أثارت سلسلة من التصريحات والسلوكيات الغريبة للرئيس الأمريكي مؤخرًا تساؤلات جديدة حول قدرات ترامب العقلية، حيث يشير خبراء في الصحة النفسية إلى علامات تدهور إدراكي محتمل، وذلك في ظل تجاهل نسبي لهذه الظواهر مقارنة بما حدث مع سلفه جو بايدن.
يأتي هذا الجدل المتصاعد في وقت لا يزال فيه المشهد السياسي الأمريكي يتذكر الضغط الذي تعرض له الرئيس السابق جو بايدن بشأن قدراته الذهنية، والذي كان أحد العوامل الرئيسية التي أدت إلى عدم ترشحه لولاية ثانية.
وفي المقابل، يبدو أن ترامب، البالغ من العمر 79 عامًا، لم يواجه نفس المستوى من الفحص الدقيق، على الرغم من استمرار الأمثلة على الارتباك والسلوك غير المألوف خلال فترة ولايته الثانية، والتي تجلت بوضوح في رحلته الأخيرة إلى المملكة المتحدة.
يرى متخصصون أن سلوك ترامب يظهر أنماطًا سلوكية تبعث على القلق، مثل الاستطراد غير المنضبط والارتباك في ذكر الحقائق، فخلال اجتماعه مع رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، تحول فجأة من الحديث عن الهجرة إلى إطلاق نوبة غضب غير مبررة ضد طواحين الهواء، مدعيًا أنها “تقتلنا وتقتل جمال مناظرنا الطبيعية”، وأنها تدفع الحيتان إلى الجنون وتقتل الطيور.
ويعتبر هاري سيغال، المحاضر البارز في قسم علم النفس بجامعة كورنيل، أن هذه التغيرات المفاجئة في الموضوع هي مثال على “الاستطراد دون تفكير أو تنظيم ذاتي”.
ومن الأمثلة الأخرى الأكثر إثارة للقلق ما يعرف بـ “التلفيق”، وهو ما ظهر جليًا في منتصف يوليو عندما زعم ترامب أن عمه الراحل، البروفيسور جون ترامب، كان على معرفة بـ “تيد كاتشينسكي”، المعروف بلقب “يونابومبر”، في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا وهي قصة مستحيلة الحدوث، حيث توفي عمه عام 1985، بينما لم يتم الكشف عن هوية كاتشينسكي إلا في عام 1996، كما أن الأخير لم يدرس في “MIT” من الأساس.
وتمتد هذه الأنماط لتشمل الارتباك في ذكر معلومات أساسية تتعلق بإدارته، فخلال حديثه عن المساعدات لغزة، بدا ترامب غير قادر على تذكر المساعدات التي قدمتها دول أخرى، وادعى بشكل خاطئ أن الولايات المتحدة قدمت 60 مليون دولار “قبل أسبوعين”، وهو رقم لم يتمكن المراقبون من التحقق من صحته.
واستمر الرئيس الأمريكي لمدة 13 دقيقة خلال اجتماع لمجلس الوزراء في الحديث حول ديكور الغرفة، من إطارات الصور إلى ثريات الإضاءة، بينما كان كبار المسؤولين ينتظرون لمناقشة قضايا ملحة مثل الحرب في أوكرانيا والفيضانات في تكساس، وهو ما يضيف المزيد من الأدلة على تشتت الانتباه الذي أصبح سمة مميزة لظهوره العلني، ويثير الشكوك حول قدرات ترامب العقلية.
وفي حين يرفض البيت الأبيض هذه المخاوف بشدة، واصفًا إياها بأنها صادرة عن “أفواه يسارية”، ويؤكد حلفاؤه مثل النائب روني جاكسون أن الرئيس “أكثر حدة ذهنية وجسدية من أي وقت مضى”، فإن خبراء آخرين لديهم رأي مختلف تمامًا.
ويقول ريتشارد فريدمان، أستاذ الطب النفسي الإكلينيكي في كلية طب وايل كورنيل، إنه “لو قدم لي مريض يعاني من عدم الترابط اللفظي والتفكير العرضي والكلام المتكرر الذي يظهره ترامب الآن بانتظام، فمن شبه المؤكد أنني سأحيله لإجراء تقييم نفسي عصبي دقيق لاستبعاد وجود مرض إدراكي”، وهو رأي يؤكد خطورة التدهور الملحوظ في قدرات ترامب العقلية.
وذهب جون غارتنر، عالم النفس الذي عمل أستاذًا مساعدًا في الطب النفسي بكلية الطب بجامعة جونز هوبكنز، إلى أبعد من ذلك، حيث صرح في يونيو الماضي: “ما نراه هو العلامات الكلاسيكية للخرف، وهو تدهور جسيم عن المستوى الأساسي للشخص”.
ويضيف غارتنر أن ترامب في الثمانينيات كان فصيحًا للغاية، أما الآن فهو “يواجه صعوبة حقيقية في إكمال فكرة واحدة”.