logo alelm
قشور البصل الأحمر تحدث ثورة في عالم الطاقة الشمسية

توصل فريق من الباحثين في جامعة توركو الفنلندية إلى حل مبتكر لحماية الخلايا الشمسية من الأشعة فوق البنفسجية الضارة باستخدام مصدر طبيعي غير متوقع: قشور البصل الأحمر.

هذا الاكتشاف، الذي نُشرت نتائجه في مجلة ACS Applied Optical Materials في فبراير الماضي، قد يمهد الطريق لجعل صناعة الطاقة الشمسية أكثر استدامة وصداقة للبيئة من خلال الاستغناء عن المواد البترولية التقليدية المستخدمة في حماية الخلايا الشمسية.

التحدي التقليدي في حماية الخلايا الشمسية

تواجه الخلايا الشمسية تحدياً تقنياً معقداً يتطلب توازناً دقيقاً بين عاملين متناقضين. فمن جهة، تحتاج هذه الخلايا للحماية من الأشعة فوق البنفسجية (أقل من 400 نانومتر) التي تسبب تدهوراً تدريجياً في كفاءتها. ومن جهة أخرى، يجب السماح للضوء المرئي (بين 700 و1200 نانومتر) بالمرور بحرية لتمكين الخلايا من تحويل هذه الأشعة إلى كهرباء.

تقليدياً، تُستخدم أفلام بترولية مثل بولي فينيل فلورايد (PVF) وبولي إيثيلين تيريفثاليت (PET) لحماية الخلايا الشمسية، لكن هذه المواد تثير مخاوف بيئية بسبب اعتمادها على الوقود الأحفوري وصعوبة تدويرها.

الحل الطبيعي المبتكر

طور الباحثون، بقيادة روستيم نيزاموف طالب الدكتوراه في جامعة توركو، فيلماً واقياً جديداً يجمع بين مادتين طبيعيتين.

النانوسيلوز: مادة مستخرجة من النباتات تُنتج بتفكيك السليلوز إلى ألياف نانوية فائقة الصغر، وهي مادة قابلة للتحلل الحيوي ومتجددة.

صبغة البصل الأحمر: مستخلص طبيعي من قشور البصل الأحمر يحتوي على مركبات كيميائية قادرة على امتصاص الأشعة فوق البنفسجية بكفاءة عالية.

نتائج مذهلة تتفوق على التكنولوجيا التقليدية

أظهرت الاختبارات المعملية أن الفيلم الجديد حقق إزالة 99.9% من الأشعة فوق البنفسجية حتى طول موجي 400 نانومتر، متفوقاً بذلك على المرشحات التجارية المعتمدة على PET المتوفرة حالياً في السوق.

الأهم من ذلك، أن الفيلم الجديد حافظ على معدل نقل ضوء يتجاوز 80% في نطاق الأطوال الموجية الحرجة (بين 650 و1100 نانومتر)، مما يضمن عدم التأثير سلبياً على كفاءة توليد الكهرباء في الخلايا الشمسية.

اختبار المتانة طويل المدى

لضمان الموثوقية العملية للاختراع، خضع الفيلم الجديد لاختبار متانة صارم امتد لـ1000 ساعة من التعرض للضوء الاصطناعي، ما يعادل تقريباً عاماً كاملاً من التعرض لأشعة الشمس في مناخ وسط أوروبا.

خلال هذه الفترة، حافظ فيلم البصل الأحمر على أدائه المميز، بينما تدهورت أداء الأفلام الأخرى بشكل ملحوظ. على سبيل المثال، الأفلام المعالجة بأيونات الحديد أظهرت معدل نقل جيد في البداية لكنه انخفض بشكل كبير مع مرور الوقت.

مقارنة مع البدائل الطبيعية الأخرى

اختبر الباحثون أربعة أنواع من الأفلام الواقية المصنوعة من ألياف السليلوز النانوية، معالجة بمواد مختلفة:

  • صبغة البصل الأحمر: حققت أفضل النتائج في الحماية والشفافية والمتانة
  • اللجنين: رغم فعاليته في الحماية، إلا أن لونه البني الداكن يحد من استخدامه في الأفلام الشفافة
  • أيونات الحديد: أظهرت أداءً جيداً في البداية لكنه تراجع مع الوقت

التطبيقات المستقبلية الواعدة

يؤكد نيزاموف أن هذا الاكتشاف له “تطبيقات واسعة النطاق” تتجاوز الخلايا الشمسية التقليدية لتشمل:

  • خلايا البيروفيسكايت والخلايا العضوية: تقنيات شمسية جديدة تتطلب حماية خاصة من الأشعة فوق البنفسجية
  • تغليف الأغذية: حيث يمكن استخدام الخلايا الشمسية القابلة للتحلل كمصادر طاقة لأجهزة الاستشعار في البيئات المعقمة
  • الصناعات الحساسة للأشعة فوق البنفسجية: أي تطبيق يتطلب فيلماً واقياً شفافاً وقابلاً للتحلل الحيوي

هذا الاختراع يمثل خطوة مهمة نحو تحقيق حلم العلماء في تطوير تكنولوجيا طاقة شمسية مستدامة بالكامل. فبدلاً من الاعتماد على مواد بترولية قد تستغرق مئات السنين للتحلل، يمكن الآن استخدام مواد طبيعية متجددة وقابلة للتحلل الحيوي.

يصف نيزاموف الاكتشاف بأنه “خيار واعد في التطبيقات التي ينبغي أن تكون فيها المادة الواقية عضوية المصدر”، مشيراً إلى أن هذا النهج يمكن أن يحدث نقلة نوعية في صناعة الطاقة المتجددة.

الأثر البيئي والاقتصادي

من المتوقع أن يكون لهذا الاكتشاف تأثيرات إيجابية متعددة:

  • بيئياً: تقليل الاعتماد على المواد البترولية وتعزيز الاقتصاد الدائري من خلال استخدام النفايات الزراعية (قشور البصل)
  • اقتصادياً: إمكانية تطوير صناعة جديدة تعتمد على المخلفات الزراعية كمواد خام قيمة
  • تقنياً: تحسين أداء الخلايا الشمسية وإطالة عمرها الافتراضي

شارك هذا المنشور:

المقالة السابقة

دراسة تحذر: هشاشة الأظافر قد تكشف مشكلات صحية خطيرة

المقالة التالية

مرض السكري يغير شكل قلوبنا