يوليو ٧, ٢٠٢٥
تابعنا
نبض
logo alelm
أكبر دول العالم من حيث قدرة الطاقة النووية

في ظل السعي العالمي لتحقيق انتقال آمن ومستدام في قطاع الطاقة، تلعب الطاقة النووية دورًا محوريًا، حيث وصل إجمالي القدرة الإنتاجية العالمية إلى 396 جيجاواط بنهاية عام 2023.

ويكشف تقرير حديث أن خريطة الطاقة النووية تشهد تحولًا كبيرًا؛ فبينما لا تزال الولايات المتحدة وفرنسا تتصدران المشهد حاليًا، فإن مستقبل هذا القطاع يتجه بوضوح نحو آسيا، بقيادة الصين والهند اللتين تخططان لزيادات هائلة في قدراتهما الإنتاجية.

ويأتي هذا التوجه مدعومًا بالتزام دولي متجدد، حيث تعهدت 22 دولة في ديسمبر 2023 بمضاعفة قدرة الطاقة النووية العالمية ثلاث مرات بحلول عام 2050، بهدف دعم التحول إلى صافي انبعاثات صفري. هذا الزخم العالمي يضع الطاقة النووية في قلب النقاشات حول أمن الطاقة العالمي ومستقبل الكوكب، ويسلط الضوء على قائمة أكثر دول العالم إنتاجاً للطاقة النووية حاليًا ومستقبلاً.

أكثر دول العالم إنتاجًا للطاقة النووية

تتربع الولايات المتحدة حاليًا على قمة قائمة أكثر دول العالم إنتاجًا للطاقة النووية، حيث تدير أكبر أسطول من المفاعلات في العالم، بإجمالي 94 مفاعلًا موزعة على 28 ولاية. وتصل القدرة الإنتاجية الصافية لهذه المفاعلات إلى ما يقارب 102 جيجاواط، وهي لا تزال تشكل 19% من إجمالي توليد الكهرباء في قطاع الطاقة الأمريكي. وتعد محطة “فوجتل” في جورجيا، بعد إضافة مفاعلين جديدين في 2023 و2024، هي أكبر محطة طاقة نووية في الولايات المتحدة بسعة إجمالية تبلغ حوالي 4.5 جيجاواط.

وتحتل فرنسا المرتبة الثانية عالميًا بقدرة إنتاجية تصل إلى 64 جيجاواط من 57 مفاعلًا، تليها الصين في المرتبة الثالثة بـ 58 جيجاواط من 57 مفاعلًا أيضًا. وتكمل روسيا (29 جيجاواط) وكوريا الجنوبية (27 جيجاواط) قائمة الدول الخمس الكبرى، مما يوضح أن قيادة الطاقة النووية الحالية لا تزال تتركز في أيدي القوى الصناعية التقليدية.

النمو الهائل للطاقة النووية في آسيا

تتغير الخريطة تمامًا عند النظر إلى المشاريع المستقبلية. فمن المتوقع أن ترتفع القدرة الإنتاجية العالمية للطاقة النووية بنسبة تتجاوز 75% لتصل إلى 695 جيجاواط، وستأتي الحصة الأكبر من هذا النمو من قارة آسيا. تقود الصين هذا التوجه بشكل مطلق، حيث تخطط لإضافة 118 جيجاواط إلى شبكتها، وهو ما يمثل زيادة مذهلة بنسبة 204% عن مستوياتها الحالية.

كما تخطط الهند لزيادة هائلة في قدرتها الإنتاجية، حيث ستضيف 32 جيجاواط، وهو ما يمثل زيادة بنسبة 420%، مما سيضعها كقوة نووية رئيسية. وتشمل قائمة الدول التي تخطط لزيادات كبيرة أيضًا روسيا (+21 جيجاواط)، والمملكة المتحدة (+15 جيجاواط)، وتركيا (+15 جيجاواط)، وفرنسا (+12 جيجاواط). وفي المقابل، من المتوقع أن تكون الزيادة في الولايات المتحدة متواضعة نسبيًا، حيث تبلغ 7 جيجاواط فقط.

الطاقة النووية في السعودية

انطلاقًا من رؤيتها الاستراتيجية لتأمين مستقبل الطاقة وتنويع اقتصادها الوطني، تقترب المملكة من تحقيق تقدم كبير في مساعيها لتطوير برنامج طاقة نووية تجاري. وقد تلقت هذه الجهود، التي وُصفت بأنها “طموح قائم منذ فترة”، دفعة قوية مؤخرًا بعد تأكيد وزير الطاقة الأمريكي، كريس رايت، خلال زيارته للرياض، أن المباحثات بين البلدين أوشكت على التوصل إلى اتفاقيات تعاون استراتيجية.

وتستند هذه الشراكة المرتقبة إلى رغبة المملكة في التوسع في إنتاج الطاقة النووية، مدعومة بامتلاكها لموارد طبيعية هامة تشمل اليورانيوم، وخبرة الولايات المتحدة التقنية في هذا المجال. وبذلك، فإن الاتفاق الوشيك لا يمثل فقط تعاونًا ثنائيًا، بل هو تتويج لجهود سعودية طويلة الأمد تهدف إلى دخول هذا القطاع الحيوي.

ويمثل مفاعل الأبحاث منخفض الطاقة، الذي افتتحه صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي العهد رئيس مجلس الوزراء في عام 2018، خطوة تأسيسية ومحورية في مساعي المملكة لتطوير برنامجها للطاقة النووية. ويُعد هذا المفاعل، وهو الأول من نوعه في المملكة، منصة علمية متكاملة تهدف إلى بناء القدرات الوطنية وتمهيد الطريق أمام تصميم وتطوير صناعة مفاعلات نووية متقدمة.

وقد تم تطوير مواصفات هذا المشروع الاستراتيجي وتصميمه بقيادة مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية (KACST)، وبمشاركة فاعلة من مدينة الملك عبدالله للطاقة الذرية والمتجددة (K.A.CARE)، بالإضافة إلى الاستعانة بخبرات دولية متخصصة في هذا المجال. ولا يقتصر دور مفاعل الأبحاث على الجانب العلمي البحت، بل يرتبط بشكل مباشر بالأهداف الاستراتيجية الأوسع للمملكة. فهو يساهم في تحقيق مستهدفات رؤية 2030 من خلال دوره في تنويع الاقتصاد الوطني وزيادة حصة الطاقة المتجددة في مزيج الطاقة.

ومن أبرز أهدافه تطوير وتأهيل الكفاءات السعودية، وبناء جيل من العلماء والمهندسين القادرين على تشغيل وصيانة مفاعلات الطاقة النووية المستقبلية. كما يعمل المفاعل كمنصة لنقل وتوطين التقنيات النووية المتقدمة، مما يضع المملكة على خريطة الدول التي تمتلك معرفة وخبرة عملية في هذا القطاع الحيوي.

أكبر محطة طاقة نووية في العالم

يعكس هذا النمو المستقبلي تحولًا أوسع في مركز الثقل النووي نحو  آسيا. فاعتبارًا من يونيو 2024، كانت 10 من أكبر 15 محطة طاقة نووية في العالم من حيث السعة تقع في القارة الآسيوية. وتعد محطة “كاشيوازاكي-كاريوا” في اليابان هي أكبر محطة طاقة نووية في العالم بسعة تصل إلى حوالي 8 جيجاواط، على الرغم من أن قطاع الطاقة النووية في اليابان قد شهد تراجعًا بعد كارثة فوكوشيما عام 2011. هذا التوجه نحو الشرق يؤكد أن مستقبل الطاقة النووية يتم بناؤه اليوم في آسيا.

ويفتح الالتزام العالمي بمضاعفة قدرة الطاقة النووية ثلاث مرات بحلول عام 2050، الباب أمام دول جديدة لدخول هذا القطاع الحيوي. ويتماشى هذا التوجه مع الاهتمام المتزايد بالطاقة النووية في السعودية كجزء من خططها لتنويع مصادر الطاقة وتحقيق أهدافها المناخية. وسيتطلب هذا التوسع إنشاء هيئة طاقة وطنية قوية في كل دولة لتنظيم ومراقبة هذا القطاع الحساس.

شارك هذا المنشور:

السابقة المقالة

أوجاع لبنان تتزايد.. عتمة شاملة في الداخل وحرب على الحدود

المقالة التالية

تصعيد جديد من أوكرانيا يضع الدب الروسي في موقف محرج