساحة المعركة، لكنه يزيد احتمال اندلاع الحروب نفسها” — وهي المفارقة التي تجعل من التطور التقني سيفًا ذا حدين.
يمكنك أن تقرأ أيضًا:
ناسا تُحلّق نحو عصر «السرعة الصامتة».. اختبار أول طائرة أسرع من الصوت بدون دوي مزعج













