يونيو ٧, ٢٠٢٥
تابعنا
نبض
logo alelm
منشأة الجمرات.. رحلة تطوير مستمرة لتنظيم دقيق وخدمة الحجيج

تجسد منشأة الجمرات في مشعر منى قصة تطور استثنائي في خدمة ضيوف الرحمن، حيث بدأت كمشروع بسيط تحوّل عبر عقود من العمل والتطوير إلى صرح هندسي متقدم.

هذه المنشأة ليست مجرد مكان لأداء شعائر رمي الجمرات الثلاث: الصغرى، والوسطى، والكبرى (العقبة)، بل شاهدة على قدرة المملكة على إدارة الحشود باحترافية عالية، مما يعكس رؤية وطنية مستمرة لضمان سلامة الحجيج وتيسير مناسكهم في كل موسم.

تتكون المنشأة من خمسة طوابق، يبلغ ارتفاع كل منها 12 مترًا، مع قدرة استيعابية تصل إلى 300 ألف حاج في الساعة، وصممت أساساتها لتحمل توسعات مستقبلية تصل إلى 12 طابقًا، لاستيعاب خمسة ملايين حاج إذا دعت الحاجة.

متى بدأ التطوير؟

بدأت قصة تطوير جسر الجمرات عام 1975م، وشهد عدة مراحل توسعة وتطوير شملت زيادة العرض والطول، وتنفيذ منحدرات خرسانية، وإنشاء أبراج خدمات، ونظام إنارة وتهوية، وتعديل شكل الأحواض من الدائري إلى البيضاوي.

وفي عام 2006م، وبعد أداء مناسك الحج، تم هدم الجسر القديم واستبداله بمنشأة متعددة الطوابق حديثة، بهدف استيعاب أعداد أكبر من الحجاج وتسهيل حركة رمي الجمرات.

تقنيات متقدمة لتنظيم الحشود

تحتوي منشأة الجمرات على 13 نظامًا تقنيًا متقدمًا، من بينها نظام للمراقبة بـ 900 كاميرا، ونظام عدّ إلكتروني للحشود بـ 90 كاميرا، بالإضافة إلى نظام النداء العلني الذي يضم أكثر من 3000 سماعة، كما جرى تزويد المنشأة بنظام إدارة المباني (BMS وSCADA)، ونظام الطاقة غير المنقطعة (UPS)، ونظام إنذار وإطفاء الحريق، فضلاً عن أنظمة قياس جودة الهواء والرؤية في الأنفاق.

ويشمل مشروع الجمرات 456 مكيفًا صحراويًا و90 مروحة تعمل بالرذاذ، تسهم في خفض الحرارة إلى نحو 29 درجة مئوية، بجانب 78 مكيفًا مركزيًا و182 وحدة تكييف منفصلة. وقد خُصصت 104 مضخات مياه لتوزيع الرذاذ في أرجاء المنشأة.

مسارات وتوزيعات هندسية

حرصت الجهات المختصة على تصميم المنشأة وفق خطط تفويج دقيقة، تسهم في توزيع تدفقات الحجيج ومنع التكدسات. وتضم منطقة الجمرات 11 مدخلًا و12 مخرجًا موزعة في الاتجاهات الأربعة، إضافة إلى أنفاق أرضية لفصل حركة المركبات عن المشاة.

تم تجهيز نفق أرضي رئيسي وأربعة أنفاق تربط الشعيبين بالدور الثالث، إلى جانب أنفاق العزيزية المؤدية للدور الثاني، بطول إجمالي يقارب 3,485 مترًا، ما يعزز من انسيابية الحركة ويحد من الزحام.

ولتعزيز السلامة، جُهزت المنشأة بستة أبراج للطوارئ، ومهابط طائرات مروحية للطوارئ، بالإضافة إلى مصاعد ومبانٍ للخدمات تضم ثلاث محطات كهربائية ومولدات احتياطية، وسلالم كهربائية يصل عددها إلى 328 سلمًا منتشرة بين المداخل والمخارج والطوابق المختلفة.

تطوير مستمر لمواجهة الزحام

مرّت مراحل تطوير منشأة الجمرات بعدة محطات رئيسية، من بينها توسعات عامي 1982 و1987، الذين شهدا زيادات تدريجية في عرض الجسر، وتشييد منحدرات خرسانية تربط الطوابق، بالإضافة إلى إنشاء أبراج للخدمات ونظم تهوية.

وفي عام 1995، جرت تعديلات هيكلية وتنظيمية على الجسر، ثم أعقبها تطوير شامل في عام 2005 شمل تعديل شكل أحواض الجمرات من الدائري إلى البيضاوي، وتحديث الشواخص، وإنشاء مخارج طوارئ جديدة عند جمرة العقبة، وتركيب لوحات توجيهية تربط مباشرة بمخيمات الحجاج.

وفي عام 1436هـ (2015م)، تم تنفيذ توسعة إضافية للساحة الغربية بمساحة 40 ألف متر مربع، لزيادة الطاقة الاستيعابية وتحسين عملية خروج الحجاج من الجسر باتجاه مكة المكرمة.

منظومة متكاملة لخدمة الحجيج

أسهمت منشأة الجمرات الحديثة في توفير بيئة آمنة ومريحة لأداء شعيرة الرمي، ضمن منظومة متكاملة تشمل المظلات العلوية، السلالم المتحركة والثابتة، وشبكة من الشاشات الإرشادية واللوحات التوعوية متعددة اللغات.

وتُعد المنشأة نموذجًا فريدًا في إدارة الحشود، حيث تمتد شبكة الكاميرات من نهاية مزدلفة إلى ساحات الجمرات، ويُشرف على تشغيلها فريق متخصص يتابع الحركة ويوزّعها وفق خطط مرورية مدروسة.

من خلال منشأة الجمرات، تؤكد المملكة التزامها بتسخير أحدث الوسائل والتقنيات لخدمة ضيوف الرحمن، وضمان أمنهم وسلامتهم في أثناء تأديتهم لمناسكهم بكل يُسر وطمأنينة.

شارك هذا المنشور:

السابقة المقالة

إنفوجرافيك| ارتباك عالمي من قيود الصين على صادرات المعادن

المقالة التالية

علاقة ترامب وماسك.. من التحالف إلى القطيعة العلنية