تُثير القوة الدولية المزمع نشرها في غزة جدلًا واسعًا حول طبيعتها ومهامها، وسط غموض يحيط بصلاحياتها وأهدافها. ويشير خبراء إلى أن نشر هذه القوة يمثل عاملاً حاسماً في تحديد ما إذا كانت الهدنة الحالية ستتحول إلى اتفاق مستدام أم لا.
ومن ناحية أخرى، برزت مخاوف بين الدول المشاركة من الدخول في مواجهة مباشرة مع حماس، التي ما زالت تحتفظ بأسلحتها ونفوذها في القطاع. كما يثير بقاء مناطق واسعة بلا وجود عسكري دولي القلق من استمرار نفوذ الحركة في غزة.
وتتفاقم المخاوف بسبب ضبابية المشهد حول الجهة المسؤولة عن الأمن والإدارة بعد الحرب، وعدم جاهزية الحكومة الفلسطينية كـ”بديل سياسي”، مما قد يعيد تكريس سيطرة حماس على القطاع. بالإضافة إلى ذلك، هناك تخوفات من أن التدخل الأمني بلا أفق سياسي واضح لن يؤدي إلى تحقيق دولة فلسطينية مستقلة.
وتتجه الأنظار نحو ملف إعادة إعمار غزة، بعد أن وضعت الحرب التي استمرت عامين أوزارها، حيث كشفت تفاصيل خطة عربية طموحة تهدف إلى إعادة بناء القطاع المدمر، بتكلفة تقديرية تصل إلى 70 مليار دولار.
وتأتي هذه التحركات عقب إتمام صفقة تسليم رهائن الاحتلال وإعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو انتهاء الحرب، ما يفتح الباب أمام مرحلة جديدة تركز على معالجة الدمار الهائل الذي خلفه الصراع، وإعادة الحياة إلى القطاع بعد سنوات من التوتر والمعاناة.
وتعتمد الخطة على إنشاء صندوق عربي-دولي تشرف عليه جامعة الدول العربية والأمم المتحدة لتمويل مشروع إعادة إعمار غزة، على أن تُحدد حصص التمويل أساساً من الدول الخليجية والعربية.
ومن المتوقع أن تشارك شركات دولية وعربية وأوروبية في تنفيذ المشروع، الذي سيُنفذ على ثلاث مراحل تمتد على مدار خمس سنوات، تبدأ من شمال القطاع، ثم وسطه، وصولاً إلى جنوبه، بهدف إعادة الحياة تدريجياً إلى المناطق الأكثر تضرراً.
ويُقدّر برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أن كمية الأنقاض في غزة تتراوح بين 55 و60 مليون طن، وهو رقم يصعب تصوره. ولتوضيح ضخامته، قدّم ممثل البرنامج في فلسطين، جاكو سيليرز، تشبيهًا لافتًا: «لو بُني جدار بارتفاع 12 مترًا حول حديقة سنترال بارك في نيويورك وامتلأ بالركام، فسيعادل تقريبًا حجم ما يجب رفعه في غزة».
اقرأ أيضًا:
“العدل الدولية”: إسرائيل ملزمة بإدخال المساعدات إلى غزة