كشفت أحدث البيانات الإحصائية الرسمية عن قفزة نوعية وغير مسبوقة في حجم استثمارات أمريكا التراكمية داخل السعودية، حيث سجلت أعلى مستوى لها تاريخيًا بنهاية عام 2024، لتؤكد الولايات المتحدة بذلك مكانتها كثالث أكبر مستثمر أجنبي في الاقتصاد السعودي على مستوى دول العالم.
قراءة تحليلية في مسار استثمارات أمريكا التراكمية
أظهرت الأرقام الصادرة عن الهيئة العامة للإحصاء، والتي رصدت حركة رؤوس الأموال عبر عقد كامل، أن الرصيد الاستثماري الأمريكي يسير في اتجاه تصاعدي قوي رغم بعض التذبذبات الظرفية، إذ ارتفع إجمالي الاستثمارات من 43 مليار ريال في عام 2015، ليغلق عام 2024 عند حاجز قياسي بلغ 68 مليار ريال، محققًا نسبة نمو سنوية لافتة بلغت 18%، وهي النسبة الأعلى منذ عام 2019.
وتوضح القراءة التفصيلية للبيانات أن استثمارات أمريكا التراكمية مرت بمحطات مفصلية تعكس متانة العلاقات الاقتصادية ومرونتها أمام التحديات؛ فبعد نمو ملحوظ في 2016 و2019 حيث وصل الرقم إلى 60 مليار ريال، شهدت الأعوام 2020 و2021 تراجعًا متأثرًا بتداعيات جائحة كورونا، حيث انخفض الرصيد بنسبة 17%، إلا أن السوق السعودية سرعان ما استعادت جاذبيتها، لتعاود الاستثمارات الارتفاع المتتالي بنسبة 11% في 2022، و6% في 2023، قبل أن تقفز القفزة الكبرى في العام الحالي.
ويأتي هذا الأداء الاقتصادي القوي ليعطي دلالات عميقة تزامنًا مع الحراك الدبلوماسي الرفيع، حيث غادر ولي العهد الأمير محمد بن سلمان إلى واشنطن في زيارة عمل رسمية استجابة لدعوة الرئيس دونالد ترمب، في توقيت تنظر فيه الدوائر الاقتصادية إلى استثمارات أمريكا التراكمية بوصفها مؤشرًا حقيقيًا على نجاح "رؤية 2030" في جذب رؤوس الأموال الأجنبية وبناء شراكات استراتيجية طويلة الأمد.
وتكتسب هذه الأرقام زخمًا إضافيًا في ضوء المباحثات المرتقبة في المكتب البيضاوي، والتي تهدف إلى تعزيز الشراكات الاقتصادية ودفع عجلة التعاون في قطاعات جديدة، حيث يرى مراقبون أن وصول الاستثمارات إلى 68 مليار ريال يمثل أرضية صلبة لانطلاق "فصل جديد" من العلاقات، كما وصفتها السفيرة الأميرة ريما بنت بندر، مما يرجح استمرار المنحنى التصاعدي لتدفقات رؤوس الأموال في السنوات المقبلة.
ويعكس تصنيف أمريكا كثالث أكبر مستثمر دولي في المملكة، مدعومًا بنمو سنوي بلغ 18%، نجاح البيئة التشريعية والاستثمارية السعودية في كسب ثقة المستثمر الأمريكي، وهو ما يتوقع أن يتعزز بشكل أكبر مع مخرجات زيارة ولي العهد التي تضع الملف الاقتصادي في صلب اهتماماتها لضمان استدامة نمو استثمارات أمريكا التراكمية وتوسيع نطاقها.
