أعادت الاحتجاجات الحاشدة في لوس أنجلوس إشعال الدعوات عبر الإنترنت لانفصال كاليفورنيا عن الولايات المتحدة، وهي الفكرة التي اكتسبت شعبية خلال أوقات عديدة تاريخيًا ولكنها لم تتقدم أبدًا إلى ما هو أبعد من الهامش.
هذه المرة، اشتعل الغضب بعد أن نشر الرئيس دونالد ترامب 2000 جندي من الحرس الوطني في مدينة لوس أنجلوس الواقعة في النطاق الجغرافي للولاية، عقب سلسلة من المداهمات العنيفة التي شنتها إدارة الهجرة والجمارك الأمريكية والتي أدت إلى اعتقال العشرات من المهاجرين غير الشرعيين.
تصاعدت المظاهرات بسرعة، ولجأ العديد من سكان كاليفورنيا إلى موقع “X” للتعبير عن دعمهم لانفصال الولاية عن الولايات المتحدة.
وفي وقت سابق من هذا العام، أُجيز رسميًا بدء جمع التوقيعات لمبادرة متجددة لانفصال كاليفورنيا عن الولايات المتحدة، ويسعى هذا الاقتراح، الذي قاده الناشط من فريسنو، ماركوس إيفانز، إلى طرح سؤال على ورقة اقتراع الولاية لعام 2028: هل ينبغي أن تصبح كاليفورنيا دولة مستقلة؟
يجب على المبادرة، التي وافق عليها مكتب وزير خارجية ولاية كاليفورنيا، جمع أكثر من 545 ألف توقيع صالح من الناخبين المسجلين بحلول 22 يوليو 2025، حتى تكون مؤهلة للتصويت.
مع ذلك، حتى لو وافق الناخبون، فلن يكون الاستقلال تلقائيًا، فوفقًا لقناة “فوكس نيوز”، سينشئ هذا الإجراء لجنة من 20 عضوًا مكلَفة بدراسة جدوى أن تصبح كاليفورنيا دولة ذات سيادة.
كما سيشكّل هذا الإجراء “تصويتًا رمزيًا بسحب الثقة” من الولايات المتحدة، دون أن يغيِّر على الفور هيكل حكومة كاليفورنيا الحالي أو علاقتها القانونية بالحكومة الفيدرالية.
وفي نهاية المطاف، يتطلب الانفصال الكامل تعديلاً دستوريًا أمريكيًا، يتطلب موافقة ثلثي أعضاء الكونغرس وثلاثة أرباع الولايات الأمريكية، وهو أمر شبه مستحيل في ظل المشهد السياسي الحالي.
ويؤكد دستور ولاية كاليفورنيا الحالي صراحة وحدتها مع الأمة، حيث تنص المادة الثالثة، القسم الأول، على ما يلي: “ولاية كاليفورنيا جزء لا يتجزأ من الولايات المتحدة الأمريكية”.
هذه اللغة القانونية، مقترنة بالسوابق الفيدرالية، تجعل أي محاولة انفصال أحادية الجانب رمزية ما لم يدعمها النظام القانوني والسياسي الأمريكي الأوسع.
ووفقًا للجمعية التاريخية الأمريكية، لا يوجد أي بند في دستور الولايات المتحدة يُتيح الانفصال.
ينص دستور الولايات المتحدة على جواز تعديله، ويحدد كيفية ذلك، ولكنه لا ينص، بصيغته الحالية، على تدميره، ولا على حل الحكومة، ودستوريًا، لا يمكن أن يكون هناك ما يسمى انفصال ولاية عن الاتحاد، كما جاء في النص.
من الجدير بالذكر أن الولايات المتحدة شهدت عمليات انفصال لولايات سابقًا، وكان ذلك في فترة الحرب الأهلية الأمريكية بين 1861 و1865.
في يناير عام 1861، أعلنت 7 ولايات جنوبية تعتمد على العبودية انفصالها عن الولايات المتحدة وشكلت ما عرف باسم “الولايات الكونفدرالية الأمريكية”.
تصاعد التوتر حول قضية العبودية وتمددها إلى الأراضي الغربية، مما أدى إلى هذه الانقسامات، وبحلول نهاية عام 1861، انضمت ولايات أخرى إلى الكونفدرالية، ليصبح عددها 11 ولاية.
اندلعت الحرب الأهلية في 12 أبريل 1861، وانتهت بانتصار الولايات الشمالية في عام 1865، مما أدى إلى إعادة دمج هذه الولايات في الاتحاد وإلغاء العبودية.