logo alelm
كم تعيش هواتفنا الذكية؟

حين تُطفئ شاشة هاتفك فجأة، من دون إنذار، بعد أن كانت رفيقتك اليومية، قد تتساءل: هل انتهى عمره أم أنني الذي أستهلكه؟ هذا السؤال البسيط يُخفي وراءه قصة كاملة عن علاقة الإنسان بالتقنية، وعن العمر المحدود لأداة باتت جزءًا من ذواتنا.

فبينما تُغري الإعلانات بخصائص جديدة كل عام، تكشف الدراسات عن مفارقة أن الهواتف لا تموت فجأة، بل «تُهرَم» مثلنا ببطء.

كم يعيش الهاتف الذكي فعلًا؟

يختلف الخبراء حول الإجابة، لكن يجمع معظمهم على أن «العمر الافتراضي للهاتف الذكي» يدور بين عامين ونصف إلى خمس سنوات، بحسب جودة التصنيع ونمط الاستخدام.

بعض الطرازات الرائدة، كما تشير تقارير من شركات التقنية، قد تتجاوز هذه المدة بقليل، في حين لا تصمد أجهزة أخرى حتى 18 شهرًا قبل أن تبدأ مظاهر الوهن بالظهور، بين بطارية تذوب سريعًا، وأداء يتثاقل، وتحديثات تتوقف فجأة.

يقول خبراء التقنية إن هذه الأعراض ليست عشوائية، بل نتيجة طبيعية لما يسمّى «دورات الشحن» و«الشيخوخة البرمجية»؛ فكل شحنة كاملة تستهلك جزءًا من عمر البطارية، وكل تحديث نظامي يفرض عبئًا أكبر على العتاد القديم.

متى تعرف أن هاتفك يطلب التقاعد؟

ليس من السهل تقبّل فكرة أن الهاتف الذي أنقذك في مواقف لا تُنسى، صار عبئًا. لكن ثمة إشارات لا تخطئها العين، فحين تنخفض البطارية بشكل مفاجئ رغم الشحن الكامل، أو تتباطأ التطبيقات وتتعثر التحديثات الأمنية، أو يزدحم التخزين حتى بعد حذف الصور والملفات. وأحيانًا يكون العطب ملموسًا أكثر مثل شاشة متصدعة، وحرارة مفرطة، أو لمسة لا تستجيب. وحتى الكاميرا التي كانت توثّق حياتك بدقة مبهرة، قد تبدأ بإنتاج صور باهتة.

في تلك اللحظة، لا يتعلق القرار فقط بـ«إصلاح أم استبدال»، بل بموازنة اقتصادية وعاطفية في آن، كم يستحق الجهاز من عمر إضافي، وكم أنت مستعد لدفعه لقاء ذاكرة جديدة تبدأ من الصفر؟

ما الذي يقصّر عمر الهواتف؟

العمر الافتراضي للهاتف ليس رقمًا ثابتًا، غير أن البطارية تأتي في المقدمة، إذ تتدهور بمرور الوقت، خاصة مع الشحن الكامل أو التفريغ التام المتكرر. كما أن الشاشات عالية الدقة، رغم جاذبيتها، تستهلك قدرًا أكبر من الطاقة، وتسهم في استنزاف البطارية بسرعة.

أما التحديثات البرمجية فسلاح ذو حدّين، تحمي الجهاز من الثغرات الأمنية، لكنها أحيانًا تثقل كاهله بتطبيقات لا يتحملها.

الضرر المادي أيضًا يلعب دوره؛ فالسقوط أو تعرض الجهاز للماء أو الخدوش المتكررة قد تُحدث أعطالًا داخلية غير مرئية. ومع الوقت، يتحوّل الهاتف إلى جسد هشّ مهما بدا سليمًا من الخارج.

كيف تُطيل عمر هاتفك؟

توصي الدراسات التقنية بالحفاظ على مستوى شحن بين 20 و80 بالمئة، لأن الشحن الكامل المتكرر يُضعف البطارية تدريجيًا. كما يُنصح باستخدام واقٍ للشاشة وحافظة متينة تمتص الصدمات، فالكسر ليس مجرد مظهر بل بداية انهيار داخلي بطيء.

ولا يقل تنظيف النظام أهمية عن تنظيف الواجهة؛ فحذف التطبيقات غير المستخدمة يحرّر الذاكرة ويُنعش الأداء.

بكلمات أخرى، إطالة عمر الهاتف ليست معجزة تقنية، بل سلوك واعٍ يوازن بين الاستخدام والرعاية.

شارك هذا المنشور:

المقالة السابقة

من الفضلات إلى الفن.. أغرب ما تركه الإنسان على سطح القمر

المقالة التالية

عاد القصف.. هدنة غزة على شفا الانهيار