في كل عام، تنطلق الطيور المهاجرة في رحلاتها الموسمية عبر القارات، قاطعةً آلاف الكيلومترات، ويُعد طائر “الخرشنة القطبية” من أبرزها، إذ يقطع خلال حياته مسافة تعادل الذهاب إلى القمر والعودة. لكن المدهش حقًا ليس فقط طول المسافة، بل قدرة هذه الطيور على إيجاد طريقها بدقة مذهلة.
الجواب يكمن في مزيج من الحواس المتقدمة، بعضها مألوف مثل البصر والشم، وأخرى خارقة لا تزال قيد البحث العلمي.
تمتلك الطيور المهاجرة قدرة على تذكر المعالم الطبيعية مثل الأنهار والجبال، وتستخدمها لتحديد المسارات إذا كانت قد هاجرت سابقًا.
بينما الطيور التي تطير فوق المياه، حيث لا توجد معالم واضحة، فتعتمد بدرجة أكبر على حاسة الشم، حيث أظهرت إحدى الدراسات أن سد الممرات الأنفية لطيور “سكوبولي” جعلها تفقد الاتجاه عند التحليق فوق البحر، لكنها حافظت عليه فوق اليابسة.
تستخدم الطيور المهاجرة نهارًا “بوصلة الشمس” التي تعتمد على موقع الشمس وإدراك الطيور للوقت، مما يشبه الساعة الشمسية.
بينما الطيور التي تهاجر ليلًا، فتلجأ إلى “البوصلة النجمية”، حيث تستخدم موقع النجوم حول نجم الشمال (بولاريس) لتحديد الاتجاه.
في غياب المعالم الشمسية والنجومية، تعتمد الطيور على حاسة نادرة تعرف بـ”الإدراك المغناطيسي”، تمكنها من استشعار المجال المغناطيسي للأرض.
ويعتقد العلماء أن هذه القدرة مرتبطة بجزيء “كريبتوكروم” في شبكية العين، أو مستقبلات مغناطيسية في منقار الطائر تتصل بالدماغ.
تستشعر الطيور المهاجرة أيضًا الضوء المستقطب الناتج عن تشتت ضوء الشمس، حتى في الأيام الغائمة، وهذه الإشارات تساعدها على تحديد موقع الشمس بشكل غير مباشر.
وتظهر الأبحاث أن الطيور تدمج بين إشارات متعددة في الوقت نفسه، بحسب الظروف المحيطة.
الهجرة ليست قرارًا تتخذه الطيور بل دافع جيني موروث، حيث تشير الدراسات إلى أن الاتجاه والمسافة التي تسلكها الطيور تعتمد على معلومات مشفرة في جيناتها، ولهذا غالبًا ما تفشل محاولات إعادة توطينها، لأنها ببساطة تعرف طريق العودة وتتمسك به.
يمكنك أن تقرأ أيضًا:
ألبرت أينشتاين.. هل كان أيقونة الفيزياء لصًّا؟