رفضت كيم يو جونج، الشقيقة النافذة لزعيم كوريا الشمالية، مبادرة الحوار التي أطلقتها حكومة كوريا الجنوبية الجديدة، مؤكدة أنّ بيونج يانج «لا ترى سببًا» للتفاوض مع الجنوب في ظل استمرار تحالفه العسكري مع الولايات المتحدة.
وقالت كيم يو جونج، في بيان رسمي نُشر عبر وكالة الأنباء المركزية الكورية الشمالية، إنّ بلادها «لا تجد مصلحة في أي سياسة أو اقتراح يصدر من سول»، مشيرة إلى أنّ سياسات الرئيس الجديد لي جاي ميونج لا تختلف في جوهرها عن سياسات أسلافه المحافظين، «لأنها لا تزال تنطلق من ثقة عمياء في التحالف مع الولايات المتحدة».
هذا الموقف الحاد يُعد أول تعليق رسمي من كوريا الشمالية على حكومة «لي» التي تولت السلطة في يونيو الماضي، وتعهّدت بفتح صفحة جديدة مع بيونج يانج. ورغم مبادرات حسن النية، كوقف البث الإذاعي عبر الحدود، وحظر إطلاق المناشير الدعائية، وترحيل لاجئين كوريين شماليين، لم تقابل كوريا الشمالية هذه الخطوات بإيجابية.
يرى محللون أنّ كيم يو جونج تسعى لإحداث شرخ بين سول وواشنطن، عبر تصوير الجنوب كطرف تابع لا يمتلك استقلالية القرار. وبحسب مون سونج موك، المحلل في معهد كوريا للاستراتيجية، فإنّ بيونج يانج «ترى أن لا جدوى من الحوار مع حكومة لا تستطيع رفع العقوبات أو إعادة تشغيل المشاريع الاقتصادية الثنائية التي كانت مفيدة للشمال».
ورغم إشادة كيم بـ«الجهود الصادقة» التي تبذلها إدارة لي، فإنها اتهمت الحكومة بالتخطيط لمواجهة عسكرية، مشيرة إلى المناورات الصيفية المشتركة مع الولايات المتحدة، والتي تعتبرها كوريا الشمالية تدريبًا على الغزو.
أعرب الرئيس «لي» عن رغبته في «استعادة الثقة» بين الكوريتين، خلال لقائه بوزير التوحيد تشونج دونج يونج، الذي اقترح لاحقًا إمكانية «تعديل» طبيعة التدريبات العسكرية مع الولايات المتحدة، في محاولة لإعادة بيونج يانج إلى طاولة المفاوضات.
لكن هذا المقترح قد يُقابل برفض داخلي، خصوصًا من المحافظين الذين يدعمون توسيع التعاون العسكري مع واشنطن لمواجهة البرنامج النووي المتسارع لكوريا الشمالية.
يأتي موقف كيم يو جونج في وقت تعزز فيه كوريا الشمالية تعاونها مع روسيا، حيث أرسلت أسلحة تقليدية ومقاتلين لدعم الحرب في أوكرانيا، في مقابل دعم اقتصادي من موسكو، بحسب تقارير غربية موثوقة.
ويرى خبراء أن هذا التقارب يُقلّص من أهمية الحوار مع الجنوب، خصوصًا في ظل صمت بيونج يانج عن عروض الحوار التي يقدّمها دونالد ترامب منذ بداية ولايته الثانية.
ويشير ليف إريك إيزلِي، من جامعة إهوا في سول، إلى أنّ «تصريحات كيم موجهة بالأساس للجمهور الداخلي، لتقديم النظام بموقع المتفوق، رغم العزلة الدولية والأزمات الاقتصادية»، مضيفًا أنّها «تحاول تبرير برامج التسلح، وتحريض الرأي العام ضد التحالف الكوري الجنوبي – الأمريكي»
وفقًا لكواك كيل سوب، مدير مركز «أمة واحدة» المتخصص في شؤون كوريا الشمالية، فإنّ النظام الكوري الشمالي قد يطرح «خطة باء وخطة جيم» للتعامل مع سول وواشنطن، مرجّحًا أن يُعلن عن ذلك في اجتماع حزب العمال المقرر في يناير المقبل.
لكن في ظل العقوبات الدولية، والتضييق المالي، والاعتماد المتزايد على الدعم الروسي، تبدو خيارات بيونج يانج محدودة. وحتى إشعار آخر، تظل اليد الممدودة من سول معلقة في الفراغ، دون ردّ يُذكر من جارتها الشمالية.