في تطور مدهش.. يشير علماء الآن إلى أن الذكاء الاصطناعي قد يكون قادرًا على فهم المشاعر البشرية بشكل أفضل مما نستطيع نحن فهمها. هذا الاكتشاف يأتي بمثابة مفاجأة كبيرة لقدرة لطالما اعتقدنا أنها حصرية للإنسان. وجد العلماء أن الذكاء الاصطناعي يحقق نتائج أعلى بكثير من متوسط الإنسان في اختيار الاستجابة الصحيحة لتهدئة مواقف مختلفة مشحونة عاطفيًا.
في دراسة جديدة نُشرت في 21 مايو في مجلة Communications Psychology، قام علماء من جامعة جنيف وجامعة برن بتطبيق اختبارات الذكاء العاطفي (EI) واسعة الاستخدام على نماذج لغوية كبيرة شائعة، بما في ذلك ChatGPT-4 و ChatGPT-o1 و Gemini 1.5 Flash و Claude 3.5 Haiku و Copilot 365 و DeepSeek V3.
كان هدف الباحثين هو التحقق من أمرين: أولاً، مقارنة أداء الذكاء الاصطناعي بالبشر، وثانيًا، تقييم قدرة الذكاء الاصطناعي على إنشاء أسئلة اختبار جديدة تلتزم بأهداف اختبارات الذكاء العاطفي.
من خلال دراسة الاستجابات البشرية التي تم التحقق من صحتها في دراسات سابقة، تمكنت النماذج اللغوية الكبيرة من اختيار الاستجابة “الصحيحة” في اختبارات الذكاء العاطفي بنسبة 81% من الحالات، وذلك بناءً على آراء خبراء بشريين، مقارنة بنسبة 56% للبشر.
وعندما طُلب من ChatGPT إنشاء أسئلة اختبار جديدة، قال المقيمون البشريون إن هذه الجهود كانت مماثلة للاختبارات الأصلية من حيث صعوبة الأسئلة وتجنب إعادة صياغة الأسئلة الأصلية. وُصف الارتباط بين الاختبارات التي أنشأها الذكاء الاصطناعي والاختبارات الأصلية بأنه “قوي”، حيث بلغ معامل الارتباط 0.46 (حيث يشير 1.0 إلى ارتباط تام ويشير 0 إلى عدم وجود ارتباط).
بالمقابل أكد عدد من الخبراء على أهمية أخذ منهجية الدراسة في الاعتبار. وأشاروا إلى أن كل اختبارات الذكاء العاطفي الشائعة المستخدمة كانت ذات اختيار من متعدد، وهو أمر بالكاد ينطبق على سيناريوهات العالم الحقيقي التي تكون فيها التوترات بين الناس عالية.
وقال تيمور إجلال، خبير في الصناعة المالية وأمن المعلومات: “تجدر الإشارة إلى أن البشر لا يتفقون دائمًا على ما يشعر به شخص آخر، وحتى علماء النفس يمكنهم تفسير الإشارات العاطفية بشكل مختلف. لذا فإن تغلب الذكاء الاصطناعي على إنسان في اختبار كهذا لا يعني بالضرورة أن الذكاء الاصطناعي لديه فهم أعمق. بل يعني أنه قدم الإجابة المتوقعة إحصائيًا في معظم الأحيان.”
وقال نعمان جعفر، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة CliniScripts: “أنظمة الذكاء الاصطناعي ممتازة في التعرف على الأنماط، خاصة عندما تتبع الإشارات العاطفية بنية يمكن التعرف عليها مثل تعابير الوجه أو الإشارات اللغوية. لكن مساواة ذلك بفهم أعمق للمشاعر البشرية ينطوي على خطر المبالغة في تقدير ما يفعله الذكاء الاصطناعي”
يرى الخبراء أن الاختبارات في بيئات منظمة وكمية، بدلاً من تقدير الفروق الدقيقة الأعمق التي يتطلبها الفهم العاطفي الحقيقي، هي المجالات التي يتفوق فيها الذكاء الاصطناعي. وأشار بعض الخبراء إلى نقطة حاسمة وهي أن الذكاء الاصطناعي يحقق أداءً أفضل في الاختبارات المتعلقة بالمواقف العاطفية التي لا تكون في خضم اللحظة، على عكس الطريقة التي يختبرها بها البشر. وعموماً، وجد معظم الخبراء أن الادعاء بأن الذكاء الاصطناعي “يفهم” المشاعر أفضل من البشر هو مبالغة بعض الشيء.
وقال وايت مايهام، مؤسس Northwest IT Consulting: “هل يُظهر أن النماذج اللغوية الكبيرة مفيدة في تصنيف ردود الفعل العاطفية الشائعة؟ بالتأكيد. لكن هذا يشبه قول إن شخصًا ما معالج رائع لأنه حصل على درجة عالية في اختبار BuzzFeed ذي طابع عاطفي.”
على الرغم من أن الذكاء الاصطناعي يستخدم التعرف على الأنماط بدلاً من الفهم العاطفي الحقيقي، إلا أنه تفوق على البشر في تحديد والاستجابة للحالات العاطفية في مثال واحد على الأقل.
“آيلتون”، وهو ذكاء اصطناعي للمحادثة يستخدمه أكثر من 6000 سائق شاحنة لمسافات طويلة في البرازيل، وهو مساعد متعدد الوسائط يعمل عبر WhatsApp ويستخدم الصوت والنص والصور. ويقول مطوره، ماركوس ألفيس الرئيس التنفيذي وكبير العلماء في HAL-AI، إن “آيلتون” يحدد التوتر أو الغضب أو الحزن بدقة تقارب 80%، أي أعلى بحوالي 20 نقطة من نظرائه من البشر، وكل ذلك في سياق المواقف العاطفية أثناء تفاعل السائقين معه في الوقت الفعلي.
في إحدى الحالات، استجاب “آيلتون” بسرعة وبشكل مناسب عندما أرسل سائق رسالة صوتية مضطربة مدتها 15 ثانية بعد حادث مميت لزميل، ورد بتعازي دقيقة وعرض موارد الصحة النفسية وتنبيه مديري الأساطيل تلقائيًا.