يتكون كل شيء من حولنا، من المعادن القوية مثل التنغستن إلى الغيوم الرقيقة، من ذرات، ومع ذلك، يبقى السؤال: هل تلامس الذرات بعضها البعض فعليًا؟ الإجابة ليست بسيطة؛ فهي تتطلب فهمًا أعمق لمفهوم “اللمس” على المستوى الذري.
على المستوى البشري، يُعرف اللمس بأنه تقارب الأسطح الخارجية لجسمين. ولكن الذرات ليست أجسامًا صلبة لها أسطح واضحة.
وفي هذا السياق أوضح كريستوفر بيرد، أستاذ الفيزياء بجامعة غرب تكساس إيه آند إم، أن الذرات عبارة عن نواة محاطة بسحابة إلكترونية، مما يجعل تعريف “اللمس” أكثر تعقيدًا.
تتكون الذرة من نواة مركزية تحتوي على بروتونات ونيوترونات، محاطة بسحابة من الإلكترونات، وتختلف أعداد هذه الجسيمات حسب العنصر؛ فذرة الهيدروجين تحتوي على بروتون واحد وإلكترون واحد، بينما ذرة اليورانيوم تحتوي على 92 بروتونًا و92 إلكترونًا وما يصل إلى 146 نيوترونًا.
وفقًا لبيرد، يحدث “اللمس” على المستوى الذري عندما تتداخل المدارات الإلكترونية لذرتين بدرجة كافية لتبدأ تأثيرات فيزيائية أو كيميائية.
وقال تشي تشوان صن ، وهو مرشح للدكتوراه في مركز الفيزياء النظرية التابع لمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، إن شكلاً آخر من اللمس يمكن أن يحدث عندما تصطدم الجسيمات بسرعات عالية، كما هو الحال في مسرع الجسيمات مثل مصادم الهدرونات الكبير التابع للمنظمة الأوروبية للأبحاث النووية (سيرن) في سويسرا .
السوائل والمواد الصلبة: تتلامس عبر الروابط الكيميائية التي تثبت الذرات معًا.
الغازات: تتلامس عبر الاصطدامات المرنة، حيث ترتد الجسيمات عن بعضها البعض دون تغيير بنيتها.
الاصطدام عالي الطاقة: كما يحدث في مسرعات الجسيمات مثل مصادم الهدرونات الكبير في سيرن، حيث تصطدم الجسيمات بسرعات عالية تؤدي إلى تفاعلات مرنة أو غير مرنة، تنتج عنها جسيمات جديدة أو تغيرات في بنية النوى.
وعلى الرغم من أن الذرات لا تتلامس بنفس الطريقة التي نتلامس بها، فإن هذه التفاعلات هي ما يُشكل العالم المادي، وتمنح الروابط الكيميائية الناتجة عن تلامس المدارات الإلكترونية المواد خصائصها الفيزيائية والكيميائية، من الصلابة إلى الحرارة وحتى الصوت.
المصدر:
