مع انقضاء العام الهجري 1446، تواصل السعودية بخطى ثابتة مسيرتها نحو تحقيق مستهدفات رؤية 2030، حيث لم يكن عامًا عاديًا، بل محطة فارقة شهدت قفزات نوعية على كافة الأصعدة، مرسخةً مكانتها كقوة مؤثرة على الساحة الدولية، ووجهة عالمية للاستثمار والرياضة والثقافة، مع وضع الإنسان في قلب استراتيجيتها التنموية.
على الصعيد الدولي، برز دور المملكة كصانع سلام ومحور استقرار إقليمي، فقد استضافت الرياض محطات دبلوماسية فارقة، أبرزها القمة العربية الإسلامية غير العادية التي أكدت على مركزية القضية الفلسطينية، والقمة السعودية الأمريكية التي تُوجت بتوقيع وثيقة شراكة اقتصادية استراتيجية.
ولم يقتصر دورها على الاستضافة، بل امتد إلى الوساطة الفاعلة، حيث احتضنت محادثات بين روسيا والولايات المتحدة، ولعبت دورًا محوريًا في الملف السوري، وهو ما تجلى في إعلان رفع العقوبات عن سوريا بعد مساعٍ حثيثة من ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، الأمير محمد بن سلمان، وجمع الأطراف المعنية على طاولة الحوار بالرياض، كما تجسد التزامها الإنساني في تسيير جسور إغاثية جوية وبحرية وبرية عبر مركز الملك سلمان للإغاثة لدعم الشعوب المتضررة في فلسطين ولبنان وسوريا واليمن.
اقتصاديًا، كان عام 1446 شاهدًا على نضج التحول الاقتصادي، مدعومًا بإصلاحات تشريعية عميقة كنظام الاستثمار الجديد الذي أسهم في رفع عدد المقرات الإقليمية للشركات العالمية إلى نحو 600 شركة، ومضاعفة حجم الاستثمار ليصل إلى 1.2 تريليون ريال.
وشهد هذا العام خطوة تاريخية باعتماد رمز جديد للريال السعودي لتعزيز هويته المالية عالميًا، كما عززت المملكة من استدامة القطاع العقاري عبر حزمة من القرارات التي نظمت السوق ورفعت الإيقاف عن أراضٍ حيوية شمال الرياض، مما يعكس حرص القيادة على تحقيق التوازن التنموي.
وتحولت المملكة خلال هذا العام إلى عاصمة عالمية للرياضة والترفيه بلا منازع، وكان الإنجاز الأبرز الفوز باستضافة بطولة كأس العالم 2034، كأول دولة تستضيف النسخة الأكبر من البطولة منفردة، وهو ما تبعه تأسيس “الهيئة العليا لاستضافة كأس العالم 2034” تأكيدًا على العزم لتقديم نسخة استثنائية.
وتواصل الزخم باستضافة المملكة للألعاب الأولمبية للرياضات الإلكترونية، وتحقيق فريق “فالكونز” السعودي لكأس العالم للرياضات الإلكترونية، إلى جانب فعاليات عالمية كبرى ضمن “موسم الرياض” الذي حطم الأرقام القياسية في عدد الزوار.
داخليًا، لامس المواطن والمقيم والزائر أثر المشاريع العملاقة التي تهدف لرفع جودة الحياة، فقد شهدت العاصمة افتتاح مشروع قطار الرياض، الذي يعد نقلة نوعية في منظومة النقل العام، بالإضافة إلى افتتاح أولى مراحل مشروع “المسار الرياضي”.
وتواصلت النهضة في المشاريع الكبرى مثل “نيوم” التي افتتحت جزيرة “سندالة”، و”الدرعية” التي أطلقت مشاريع تطويرية بمليارات الريالات، مما يؤكد أن عجلة التنمية تسير بوتيرة متسارعة في كافة أنحاء المملكة.
ولم تغب الإنجازات البيئية والعلمية عن المشهد، حيث عززت المملكة دورها كقائد عالمي في حماية البيئة باستضافة مؤتمر أطراف اتفاقية مكافحة التصحر “COP16″، وقمة “الكوكب الواحد”، وقمة المياه، بالتوازي مع مبادراتها الطموحة مثل “السعودية الخضراء”.
وعلى صعيد بناء الإنسان، حصد أبناء وبنات الوطن عشرات الجوائز والميداليات في الأولمبيادات الدولية في الرياضيات والفيزياء والأحياء والذكاء الاصطناعي، مؤكدين على نجاح الاستثمار في العقول الشابة التي ستقود مسيرة المستقبل.