لماذا تهتم أمريكا كثيرا بنفط فنزويلا؟

ديسمبر ٥, ٢٠٢٥

شارك المقال

لماذا تهتم أمريكا كثيرا بنفط فنزويلا؟

يعود الجدل حول العلاقات الأمريكية الفنزويلية إلى الواجهة من جديد بعدما بدت واشنطن وكأنها تستعد لمواجهة عسكرية محتملة مع كاراكاس، وقد اعتبر الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو أن إرسال الولايات المتحدة عشرات السفن الحربية وآلاف الجنود إلى البحر الكاريبي هو محاولة «غير مباشرة» للسيطرة على نفط فنزويلا، أكبر احتياطي نفطي مؤكد في العالم.

وعلى الرغم من نفي وزارة الخارجية الأمريكية أن تكون الثروة النفطية وراء هذا الحشد العسكري أو التحذيرات الأمنية، فإن كثيرين يرون أن الصراع يتجاوز الخطاب الرسمي ليمتد إلى مصالح الطّاقة الاستراتيجية، فالإدارة الأمريكية تؤكد أن تحركاتها تهدف إلى وقف تدفق المهاجرين والمخدرات، بينما يرى مراقبون أن أي تغيير سياسي في فنزويلا سيعيد رسم خريطة الطاقة العالمية، خاصة فيما يتعلق بما تمتلكه البلاد من احتياطات نفطية هائلة.

فنزويلا.. أكبر وعاء للذهب الأسود على وجه الأرض

يرتبط اسم الشرق الأوسط عادة بالمخزون النفطي العالمي، لكن الحقائق الجيولوجية تقول إن نفط فنزويلا هو الأغنى عالميًا، إذ تمتلك البلاد احتياطيًا يقارب 303 مليارات برميل وفق إدارة معلومات الطاقة الأمريكية، أي ما يعادل خمس المخزون العالمي تقريبًا، ما يجعلها صاحبة أكبر احتياطي نفطي مؤكد في العالم.

ورغم هذه الثروة، فإن إنتاج البلاد الحالي لا يعكس حجم إمكاناتها، ففنزويلا تنتج نحو مليون برميل يوميًا فقط، أي أقل من 1% من الإنتاج العالمي، ويعد هذا الرقم أقل من نصف إنتاجها قبل عقد، وأقل كثيرًا مما كانت تضخه في تسعينيات القرن الماضي حين بلغ الإنتاج 3.5 مليون برميل يوميًا.

تدهور الإنتاج يعود إلى العقوبات الأمريكية، والأزمات الاقتصادية، ونقص الاستثمار، وتراجع الصيانة، إضافة إلى طبيعة نفط فنزويلا الذي يتميز بثقله وارتفاع نسبة الكبريت فيه، ما يتطلب معدات متقدمة لاستخراجه ومعالجته.

العقوبات الأمريكية وتأثيرها على قطاع الطاقة الفنزويلي

منذ عام 2005 فرضت الولايات المتحدة سلسلة عقوبات على الحكومة الفنزويلية، وفي 2019 أوقفت إدارة ترامب جميع واردات النفط الخام القادمة من شركة النفط الحكومية PDVSA، مما أدى إلى خنق جزء كبير من إيرادات الدولة، وفي 2022 منح الرئيس جو بايدن شركة شيفرون تصريحًا بالعمل في البلاد لتخفيف الضغوط على أسعار الوقود، قبل أن يتم تعديل الشروط لاحقًا بحيث لا تستفيد حكومة مادورو من العائدات مباشرة.

هذه الإجراءات أدت إلى تراجع كبير في قدرة فنزويلا على تطوير صناعة النفط، إذ تشير تقارير الشركة الحكومية إلى أن خطوط الأنابيب لم تُحدّث منذ نصف قرن، وأن إعادة تأهيل القطاع لبلوغ مستويات الإنتاج السابقة قد يتطلب 58 مليار دولار.

لماذا تحتاج الولايات المتحدة إلى نفط فنزويلا رغم كونها أكبر منتج عالمي؟

ورغم أن الولايات المتحدة هي أكبر منتج للنفط في العالم اليوم، فإنها تحتاج بشدة إلى أنواع معينة من الخام لا تنتجه محليًا؛ فالإنتاج الأمريكي يعتمد على النفط الخفيف الحلو، وهو مثالي لصناعة البنزين، لكنه غير مناسب لإنتاج الديزل أو الإسفلت أو وقود المصانع الثقيلة.

أما نفط فنزويلا الثقيل الحامض، فهو مثالي لمصافي التكرير الأمريكية التي صُممت تاريخيًا لمعالجة هذا النوع من الخام، ويؤكد خبراء الطاقة أن المصافي الأمريكية تعمل بكفاءة أكبر عند استخدام النفط الفنزويلي مقارنة بالنفط الأمريكي الخفيف.

حتى سبتمبر الماضي، استوردت الولايات المتحدة نحو 102 ألف برميل يوميًا من فنزويلا، ورغم أن هذا الرقم أقل بكثير مما كان عليه في الماضي، فإنه يعكس استمرار حاجة واشنطن لهذا النوع من الخام، خاصة في ظل النقص العالمي في الديزل، وهو نقص مرتبط بشكل مباشر بانخفاض صادرات فنزويلا.

ماذا لو سقط نظام مادورو؟ السيناريوهات المحتملة

إن أي انتقال سياسي في فنزويلا قد يفتح الباب أمام عودة نفط فنزويلا بقوة إلى السوق العالمية، إذ قد يسمح ذلك لشركات النفط الغربية بالعودة للاستثمار، مما يزيد الإمدادات العالمية ويقلل من احتمالات ارتفاع الأسعار، لكن إعادة إعمار البنية التحتية ستتطلب سنوات واستثمارات ضخمة.

كما أن فتح السوق الفنزويلية سيحمل بُعدًا جيوسياسيًا مهمًا؛ فزيادة إنتاج نفط فنزويلا قد يوفّر بديلاً للنفط الروسي، خاصة أن نوعية الخامين متشابهة، وبالتالي قد يؤدي ذلك إلى تقويض قدرة روسيا على تمويل عملياتها العسكرية في أوكرانيا وإضعاف تأثير العقوبات الغربية عليها.

على الجانب الآخر، فإن انتعاش قطاع النفط قد يسمح لفنزويلا بإعادة بناء اقتصادها المنهار، إذ تعد شركة PDVSA المصدر الرئيسي للدخل الحكومي، لكن الخبراء يؤكدون أن أي نهضة اقتصادية حقيقية تتطلب تغييرًا كبيرًا في إدارة قطاع الطاقة، وربما تغييرًا سياسيًا شاملًا.

يمكنك أن تقرأ أيضًا:

ترامب في مواجهة فنزويلا.. استراتيجية على حافة الانهيار

أوراق القوة والضعف لدى الجيش الفنزويلي في مواجهة ترامب

فنزويلا.. سيناريوهات محتملة لرد الجيش على هجوم أمريكي

الأكثر مشاهدة

أحصل على أهم الأخبار مباشرةً في بريدك


logo alelm

© العلم. جميع الحقوق محفوظة

Powered by Trend'Tech