logo alelm
علماء يكتشفون مستودعات مياه عذبة تحت قاع المحيط

نجح فريق دولي من العلماء في اكتشاف واستخراج عينات من مستودعات مياه عذبة تحت قاع المحيط، وذلك في إطار بعثة استكشافية تاريخية تُعتبر الأولى من نوعها عالمياً.

أُجريت هذه الحملة البحثية الاستثنائية خلال صيف 2025 على متن السفينة المتخصصة “Liftboat Robert” في شمال الأطلسي قبالة سواحل كيب كود شمال شرق الولايات المتحدة، ضمن ما يُعرف بـ”البعثة 501″ التي بلغت تكلفتها 25 مليون دولار ومولتها المؤسسة الوطنية الأمريكية للعلوم والمجلس الأوروبي للحفر البحري.

تميزت هذه البعثة بمشاركة علماء من أكثر من 12 دولة، حيث قاموا بعمليات حفر منهجية على أعماق تصل إلى 400 متر تحت قاع البحر لاستكشاف أنظمة المياه الجوفية البحرية.

حقق العلماء نجاحاً باهراً باكتشاف طبقات مياه عذبة أو شبه عذبة ممتدة من ولاية نيوجيرسي إلى ولاية مين، في خزان جوفي يُعتقد أنه يحتوي على كمية مياه تكفي لسد احتياجات مدينة بحجم نيويورك لمدة 800 عام.

يؤكد براندون دوجان، عالم الجيولوجيا ورئيس البعثة من جامعة كولورادو للتعدين: “هذا مجرد واحد من خزانات المياه العذبة المخفية العديدة التي قد توجد في بيئات ضحلة حول العالم، مما يبشر بحلول واعدة لكوكب يعاني من عطش متزايد”.

جذور الاكتشاف تعود للستينيات

تشير المصادر العلمية إلى أن بذور هذا الاكتشاف تعود إلى أواخر الستينيات، عندما عثر فريق حكومي أمريكي كان يبحث عن المعادن والهيدروكربونات بشكل مفاجئ على مياه عذبة تحت قاع البحر. لكن لم تُجر حتى الآن دراسات منهجية شاملة لاستكشاف هذه الظاهرة.

يقول جيز إيفرست، مدير مشروع البعثة 501 وعالم من المسح الجيولوجي البريطاني في اسكتلندا: “رغم معرفتنا بوجود هذه الظاهرة هنا وفي مناطق أخرى حول العالم، لم يسبق أن تم فحصها مباشرة في أي مشروع بحثي من قبل”.

نتائج تفوق التوقعات

تجاوزت النتائج التوقعات العلمية، حيث وجد الباحثون مياه عذبة أو شبه عذبة في أعماق أعلى وأخفض من المتوقع تحت قاع البحر، مما يشير إلى إمدادات أكبر بكثير مما كان متوقعاً في البداية.

سيقوم الفريق العلمي بتحليل 50,000 لتر من عينات المياه في مختبرات حول العالم خلال الأشهر المقبلة، بهدف حل لغز أصول هذه المياه – سواء كانت ناتجة عن الأنهار الجليدية، أو أنظمة المياه الجوفية المترابطة، أو مزيج من كليهما.

لا تقتصر هذه الأبحاث على الساحل الشرقي الأمريكي، حيث أجرت جامعة هاواي بمانوا ومعهد سكريبس لعلوم المحيطات مسحاً مماثلاً لمدة أسبوعين في يوليو 2025 قبالة الساحل الغربي لجزيرة هاواي الكبيرة.

يقول بيتر كانبيرغ، الباحث المشارك في معهد هاواي للجيوفيزياء وعلوم الكواكب: “إذا ثبت وجود هذه المياه العميقة، فيمكنها تفسير الألغاز طويلة الأمد حول دورة المياه في جزيرة هاواي – وتحديداً لماذا التصريف الساحلي المُلاحظ لا يتطابق مع تقديرات إعادة شحن المياه الجوفية”.

فرضيات علمية متعددة

يضع العلماء عدة فرضيات لتفسير وجود هذه المياه العذبة:

  • الفرضية الجليدية: قد تكون المياه تشكلت خلال العصر الجليدي منذ حوالي 20,000 أو 450,000 سنة، عندما كان مستوى سطح البحر أقل بـ100 متر من مستواه الحالي.
  • فرضية البحيرات الجليدية: ربما تكونت تحت صفائح جليدية أو في بحيرات جليدية خلال فترات جليدية مختلفة.
  • الفرضية الهيدرولوجية: قد تكون ناتجة عن أنظمة مياه جوفية مترابطة تمتد من اليابسة إلى تحت قاع البحر.

آفاق عالمية واعدة

تشير الدراسات إلى وجود مناطق متعددة حول العالم قد تحتوي على خزانات مماثلة، بما في ذلك:

  • جزيرة الأمير إدوارد الكندية
  • السواحل الإندونيسية قرب جاكرتا
  • المناطق الساحلية الأسترالية
  • تؤكد العالمة سارا من البرنامج الأسترالي للحفر البحري: “هذا مهم لأستراليا. لدينا أنظمة مماثلة من المياه الجوفية المحلاة قبالة سواحلنا، وهي ضخمة بشكل محتمل”.

التطبيقات المستقبلية

يرى الخبراء أن هذا الاكتشاف قد يساهم في:

  • مواجهة أزمة المياه العالمية: توفير مصدر جديد للمياه العذبة في عالم يعاني من ندرة متزايدة.
  • مكافحة تملح المياه الجوفية: مساعدة في التخفيف من اقتحام المياه المالحة للخزانات الجوفية الساحلية مع ارتفاع مستوى سطح البحر.
  • إعادة تقييم إدارة المياه: تحسين فهم كيفية استخدام المياه الجوفية الساحلية بشكل مستدام دون الإضرار بالبيئة البحرية.
  • تحديات وفرص

تشدد العالمة كارين يوهانيسون من جامعة ماساتشوستس بوسطن على أنه “إذا أردنا الاستفادة من هذه المياه، نحتاج لفهم كامل وتوصيف شامل لهذه الأنظمة”. كما تؤكد ضرورة “علم جيد لدعم كيفية الاستفادة من هذه المياه مستقبلاً”.

هذا الاكتشاف العلمي الثوري يمثل نقطة تحول محتملة في فهمنا لموارد المياه على كوكب الأرض، ويفتح آفاقاً جديدة للبحث العلمي والتطبيقات العملية في مواجهة أزمة العطش العالمية المتنامية مع التغير المناخي وزيادة عدد السكان.

شارك هذا المنشور:

المقالة السابقة

بوتين يحذر من نشر قوات عسكرية غربية في أوكرانيا: ستكون أهدافًا مشروعة

المقالة التالية

تقرير الوظائف لشهر أغسطس 2025 يكشف عن تدهور حاد بسوق العمل الأمريكي