منذ تأسيس المملكة العربية السعودية، شكّلت سياسة الباب المفتوح واحدة من أبرز سمات العلاقة بين الحاكم والمحكوم، حيث ظلّت مجالس الأمراء والقيادة العليا تستقبل المواطنين بشكل دوري، في مشهد يعكس روح الوحدة الوطنية وتقارب الرؤى بين القيادة والشعب.
هذه اللقاءات لم تكن مجرد مراسم بروتوكولية، بل فضاءً حيًّا للحوار المثمر وتبادل الأفكار ومناقشة القضايا الملحة، الأمر الذي أسهم في معالجة شكاوى الناس ومتابعة المشاريع الحيوية على أرض الواقع.
أكد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهده الأمير محمد بن سلمان، على أهمية الاستمرار في نهج الباب المفتوح، باعتباره ضمانة للتواصل المباشر بين القيادة والمواطنين.
وينص النظام الأساسي للحكم في مادته (43) بوضوح على أن: “مجلس الملك ومجلس ولي العهد مفتوحان لكل مواطن، ولكل من له شكوى أو مظلمة”، وتجسد هذه المادة أن حق المواطن في مخاطبة ولاة الأمر محفوظ بنص النظام، مما يعزز مبدأ العدالة والمشاركة.
يرى المراقبون أن سياسة الباب المفتوح تفرضها طبيعة العلاقة بين الحاكم والمحكوم، باعتبارها قناة تواصل مباشر تعكس البعد الإنساني والسياسي في آن واحد، فهي ليست مجرد لقاءات شكلية، بل جزء من منظومة إدارة الحكم في السعودية، حيث يظل ولي الأمر قريباً من المواطنين، مطلعاً على همومهم، وموجهاً إلى حلول عملية.
وتدعم هذه السياسة الاستقرار الداخلي وتؤدي إلى تعزيز الثقة المتبادلة، وهو ما يترجم في صورة واضحة من اللحمة الوطنية.
يشكّل اللقاء المباشر بين المواطن وولاة الأمر أحد ركائز بناء الثقة الوطنية، فبفضل سياسة الباب المفتوح يصل صوت المواطن بلا حواجز إلى القيادة، مما يوفّر بيئة خصبة لاتخاذ قرارات أكثر دقة وعدلاً.
كما أن هذا النهج يقلّل من فرص التذمر أو فقدان الثقة، ويدعم روح المواطنة والانتماء، ويعزز الأمن والسلم الاجتماعي.
لم يقتصر هذا النهج على القيادة السياسية، بل امتد إلى المؤسسات الدينية، فقد أكد الشيخ الدكتور عبدالرحمن السديس، رئيس الشؤون الدينية بالمسجد الحرام والمسجد النبوي، أن رئاسة الشؤون الدينية تنتهج سياسة الباب المفتوح من خلال اللقاءات التشاورية مع العلماء والأئمة والمؤذنين والمدرسين، للوصول إلى أفضل القرارات في خدمة الحرمين الشريفين وقاصديهما.
وأوضح أن هذا المبدأ يترسخ في التعاليم الإسلامية التي تدعو إلى الشورى، مستشهداً بقول الله تعالى: “وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين” [آل عمران: 159].
سياسة الباب المفتوح ليست مستحدثة، بل هي امتداد لمبدأ الشورى الذي حضّ عليه الإسلام، وقد جسّد ولاة الأمر هذا المبدأ عملياً عبر المجالس المفتوحة التي تُعقد دورياً، حيث يتم فيها جمع الآراء والاقتراحات ومناقشة المبادرات، بما يضمن تكامل الرؤى ووحدة الهدف.
هذه اللقاءات ليست فقط لمناقشة الشكاوى، بل لتشكيل أرضية مشتركة تسهم في تطوير السياسات العامة للدولة.
إضافة إلى دورها الاجتماعي والسياسي، تسهم سياسة الباب المفتوح في دعم التنمية الوطنية، فالاستماع إلى المواطنين يفتح المجال لرصد التحديات الميدانية، ما يتيح للحكومة تطوير حلول واقعية تسهم في استدامة المشاريع التنموية.
كما أن إشراك المجتمع في صياغة الحلول يعزز المسؤولية الجماعية، ويدفع المواطنين للمساهمة بفاعلية في مسيرة التنمية.
يمكنك أن تقرأ أيضًا:
إنجازات السعودية.. حصاد أغسطس 2025 يؤكد ريادة المملكة